الخرطوم تسهر مع اسطانبول القوى السياسية السودانية تتفق لأول مرة على إدانة الانقلاب

قبل أن تشرق شمس الأمس كانت تركيا قد وئدت المحاولة الانقلابية التي كانت تستهدف عرش الديمقراطية وإزاحة الرئيس المنتخب من الشعب رجب طيب أوردغان، وإن كانت اسطانبول قد سهرت ليلا عصيبا ولم ينم قاطنوها بعد أن دعاهم الرئيس إلى النزول إلى الشارع، فإن الخرطوم أيضا شاطرتها السهر والحمى سواء من القوى السياسية الإسلامية، التي ترى في أوردغان بطلا من أبطالها، أو القوى الليبرالية التي ترى أن الانقلاب على الديمقراطية أمر يخالف ثوابتها ويجب مناهضته، وإن كانت بعضها رأت في انقلاب تركيا مصوغات تثبت انحراف أوردغان عن الديقراطية إلى مرافئ الدكتاتورية. وقد عبرت غالبية القوى السياسية عن رأيها في الانقلاب فور انبثاق صبح الأمس، إلا أن المؤتمر الوطني كان سباقا إذ لم يترك الليل ينجلي دون أن تكون له كلمة فصل تدين الانقلاب، واللافت أن القوى السياسية جميعها اتفقت وربما لأول مرة على أمر واحد وهو نبذ الانقلاب على شرعية الديمقراطية.

الوطني يدعم الديمقراطية

المؤتمر الوطني قال إنه ظل يتابع بقلق شديد خلال الساعات الماضية المحاولة الانقلابية الفاشلة التي استهدفت وحدة وحرية الشعب التركي واستهدفت معه النموذج الفكري الذي قدمه حزب العدالة والتنمية التركي في السنوات الأخيرة ولذلك فإن الحزب يدين بشدة المحاولة الفاشلة ويرى أنها محاولة للنيل من نجاح التجربة التركية، التي قدمها حزب العدالة والتنمية، والتي قادت تركيا لتكون من بين الكبار في العالم، ولم ينس حزب المؤتمر الوطني في بيانه أن يجدد دعمه الكامل لحزب العدالة والتنمية، ويشيد بالشعب التركي الذي ألتف حول قيادته حتى تم دحر المحاولة الانقلابية، وأن يعلن عن مساندته للقيادة التركية بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، وللقائد علي بن يلدريم رئيس الوزراء والأمين العام لحزب العدالة والتنمية.

الإخوان المسلمون يبدون القلق

سارعت جماعة الإخوان المسلمين ايضا إلى إصدار بيان شجب وإدانة للمحاولة الانقلابية مُهِر بتوقيع الأمين السياسي للجماعة الصادق أبوشورة الذي قال فيه إن الجماعة تدين أي محاولة للانقلاب على إرادة الشعوب، وحرياتها، ومكتسباتها، وتؤكد أن الشعوب بوعيها ستظل الضامن الوحيد لكل الهجمات ضد الحرية والديمقراطية، وحائط الصد المنيع ضد كل محاولات اختطاف أوطانها، معلنا تضامن الجماعة مع الشعب التركي، وحقه في التمسك بديمقراطيته وحريته وأمنه واستقراره ورخاءه، والالتفاف حول حكومته المنتخبة.

الشعبي ضد الانقلاب

وأكد المؤتمر الشعبي في بيان أصدره أمس إيمان الحزب بالديمقراطية والحرية المنبثقة من إرادة الشعوب لاختيار من يحكمها عبر الانتخابات، وأكد الحزب وقوفه مع الشرعية والديمقراطية الحاكمة في تركيا بقيادة الرئيس المنتخب رجب أوردغان وأدان الحزب المحاولة الانقلابية الفاشلة على الديمقراطية التي قام بها بعض المنسوبين للجيش.

مؤامرة ضد الديمقراطية

وعلى ذات النهج اعتبرت حركة الإصلاح الآن، ما تم في تركيا جزء من مؤامرة تقودعها قوى الباطل، وقال بيان صدر عن قيادة الحركة التي يقودها د. غازي صلاح الدين “بالأمس القريب تآمرت قوى الباطل لوأد الشرعية في بلاد كثيرة تحت شتى الذرائع وهاهي تعبث بذات الصلف والإدعاء الكاذب لتمرر تحت ليل دامس أجندتها مستعينة بالآلة العسكرية التي تصدى لها شعب تركيا المعلم منتصرا لنفسه وحكومته الشرعية انتصارا حازما” وأكدت الحركة إدانتها الانقلاب ودعت المجتمع الدولي الحر للتصدي لأي محاولة من شأنها وأد الشرعية، مقدمة التهنئة للشعب التركي الذي خرج يدافع عن مؤسساته الشرعية الديمقراطية بصدور عارية وإيمان مطلق بحقه في الحرية والعدالة.

