دخل يوسف هاشم، وهو شاب في العقد الثالث من عُمره، عالم التسويق الإلكتروني في أواخر العام 2019، بعد أن شعر أن وظيفته الأساسية بإحدى شركات السيارات لم تساعده على تأمين مستقبله المالي، حتى أن دخله لم يحقق له ما يُمكنه من توفير احتياجاته الأساسية على مدار الشهر.
يقول يوسف لدى حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إنه فكر في استغلال شبكة الإنترنت بأن يتعلم مهارة التسويق الإلكتروني الذي باتت تشكل ركناً مهماً في مستقبل التسويق، فلجأ بداية بمتابعة فيديوهات تعليمية كبديل عن الدورات التدريبية المدفوعة، إضافة إلى مطالعة بعض الكتب المتعلقة بالمجال مجاناً على شبكة الإنترنت.
قرر يوسف أن يتعلم ويطور من مهاراته بالتوازي مع عمله الأساسي في البداية، وكانت الفترة الخاصة بجائحة كورونا في العام 2020 والإجراءات الاحترازية وقرار العمل من المنزل فرصة من أجل أن يستكمل مشواره التعليمي، إضافة إلى البحث عن فرصة عمل مناسبة في مجال التسويق الإلكتروني، من خلال أحد التطبيقات التي تتيح توفير فرص للعمل عن بُعد، مستهدفاً أن يمارس ما تعلمه وتدريبه عليه بشكل عملي، بحسب قوله.
خلال تلك الفترة لم يلتفت إلى المقابل المادي، لكنه كان مهتمًا بأن يصقل مهاراته التي تعلمها ويحصل على خبرات عملية تؤهله لفرص عمل أكبر، تساعده أن يعمل بشكل حر في وقت لاحق. ويشير إلى أن ما خطط له أصبح واقعاً بعد فترة زمنية بسيطة، بالانتقال لفرصة عمل بمقابل أكبر، كخطوة أولى ومن ثم أصبح له استثماره الخاص، بعد أن أسس شركة توفر كل ما يتعلق بمجال التسويق الالكتروني.
تطبيقات وأدوات
تجربة يوسف هي واحدة من تجارب عديدة ومختلفة بنى أصحابها حياتهم المهنية بناءً على ما تعلموه من الإنترنت، من خلال توظيف واستخدام التكنولوجيا لتحسين وضعهم المالي، واستخدامها بشكل فعال يساعد الفرد على تحقيق أهدافه المالية.
بدوره، أشار أخصائي التطوير التكنولوجي، هشام الناطور، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن ما تعرض له العالم من أزمات اقتصادية وجيوسياسية خلال السنوات الأخيرة، إضافة إلى جائحة كورونا، أدى إلى أن يتجه العالم للعمل عن بُعد، وهو ما أثبت أن التكنولوجيا قادرة على إحداث تغيير وتوفير الكثير من التكاليف، إضافة إلى المساعدة على الادخار.
وأضاف أن التكنولوجيا طورت الكثير من مناحي الحياة، وفي نفس الوقت أصبحت مصدراً للدخل بالنسبة للكثيرين، لافتاً إلى أن بعض الأشخاص استغلوها ليحققوا دخلاً كافياً منها، والبعض الآخر قرر أن يستغني عن وظيفته الأساسية واتجه نحو صناعة المحتوى وعالم التكنولوجيا والعمل بمنصات التواصل الاجتماعي، ليحققوا مدخرات كبيرة لم يستطيعوا تحقيقها عن طريق وظائفهم السابقة.
أوجه إضافية
تجربة الشاب المصري المذكورة تعد وجهاً من الأوجه المتعددة لاستغلال التكنولوجيا، فهناك أوجه أخرى عديدة تساعد على تحسين الوضع المالي باستخدام التكنولوجيا، ومن بينها:
تتبع المصروفات وإدارة الميزانية: من خلال تطبيقات شهيرة عبر الإنترنت تسمح للشخص بمراقبة دخله ونفقاته بشكل مباشر، كما تمكنه من إنشاء فئات المصروفات وتلقي تنبيهات حينما تتجاوز ميزانياته.
تطبيقات الادخار والاستثمار: تتنوع أشكال تلك التطبيقات، ومنها ما تتيح مبالغ صغيرة تلقائياً للاستثمار، وأخرى تتيح الاستثمار في الأسهم بشكل ميسر.
التعلم وتطوير المهارات: مثل منصات التعليم عبر الإنترنت، والتي تتيح تعلم مهارات جديدة أو تطوير المهارات الحالية، مما قد يزيد من فرص زيادة الدخل.
العمل الحر عبر الإنترنت: يمكن للشخص العمل كمستقل عبر الإنترنت في مجالات مثل التصميم والكتابة والمونتاج والتسويق الرقمي وغيرها، وهو يفتح بذلك أبواباً للدخل الإضافي.
تطبيقات إدارة الديون: فإذا كان لدى الشخص ديون، يمكنه استخدام تطبيقات لإدارة الديون وتسديدها بشكل فعال.
منصات العمل الحر والبحث عن وظيفة: مواقع مختلفة تمكن الشخص من العثور على مشاريع عمل حر وكسب دخل إضافي.
