لازموا منازلهم لأسابيع، لكن حين أدركوا أن أزيز الرصاص لن يخمد، حملوا أطفالهم على ظهورهم وساروا مشياً على الأقدام من دارفور إلى تشاد.
حكايات لا تختلف في مجملها عما يعانيه السودانيون منذ اندلاع النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع، في منتصف أبريل/نيسان الماضي، لكن تظل للتفاصيل اختلافاتها على مقياس المرارة والمعاناة.
ويؤوي مركز أورا لاستقبال اللاجئين بمدينة أدري في شرق تشاد، عند حدود إقليم دارفور الشاسع في غرب السودان، آلاف اللاجئين في خيم من القماش.
وربطت الشابة السودانية حواء موسى طفلها الصغير على ظهرها، وأمسكت بيد طفلها الآخر وانطلقت تحت جنح الظلام، للفرار من ولاية غرب دارفور إحدى بؤر الصراع الدائرة في السودان منذ أكثر من 4 أشهر، متوجهة إلى الحدود التشادية.
وتمكنت موسى، البالغة 30 عاما، من الهرب في يونيو/حزيران الماضي، وهي من بين نحو 430 ألف شخص نزحوا من غرب السودان إلى تشاد.
وتجلس موسى على الأرضية الترابية للخيمة تضم طفلها الصغير إليها، وتروي لوكالة فرانس برس فرارها قائلة “كنت حاملا آنذاك”.
وتضيف “ربطت ابني الأصغر على ظهري وأمسكت بيد الأكبر”. وكان القتال مستعرا يومها في الولاية، فيما اغتيل والي غرب دارفور.
35 كيلومترا
قبل اندلاع الصراع بالسودان، كان ربع سكان البلاد البالغ عددهم 48 مليونا يقيمون في دارفور، الإقليم الذي تعادل مساحته مساحة فرنسا.
ومعظم اللاجئين في أورا من الجنينة عاصمة غرب دارفور حيث تقدّر الأمم المتحدة مقتل أكثر من ألف شخص خلال أيام قليلة جراء هجمات، وقد تكون هذه الحصيلة أعلى بكثير، إذ يصعب توثيقها أو التأكد منها نتيجة قطع خدمات الاتصالات والإنترنت.
إلى ذلك، تحدثت منظمات إغاثة عن انتشار جثث في الشوارع وتحللها بسبب حرارة الطقس المرتفعة سواء في العاصمة أو في دارفور.
وتروي السودانية سعاد إبراهيم (41 عاما) باكية معاناة أسرتها حينما قررت الفرار من الجنينة سيرا على الأقدام حتى أدري في تشاد.
وتقول لوكالة فرانس برس: “تجولنا حفاة حول الجنينة لمدة 7 أيام.. ورغم إطلاعنا على طريق للخروج، أصيب أربعة منا”.
وتؤكد سعاد التي كانت في أشهر حملها الأخيرة “لم يكن لدينا ماء ولا طعام، واضطررت إلى حمل طفلي البالغ من العمر أربع سنوات على ظهري وتبعتني ابنتي ذات الأعوام الستة”، لمسافة 35 كيلومتراً.
رصاصة في الساق
هذه الرحلة من دارفور إلى تشاد محفوفة بالمخاطر خصوصا على النساء، إذ يخشين العنف الجنسي إلى جانب الرصاص الطائش، مع انتشار تلك الممارسات في السودان منذ عقود.
وكانت هيومن رايتس ووتش “وثقت 78 ضحية أو ناجية من الاغتصاب بين 24 أبريل/نيسان و26 يونيو/حزيران الماضيين” في مدينة الجنينة وفي الطريق إلى تشاد.
ولفتت إلى أن المهاجمين يستهدفون النساء من إثنية المساليت، إحدى أبرز المجموعات العرقية غير العربية في غرب دارفور.
ويقول السوداني آدم هارون، البالغ من العمر 39 عاما، وقد انضم حديثا إلى أسرته في مخيم النازحين بتشاد “زوجتي وأطفالي غادروا قبلي إلى تشاد”.
ويضيف لوكالة فرانس برس: “تعرضوا لهجوم وهم في الطريق.. وأصيبت زوجتي برصاصة في ساقها”، لافتا إلى أن إحدى مجموعات الإغاثة تقدم لها الرعاية الطبية حاليا.
العين الاخبارية