لو انت من الناس اللي بتفتكر انه الحرب اللي في السودان هي عبارة عن صراع على السلطة بين حميدتي والبرهان، ما تقرا المنشور بتاعي دا..
واصل في قراءة المنشور اذا انت واعي بحجم المؤامرة اللي بتحاك ضد السودان ومن عدة محاور، محور صغير داخلي وهو/هم عبارة عن ادوات، ومجموعة محاور خارجية،
اذاً السودان في مرحلة أن يكون أو لا يكون، هي مسألة وجودية، بان (يكون) هناك بلد على خارطة العالم اسمه السودان أو (لا يكون) ابداً..!
اذاً صديقي العزيز، افترض انك الآن مِن مَن يعي ويدرك المشكلة وأصل هذه الحرب،
لا مجال هنا لإختزال فكرة أن الحرب قد بدأت في منتصف ابريل، او أن الاتفاق الاطاري هو السبب، ذلك سيكون نوع من عدم النضج او قصر النظر، كذلك فكرة أن هذه الحرب بدأها (الكيزان) ليرجعوا إلي سدة الحكم، هذه الفكرة قمة التفكير الطفولي او نوع من دفن الرؤوس في الرمال،
ما نراه أو نسمعه على وسائل الإعلام ، وجل ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي ، هو ما يريد منا صناع الفكرة الأساسية أن نفهمه أو نعرفه، بينما تبقى الحقيقة محبوسة ، ويتم تخوين واغتيال شخصية كل من يتحدث عنها، لتموت معه الحقيقة ولا تجد لها آذانا صاغية، الا عند من رحم ربه وظل ينظر بعين البصيرة.
الجيش السوداني، والله لا أعلم أعظم منه في كل جيوش العالم الحالية، وإن كان في (بعض) قياداته نظر وكلام، لكن الآن ليس الوقت المناسب لتناول هذه المسألة، فتلك معركة مؤجلة. عظمة الجيش التي اتحدث عنها الآن لها اسباب:
يحق لي أن اتعجب من رجال يقاتلون بكل هذه البسالة وبيوتهم عورة، لا مال ولا طعام، اهلهم جياع، والطابور الخامس يطعنهم في ظهورهم، لعل الواحد ان رجع إلى بيته، في لحظة استراحة محارب، لوجد جميع أهل بيته قتلى، بوشاية من مرتزق عميل، سالة لعابة لحفنة من الجنيهات،
وحق لي ان اتعجب من رجال يقاتلون وهم عطشى وبطونهم خاوية، لو كنت -يا عزيزي- تعرف ما الجوع أو مررت به ايها المنعم، لعرفت ذلك من شفاههم المتشققة وبطونهم الضامرة…
الجيش السوداني، اشبه سيدنا الصديق رضي الله عنه في خصلة، حينما قال (تركت لهم الله ورسوله)، كذلك جيشنا خرج وترك لأهله (الله ورسوله صلى الله عليه وسلم)، كيف لا اتعجب منهم وهم (وغيرهم كثير) لم تعرف المرتبات الى جيوبهم سبيلا لعدة اشهر، فلم يتذمروا أو يتقاعصوا ، بل رموا كل الهموم وراء ظهورهم، وجعلوا الله والوطن نصب اعينهم، وصبوا فيه جل اهتمامهم..
لله درهم،
وسدد الله رميهم..
يا صديقي، قبل أن تسلق الجيش بألسنة حداد وتكثر على أدائه من الانتقاد، هل تعرف أو تعلم أو (حتى) تحس وتشعر بما يمرون به؟!!! دع عنك التكتيك الحربي، واوامر القادة، فاثناء المعارك -في بعض الاحيان- يُفقد الاتصال، وعندها تكون وحدك تحت وابل الرصاص، تخشى في لحظة لو رفعت اصبعك ان تبتره طلقة، او تسقط عليك (دانة) تفقدك ملامح البشر وتجعلك كومة لحم او فحم .. لكنك تصبر وتصابر وترابط وتكمل المسير .. لست موعود ببيت تحتله وتنكح جميلته وتتمتع بامواله، بل موعود بان تفقد نفسك التي بين جنبيك او تفقد جميع اهلك..! لكنك تضع الله والوطن امامك وتقابل وابل الرصاص بصدر عارٍ .. ايها المنتقد لجيش السودان من غرفتك المكيفة ومن خلف الكيبورد، لعله أمامك لذيذ الطعام من يد امك او اختك أو زوجتك، استح على وجهك، فإن لم تنل شرف البطولة بالدفاع عن الوطن كالرجال، فحافظ عليه بشرف الكلمة الطيبة، فهذا (الرجل) يدافع عن ترابك، وعن شرف امك واختك وأهلك جميعا،
ولا يريد منك جزاءا ولا شكورا..
الموقف التالي، ارجو ممن يعرف اصحابه أن يسترهم، أنا اذكره هنا لا لمسألة شخصية، ولكن ضربا لمثل..
حافلة تتجه إلى خارج الخرطوم، وتمر بمنطقة يسيطر عليها قوات من المرتزقة، قاموا بإيقاف الحافلة، ولمح أحدهم إمرأة جميلة داخلها، صعد إلى الباب وقام بتعيينها وامرها بالنزول .. وكان بالحافلة (رجال) كثر، لم يتحرك منهم أحد، والمرأة ترتجف وتترجى، والكل مسبل مقلتيه إلى الأرض .. كنت والله أتمنى ان يموت هؤلاء “الرجال” جميعا دفاعاً عن هذه المرأة، لكنهم كانوا كأن على رؤوسهم الطير … ابشركم، هذه المرأة يسر الله لها من أنقذها، والحمد لله.. ولكن، والله لا استطيع أن أفكر في كل من ينتقد الجيش الآن إلا أنه من نوع هؤلاء المخلوقات التي من فصيلة الذكور التي كانت بهذه الحافلة .. إن لم تقل خيرا -على الأقل- (ايها المخلوقات) امسكوا اقلامكم عن رجال الجيش السوداني، فهم قد نالوا كلمة (رجال) استحقاقا بالعطاء..
يسعون إلى نصر أو شهادة..
شوقاّ واشتهاء…
هذا، وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله الا أنت، استغفرك واتوب اليك،
د. عبد المحمود النور
المصدر: النيلين