الذكاء الاصطناعي
ويضيف الناطور إلى تلك الأوجه التي يمكن من خلالها توظيف التكنولوجيا الحديثة لتحسين الوضع المالي للأشخاص، ما يرتبط بالتقدم الهائل في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، موضحاً أن “كثيراً من الشباب اتجهوا أخيراً لاستغلال مواقع التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا لخوض تجربة تحسين الوضع المالي والادخاري، حتى أصبحت الفرصة أكبر بوجود الذكاء الاصطناعي، إلى جانب المزيد من التطبيقات في هذا الصدد”.
وأوضح أن هناك نوعين من التطبيقات المساعدة على تحسين الوضع المال؛ النوع الأول ما يتعلق بالتطبيقات المستخدمة في ترشيد ميزانيات الأفراد والدخل الشهري، وتحقيق الاكتفاء المالي على مدار الشهر، والتي يستطيع من خلالها الفرد أن يقوم بتوزيع دخله الشهري في الفترة من بداية الشهر حتى نهايته، وهي تعمل على تقسيم الدخل الشهري بنسب معينة تلزم الشخص بها، ومنها تطبيق Money Manager الذي يتيح للشخص التخطيط المالي والمراجعة وتتبع النفقات وإدارة الأصول الشخصية.
ومن بينها أيضاً تطبيقات مثل Budget Expenses Tracker (تطبيق يساعد المستخدمين على السيطرة على مصاريفهم الشخصية وطرق إنفاقها لمساعدتهم على الادخار)، وExpenses Manager وSpending Tracker الذي يساعد على تحديد الميزانية الشخصية، كما يجنب الشخص أي مفاجآت قد تتعرض لها ميزانيته في نهاية الشهر، وتطبيق My Money ، وغير ذلك من التطبيقات.
أما النوع الثاني من التطبيقات هو ما يتعلق بمن لديهم دخل شهري لكنه لا يحقق لهم الاكتفاء، ويكونوا في حاجة دائمة لدخل إضافي، أو من ليس لديهم دخل شهري من الأصل، ويبحثون عن فرص عمل، ومن بين تلك التطبيقاتRobinhood الذي يتيح فرصة لإدارة المال والاستثمار عبر تداول الأسهم وصناديق الاستثمار المتداولة، وFreelancer الذي يتيح فرص العمل الحر لأصحاب المهارات المختلفة، على سبيل المثال الرسامين ومصممي المواقع والمبرمجين وخبراء تحسين محركات البحث وخبراء التسويق والمترجمين والكُتاب.
وكذلك تطبيق Upwork for Freelancers الذي يتيح فرص عمل مستقلة حيث يقوم بالربط بين الشركات والمهنيين المستقلي، وتطبيقات أخرى مثل Fiverr (منصة إلكترونية تعمل كوسيط في مجال الخدمات الإلكترونية، حيث تعمل كوسيط بين المستقلين أو مقدمي الخدمات من ناحية، وأصحاب المشاريع أو الذين يريدون هذه الخدمات من ناحية أخرى)، وArabsStock، الذي يتيح فرصة للهواة والمحترفين، والمصممين، لبيع صورهم على المنصة والاستفادة من بيع تراخيص أعمالهم لعملاء الموقع والكسب المادي منها، وFreepik الذي يتيح للمصممين إمكانية الربح عن طريق رفع تصاميمهم و أعمالهم على الموقع
فرصة للتعلم وتطوير الذات
وذكر أخصائي التطوير التكنولوجي، في معرض حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن التكنولوجيا وفرت للأشخاص فرصة التعلُم من خلال المواقع الالكترونية والفيديوهات المسجلة، دون تكبد أي مصروفات للتعليم في الدورات المدفوعة، موضحاً أن الفرد يتعلم الأساسيات في البداية، وعن طريق تطوير الذات والممارسة ومتابعة التعلم يستطيع أن يستفيد مما تعلمه في تقديم أية خدمة تعلمها أونلاين وبيعها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع التي تقدم تلك الخدمات لشرائها ومن ثم بيعها لأشخاص آخرين بحاجة لتلك الخدمة، ما يمثل مصدرًا إضافيًا للدخل.
وأشار إلى أن أغلب الخدمات المقدمة عن طريق مواقع الإنترنت تكون بمقابل بالدولار الأميركي، وهو ما يعد فرصة كبيرة للادخار خاصة في ظل فروق أسعار الصرف بين الدولار والعملات المحلية بالبلدان العربية، مرجعًا هذا السبب لوجود إقبال كبير من الشباب على تقديم هذه الخدمات سعيًا لمواكبة الغلاء وحالة التضخم.
ونوه إلى أن شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي، ساعدوا بشكل كبير، في ظل الأزمات كأحد أهم منصات الترويج للخدمات، لكن على الرغم من ايجابياتهم وما يقدموه من إفادة للأفراد، إلا أن هناك سلبيات تواجهها من بينها أساليب النصب والاحتيال وسرقة البيانات وأرصدة المصارف، مشدداً على ضرورة أن يكون هناك وعي كافي من الأفراد قبل إبرام أي اتفاق أو التعامل مع تطبيق أو موقع إلكتروني بدفع أموال مقابل خدمات .
سكاي نيوز