فيما كان الإعلام العالمي يتحدث عن “فوضى الأخبار في تركيا”، إثر إعلان محاولة انقلاب عسكريّ، ويُحاول استقاء المعلومات الواردة، لمعرفة حقيقة ما يحصل، كانت قناتا “العربيّة” و”سكاي نيوز عربيّة” وقنوات النظام السوري في مكان آخر، في موقع يحسم حصول الانقلاب العسكري في تركيا… لا بل ينقل أخباره بحماس ويُهلّل لحصوله، ما ظهر جلياً عبر تعليقات المذيعين والضيوف على تلك القنوات، الذين تحدثوا عن “حرب أهلية مرتقبة في تركيا”.
هكذا، حاولت “العربية” مقارنة ما يحصل في تركيا بالانقلاب العسكري في مصر عام 2013، معتبرةً إياه “ربيعاً عربياً”، فقالت مذيعة القناة “هناك مقارنات مع ما حصل في مصر، والربيع العربي هناك”، متوجّهة بالحديث لضيفها في الاستديو سمير التقي، مدير مركز “الشرق” للبحوث، والذي قال إنّ “الانقلاب لم ينجح بعد، وحزب العدالة والتنمية ما زال يتلقى الصدمة”.
كما سألت المذيعة “هل يُمكن أن تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه في تركيا، أو أن تتحول الأمور إلى حرب أهليّة، خصوصاً أنّ الشعب التركي يحمل السلاح؟”، ليردّ التقي بأنّ هناك تنازعاً على السلطة واحتمال حصول الحرب الأهليّة. لتعود المذيعة وتقول إنّ ما حدث في تركيا غير واضح.
وأمام صور واضحة لتجمهر كبير لأنصار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأصوات إطلاق الرصاص الكثيف عليهم في الساحات، قالت المذيعة إنّ “الجيش يطلق النار في الهواء لتفريق المتظاهرين لكنّهم لا يخافون، ويُعتقد أنهم يؤيدون حزب العدالة والتنمية”.
وسألت قناة “العربية” ضيفها سلطان حطاب، مدير دار العروبة للدراسات السياسية (عمّان)، إن كان أردوغان قد فشل في ترميم العلاقة مع المؤسسة العسكرية منذ استلامها السلطة، والذي أكّد بدوره أنّ “تركيا ستكون امتداداً لحالة الربيع العربي”.
وبينما كان ضيفها عبر الهاتف، الكاتب الصحافي عمر كوش (إسطنبول) يُشير إلى الأعداد الكبيرة للمتظاهرين في تركيا دعماً لأردوغان ورفضاً للانقلاب، أصرّت المذيعة على أنّ هناك مؤيدين للانقلاب ومعارضين له في الشارع.
على “تويتر” أيضاً، كانت نبرة الأخبار عبر حساب “العربية”، والتي تنقل الأنباء التركيّة “حماسيّة”، حيث بدت الأخبار حاسمة تجاه ما يقوله الجيش التركي، عند إعلان بعض قادته سيطرتهم على البلاد وحصول الانقلاب.
وكانت قناة “سكاي نيوز عربية” متحمسة تجاه الأخبار. إذ، وأمام مقاطع فيديو تُظهر إطلاق نار من طائرات على المتظاهرين في إسطنبول، سأل المذيع إن كانت هذه “النهاية الحزينة” لأردوغان، ليردّ الكاتب عبدالله زغيب (بيروت) مؤكّداً أنها “النهاية في حال نجح الانقلاب أم لا”.
وكتبت القناة خبراً أسفل شاشتها، يقول: “التصدي بالذخيرة لمجموعة حاولت خرق الحظر”، بينما لم تعرض صور متظاهرين في الساحات التركيّة، بل عمدت إلى نقل صور الحاملات العسكرية وسيارات الإسعاف، بالإضافة إلى صور مواطنين يلتقطون صور “سيلفي” أمام جسر البوسفور، لتعود وتعرض بعضاً من تلك الصور بعد حوالى ساعة ونصف من خروج المتظاهرين.
كما سأل مذيع “سكاي نيوز” عن احتمال حصول اشتباكات بين المؤسسات العسكريّة التركيّة، ليعتبر الباحث في الشؤون الاستراتيجية حسن عبد ربه (لندن) أنّه “لا يعتقد حصول ذلك، بل هناك انفصال بين الرؤية العسكرية والرؤية السياسية”، معتبراً أنّ ما يحصل هو “انقلاب على الأتاتوركية السياسية والفساد”. ورأى عبد ربه أيضاً أنّ “الدول (الغربية) تترقب ما يحصل، إن تم الانقلاب أو استعاد أردوغان أرضيّته، وهو أمر مشكوك فيه”، كما قال.
من جانبه، اعتبر الباحث السياسي محمد الزغول (أبو ظبي) أنّ “ما حصل يؤكد أن لا أصدقاء لتركيا خارجها”. وفيما اعتبر أنّ هناك مشكلات توقعات في المنطقة، قال إنّ التغييرات في العلاقات الخارجيّة دليل على أنّ أردوغان كان يرى أنّ هناك أمراً خطيراً في الداخل، وبسبب تقارير مخابراتية تؤكد أن الانقسام سيؤثر على السلطة”.
وسأل مذيع “سكاي نيوز” مجدداً، ضيفه، عن نهاية أردوغان و”الصورة المضرّجة بالضعف”، ليعتبر الزغول أنّ “أردوغان وحزب العدالة والتنمية لا يمكن أن يعودا كما كانا سابقاً لأن الانقسام سيؤثر على ما يحصل”، قبل أن يُعرب عن خشيته من “حصول حرب أهليّة في البلاد”.
من جهتها، دخلت التلفزيونات السورية الرسمية التابعة للنظام، على خطّ التهليل للانقلاب، فأكّد تلفزيون “سما” بكلّ “سرور” عبر مذيعه، وقوع الانقلاب، ونقل أنباء الاحتفال بذلك، لا بل وصل الأمر إلى وصف أردوغان بـ”الهارب”.
كما قال المذيع، حين إجرائه مقابلة مع الكاتب السياسي عقيل محفوظ (دمشق): “بأقصى حالات التشاؤم، ماذا لو بقي أردوغان في الحكم؟”. وتبادل الاثنان الاحتفال بما يحصل في تركيا.
العربي الجديد