عروسان سوريان فرا من الخرطوم لدنقلا: جيراننا أنقذونا

في مركز صحي “مراغة” بضواحي مدينة دنقلا، التقت “التغيير” زوجين سوريين نزحوا شمالاً بعد اندلاع حرب الخرطوم حيث أمضيا “شهر العسل” وسط القتال.

ملجأ ولكن!

نسمات الهواء الساخنة في نهار دنقلا القائظ يحرك يمنة ويسرة تلك الملاءة التي وُضعت كستار يختبئ خلفها سريران وابريق ماء على الأرض، هي المساحة التي تضم العروسين الشابين من الجنسية السورية، في مركز صحي حي مراغة الذي يضم بعض الفارين من حرب الخرطوم.

تُحاول العروس التي حضرت للسودان للمرة الأولى في حياتها لتنضم لزوجها الشاب الذي قضى 6 سنوات يعمل في مجال العطور بسوق سعد قشرة بمدينة بحري، أن تعدل خمارها بين الفينة والأخرى، مقحمة عبارات اعتذار مبطنة عن عدم ترتيب هندامها.

“والله انا كنت ما اخرج ‘لا وحالي مرتب، لم أرتد مثل هذه الملابس من قبل”. لكن الخوف من اندلاع الحرب وانقطاع المياه والكهرباء أجبرها على الفرار وهي لا تحمل الا القليل من الملابس والاحتياجات.

فبعد شهرين فقط من وصول العروس (س) من بلادها سوريا للخرطوم، اشتعلت الحرب، وقبل أن توثق علاقتها بالخرطوم وتتعرف على جيرانها، اضطرت للنزوح شمالاً مع زوجها.

للمفارقة، لم تر العروس العشرينية الحرب في بلادها طوال سنوات اشتعالها، إلا أنها المرة الأولى التي تعايش فيها اشتباكات مسلحة مباشرة طيلة 10 أيام بالعاصمة الخرطوم قبل الفرار! “كانت ضيعتنا بعيدة عن الحرب”.

البحث عن الأمان

احساس الغربة فاقم صوت الاشتباكات المسلحة لدى الزوجين السوريين، فقاما بدق باب الجيران، حيث وجدا في الأنس القليل من الطمأنينة.

وعندما قرر الجيران الذهاب إلى منطقة جذورهم طلب الزوجين مرافقتهما، وكانت هي المرة الأولى التي يخرجون فيها من الخرطوم.

“أخبرونا أن دنقلا مدينة تبعد مسافة 6 ساعات تقريباً عن الخرطوم وأنها بعيدة لكننا لم نهتم، كُنا فقط نريد الإبتعاد عن الحرب”. الزوج الذي فضل عدم الكشف عن هويتهما، قال إنه كان يتوقع أن تنتهي الحرب خلال أسبوع ويعود بعدها لعمله وحياته.

وفور وصوله مع جيرانه لمدينة دنقلا رفض الذهاب معهم لمنزل أقاربهم، “لم نرد أن نضغط عليهم في ظل هذه الظروف”، وظن أنه سيجد شقة مفروشة أو غرفة يقيم فيها مع عروسه، لكنه لم يجد.

مبادرة أبناء “مراغة”
وبعد بحث عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وجد أصحاب مبادرة استقبال الوافدين من الخرطوم بحي مراغة واتصل على هاتفهم.

بالنسبة للعروس الشابة، تُذكرها مدينة دنقلا بضيعتها: بساطة الناس ذاتها والشجر والجنائن، إلا أنها تشتكي من حرارة الجو الزائدة.

ضحك زوجها من تعليقها، وقال إنه تعود على شمس السودان، لكنه ضم صوته لزوجته بأن حرارة الشمس في دنقلا زائدة قليلاً!

على الرغم من التشريد والغربة وعدم تمكنهم من التواصل مع ذويهم بسبب ضعف الشبكة، لكن يبدو أن الزوجين يبذلان مجهوداً كبيراً للتاقلم، مؤكدين تعودهما على الطعام السوداني التقليدي المميز لدى أهل الشمال (القراصة).

قال الزوج: “ابحث عن عمل ونتجول مساء في المنطقة”، وبلهجة سودانية أكد: “ما قاعد ساكت”!


انضم لقناة الواتساب - اضغط هنا

انضم لقروب الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.