“تفقد جارك”… مبادرة لإنقاذ العالقين معيشياً في السودان

وسط الحصار المعيشي الذي تسببت فيه الاشتباكات في السودان، أطلق مجموعة من الشباب مبادرة عرفت باسم “تفقد جارك” بهدف إنقاذ العالقين معيشياً، لا سيما في العاصمة الخرطوم، الذين نفد مخزونهم السلعى، بينما توقفت عجلة الحياة.

يقول حسن إسماعيل أحد القائمين على المبادرة إن “تفقد جارك” تقوم بحصر الأسر التي لم تغادر الخرطوم، “حيث أنشأنا صندوق تبرعات يعنى بتقديم الدعم المادي والعيني للمواطنين في هذه المناطق، والأولوية في الصرف للأسر التي تعول الأطفال، كما تعمل على تكوين احتياطات سلعية لاستخدامها في حالة الطوارئ في ظل إغلاق الطرق والمرافق الصحية”.

وأدى الاقتتال بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و”قوات الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي” إلى تداعيات سلبية سريعة على الأوضاع المعيشية والأمنية في البلاد، حيث جاء في وقت تعاني فيه البلاد بالأساس من أزمة اقتصادية طويلة الأمد وتزايد الاحتياجات الإنسانية على نطاق واسع.

وتسبب الانفلات الأمني في انتشار أعمال النهب والسرقة وحرق المؤسسات والشركات، ما أدى إلى إغلاق الأسواق والمتاجر أبوابها، ونزحت معظم الأسر من الخرطوم باتجاه ولايات أخرى آمنة أو باتجاه الدول المجاورة.

يشير إسماعيل إلى أن مبادرة ” تفقد جارك” وجدت تجاوباً في العديد من أحياء الخرطوم، التي استطاع كثير من التجار نقل بضاعتهم من الأسواق إلى منازلهم خوفاً من السرقة والحريق، حيث ساهموا في المبادرة بطريقة فاعلة.

من ناحية أخرى شكا مواطنون من تدهور التطبيقات المصرفية، التي حرمت كثيرا منهم من الاستفادة من تحويلات أقاربهم في الخارج، ما زاد من الصعوبات المعيشية التي يواجهونها.

ومع اشتداد الأزمة المعيشية لجأت أسر كثيرة إلى عرض مقتنياتها للبيع بأي سعر، لكنها لم تجد من يشتري لانعدام السيولة في أيدي المواطنين.

تقول آسيا خلف الله ربة منزل إنها عرضت أسطوانة غاز للبيع لحاجتها الشديدة لشراء دواء لطفلها المريض، لكنها لم تجد مشتر بأي ثمن. كما قالت بدرية عز الدين إنها لجأت إلى بيع بعض مقتنياتها بثمن بخس بغرض توفير بعض الأموال من أجل التنقل للحاق بأسرتها فى حلفا الجديدة هرباً من الأوضاع الحالية.

ولم يسلم كثيرون ممن تركوا منازلهم واستقروا في ولايات أخرى من المعاناة المعيشية، حيث قالت فتحية إسحاق التي تعمل معلمة في أم درمان، إنها ذهبت إلى ولاية الجزيرة برفقة أبنائها هربا من الحرب في الخرطوم، مضيفة: “ما إن استقر بنا المقام في منطقة آمنة حتى واجهنا صعوبة فى المعيشة فاضطررت إلى عرض بعض ما أقتنيه من مشغولات ذهببية، لكن فوجئت بالسعر المتدني الذي عُرض علي من قبل تجار الذهب في مدينة مدني عاصمة ولاية الجزيرة، ورغم ذلك اضطررت للبيع لتدبير احتياجات العيش”.

ومع استمرار الحرب وتوقف الأعمال ونزوح الكثيرين، توقع خبراء انعكاس ذلك على المجتمع خاصة في الخرطوم ويمتد أثره إلى الولايات المنتجة، خاصة أن الموسم الزراعي على الأبواب، مشيرا إلى أن استمرار الحال سيؤدي إلى فشل الموسم القادم ما يؤثر بشكل حاد على مستويات الأسعار والمعروض من السلع.

يقول المحلل الاقتصادي أحمد خليل، إن الوضع الحالي يتسبب في ارتفاع تكاليف الإنتاج خاصة ما يتعلق بتوفير الوقود، ما يؤدي الى ارتفاع أسعار المحاصيل الزراعية. وما يزيد من الأزمة هو توقف عمليات الاستيراد، إذ أعلنت مجموعة مولر ــ ميرسك العملاقة لشحن الحاويات، في بيان لها نهاية إبريل/ نيسان الماضي، أنها أوقفت تلقي حجوزات جديدة للبضائع للسودان، بسبب الاشتباكات الدائرة في البلاد.

وقبل الاشتباكات الأخيرة، كان السودان يواجه بالأساس صدمات معيشية واضطرابات اجتماعية، وسط ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي أدت إلى الفقر والجوع والنزوح، وفق تقرير حديث للجنة الإنقاذ الدولية، وهي منظمة غير حكومية عالمية مختصة بتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثة والتنمية، مشيرة إلى أن 39% من السكان يعانون من مستويات قصوى من انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية.

العربي الجديد

Exit mobile version