خريف الخرطوم.. استعدادات بعد موصة الجالوص.. حالة مكررة

على كثرة ما يواجه سكانها من مصاعب في الحصول على لقمة العيش درجت الخرطوم على استحداث قضية جديدة تطل برأسها مع مطلع كل فصل للخريف، وكأنها تريد أن تغرق في (تفاتف) القضايا.. ولهذا تظل ومحلياتها السبع تغط في سباتها إلى أن تمطر السماء في مواعيدها المعروفة للجميع في المدن والأرياف والبوادي وتجرف السيول الأحياء وتغلق الطرقات وتركد على الميادين والمنافذ؛ حينها فقط تصحو الخرطوم من نومها وتنطلق تستجد المنظمات وفاعلي الخير بالداخل والخارج لمعالجة الأضرار الناتجة عن السيول التي كان يمكن تداركها لو تم فتح المجاري وإزالة الأنقاض وردم المصارف الرئيسة والفرعية بالأسواق والأحياء.. جولة خاطفة بعدد من الأحياء كشفت أن خبر الخريف الذي بدأ لم يطرق أذان المحليات بعد كما نُبيّن أدناه:
ذكرى حزينة
لن تنمحي من الذاكرة في القريب العاجل، ذكرى السيول التي ضربت محلية شرق النيل قبل ثلاثة أعوام، وأحدثت خسائر وأضراراً لا يزال المواطنون يعملون ليل نهار على معالجتها.. فمئات المنازل والكثير من المزارع والحيوانات ذهبت ضحية لتلك السيول التي تركت خلفها آثاراً كثيرة بعضها غير منظور تمثل في تراجع أسعار الأراضي وضعف رغبة الناس في العودة للسكن في المناطق المنكوبة، فعدم معالجة السبب الذي جعل سيول منطقة البطانة كلها تنحدر لداخل العاصمة كفيل بتنبيه المواطنين من خوض تجربة العودة للسكن في نفس الأماكن القديمة، بحسب (التوم عبيد الأمين) من المنطقة الواقعة بالقرب من قرية حطاب، التي كانت أشد المناطق ضرراً ذاك العام، ويرى (التوم عبيد) أن القضية ليست وضع متاريس لصد السيول في المستقبل فحسب، بل هى الالتفات للمصارف والمجاري داخل المنطقة، فلم يَقدِم أحد على فتحها بعد، إذ لا تزال (المجاري) مغلقة بأوساخ العام المنصرم، وهو ما يجعل احتمال تكرار الغرق هذا العام وارداً جداً إذا ارتفع معدل هطول الأمطار لنسبة متوسطة فقط، ولم تتم معالجة خاطفة في بقيت الأيام.
الحال يشبه بعض
دعك من حطاب وشرق النيل والمناطق الطرفية البعيدة، تلك يفتقر سكانها للخدمات كافة ولا غضاضة في نظر المحليات إذا غرقت، فقط تعال معي لوسط الخرطوم، فهل رأيت مصرفاً تم فتحه حتى الآن والخريف بدأ يطرق على الأبواب؟!
هكذا تساءل (عبدالله جابر) صاحب متجر بالسوق العربي، حين سألناه عن رأيه في استعداد ولاية الخرطوم للخريف هذا العام. وأضاف “الاستعدادات للخريف هذا العام لم تنطلق بعد، بحسب متابعتنا نحن كمواطنين، فلم نر بعد جهة ما تعمل في تنظيف المجاري أو ردم مصارف، فالحال على ما هو عليه منذ العام الماضي، وهذا سوف يجعل الخريف كارثيا بالخرطوم التي لم تتعاف بعض أحيائها من أضرار الأعوام الماضية”. وأردف (عبدالله) بقوله “يكاد المرء يجزم بأن أحدا بمحليات الخرطوم لم يلتف بعد لوضع استعداد لكيفية تصريف مياه الأمطار وتجنيب الأسواق والأحياء الغرق والأضرار، ولن يستطيع كائن من كان اللحاق السباق مع الأمطار التي يتوقع أن تهطل بنهاية هذا الشهر، وهو وقت غير كاف لأي معالجة في القصور الحال”.
البحث عن كاهن
لا أحد يستطيع التكهن بالحلول التي وضعتها ولاية الخرطوم لمجابهة الخريف هذا العام، على حد وصف (علي الطيب) يسكن الحارة (30) بأم بدة، فهو يؤكد أن حلول ومعالجة المشاكل الناتجة عن السيول في السنوات الماضية لم تكن شاملة بدليل أن هناك مواطنين تضرروا من الأمطار وتم حصرهم حينها، ولا يزالون في انتظار التعويض الذي لم يصلهم حتى هذه اللحظة، ويضيف (علي الطيب) أن الوضع هذا العام سوف يكون الأسوأ بمنطق أن لا أحد شاهد استعدادا يجري على الأرض، فالأسباب التي جعلت الحارة (30) تغرق في شبر ماء في العام الماضي لا تزال قائمة وتتمثل في إغلاق كامل للمصارف على قلتها ووجود أنقاض كثيرة تسد المنافذ التي كانت مياه الأمطار تتصف عبرها فإذا لم يتم عمل عاجل وبخطة محكمة، فإن المواطنين موعودون بخريف مليء بالكوارث والمصاعب الناتجة عن السيول ومياه الأمطار لا محالة، ومهما يكن من شيء فإن تجاهل ولاية الخرطوم وتأخر البدء في الاستعداد لفصل الخريف، فسوف يجعل حال الناس شبيهة بمعاناتهم في فصل الصيف مع انقطاع التيار الكهربائي.

اليوم التالي

Exit mobile version