فشل مسيرة

وحملت نسمات الصباح أيضا دعوة أطلقتها كيانات سياسية مناصرة لأوردغان منها جبهة الدستور الإسلامي وجماعة الإخوان المسلمين والحركة الإسلامية السودانية والمؤتمر الشعبي واتحاد قوى المسلمين “اقم” والاتحاد العالمي للمنظمات الإسلامية للخروج في مظاهرات مؤيدة لنظام الرئيس المنتخب طيب رجب أوردغان ومنددة بالانقلاب العسكري الفاشل على أن تنطلق في تمام الساعة الواحدة ظهرا من أمام مبنى الأمم المتحدة بشارع الجامعة بالخرطوم والانطلاق بها نحو السفارة التركية غير أن المسيرة لم تقم ولم يحضر إليها أحد، بينما قالت مصادر إن المسيرة تم تأجيلها إلى وقت يحدد لاحقا.

المؤتمر السوداني يندد بالانقلاب

وإن كان دعم الشرعية ورفض الانقلاب على السلطة قد استفز القوى السياسية ذات الخلفيات الإسلامية كون أن أوردغان وحزبه يحملان ذات المضامين إلا أن التنديد بالمحاولة الانقلابية لم يكن قاصرا على القوى الإسلامية فقط، فقد أكد حزب المؤتمر السوداني رفضه القاطع وإدانته المطلقة للعمليات الانقلابية التي تنتهك إرادة الشعب التركي ومؤسساته المنتخبة ونظامه الدستوري وفق المباديء الديمقراطية. وقال الحزب في بيانه إنه يعبر عن كامل تضامنه مع الشعب التركي وقواه المدنية ويؤكد وقوفه إلى جانب الشرعية والديمقراطية، مشيدا بهبة واستجابة الشعب التركي وسائر قواه السياسية لمواجهة المحاولة الانقلابية وحماية المباديء الديمقراطية

ولم ينس المؤتمر السوداني أن ينتهز الفرصة ليدعو كل القوى والتنظيمات الديمقراطية في السودان والعالم إلى إدانة هذا التوجه الانقلابي المدمر بشدة والتمسك دوما بالخيار الديمقراطي في إطار دولة المؤسسات والقانون.

موقف مناوي للوطني

ولكن يبدو أن موقف المؤتمر الوطني الذي جاء منددا بالانقلاب قد أثار حفيظة إبراهيم النجيب الرئيس المكلف للحزب الديمقراطي الليبرالي وجميع عضوية الحزب الذين استنكروا في بيان أصدروه صباح أمس رفض المؤتمر الوطني للانقلاب مذكرين بأن الإنقاذ التي تحكم البلاد الآن وصلت إلى السلطة عبر انقلاب تم تنفيذه في اليوم الأخير من يونيو عام 1989م لكن الحزب الليبرالي أكد تمسكه بالديمقراطية الليبرالية ورفضه تدخل الجيش في السياسة وكل الانقلابات ويدين بشكل واضح محاولة الانقلاب في تركيا بغض النظر عن مآلاتها نجاحا أو فشلا وشدد على ضرورة عودة الجيش إلى ثكناته والامتثال للشرعية الدستورية والقانونية.

انحراف في ديمقراطية تركيا

ولكن يبدو أن الحزب الديمقراطي الليبرالي يرى أن هناك انحرافا في تجربة تركيا ففي بيانه يقول إنه يتابع الديمقراطية التركية بكثير من القلق حيث يلاحظ التحول التدريجي من الديمقراطية الليبرالية هناك إلى نوع من الدكتاتورية المدنية بقيادة أوردغان، حيث يتم قمع حقوق الأكراد وبقية الأقليات وحيث يقبع مئات الصحفيين في السجون وحيث يجري قمع المتظاهرين وتحول رغبات ونزوات الرئيس التركي إلى قرارات وسياسات للدولة التركية، كما يلاحظ الحزب أن سياسة تركيا الخارجية تحت حكومة أردوغان تتعامل مع أنظمة وتنظيمات لا علاقة لها بالديمقراطية وتتدخل تركيا في شؤون جيرانها سياسيا وعسكريا.

الخرطوم: محجوب عثمان

Exit mobile version