ربما بدا المشهد مألوفاً للجائل في أحياء العاصمة المثلثة.. تحولت الشوارع إلى مرادم للأوساخ وسيطر التكدس والتراكم المزري للنفايات على الواجهات..

أدى هطول الأمطار خلال أسبوع العيد إلى ظهور المستور، حيث سيطر مشهد الأوساخ المتراكمة خاصة بالأسواق الرئيسة بالمدن الثلاث التي تسببت في قفل المصارف والمجاري الرئيسة مما ينذر بكارثة بيئية كبرى وانتشار الأوبئة والأمراض والحشرات. سيان الأمر؛ ففي سوق الكلاكلة اللفه يغني الحال عن السؤال، وكذا الوضع في الحاج يوسف الوحدة، والسوق الشعبي أم درمان.. المعروف أن كثيرا من الأسر تهتم بنظافة المنازل وتجهيز كل المستلزمات تاركة الأنقاض أمام المنازل، عربة النفايات التي تجوب الأحياء غابت عن ولاية الخرطوم، وهذا ربما ما جعل الأوساخ تتراكم داخل الأحياء وأطراف الطرقات فتحولت الشوارع إلى مرادم للأوساخ حيث التكدس والتراكم المزري للنفايات الذي صار أمرا اعتياديا للجائل في شوارع وأحياء العاصمة المثلثة.. في تحليل ما بدا أن انشغال المواطن بالعيد والسفر جعل الخرطوم تمتلئ بالأوساخ، لكن المسألة تعني ضمن ما تعني أن معالجة مشكلة النفايات استعصت على المسؤولين بالولاية، التي تعترف أعلى سلطة فيها بصعوبة المهمة، وفشل الآليات والهيئات الإشرافية التي كونت لغرض معالجة ومحاصرة تمدد وتفشي النفايات وتراكمها على الأرصفة والشوارع، ومازالت تجاربها تتوالى في محاولة للوصول إلى صيغة تمكنها من القضاء على فيروس الأوساخ المتفشي في جسد العاصمة.
وكانت (اليوم التالي) قد رصدت بعض المشاهد القبيحة التي تتسيد موقعاً يعد من المناطق الريفية والحضرية في الخرطوم يعاني من تراجع بيئي غاية في الخطورة، تلك الصورة ربما كانت تنسحب على كل الأحياء في مناطق وسط الخرطوم وأطرافها. ويشي تراكم الأوساخ داخل حي أركويت على سبيل المثال؛ وبالأخص عند شارع السلام مع الفردوس مرورا بمحطة البلابل، بأن حجم القاذورات لا حدود له.
وثمة ما ينبغي الإشارة له عندما يتعلق الأمر بسلوك المواطن نفسه؛ فالبعض يهتم بنظافة منازلهم من الداخل ويتركون نظافة حرم المنازل فتتكدس أكياس النفايات وفضلات الأطعمة لتتوالد أسراب الذباب وتنتشر والقطط والكلاب التي تطوف حول الأبواب في انتظار النفايات، وهذه الأوساخ لا تترك منظرا جميلا بل هو منظر مزر جدا لواجهات المنازل حيث نجد كثيرا من المتشردين يحلقون حول تلك الأكياس بحثا عن طعام يسكتون به جوعهم.
وتقول الصحفية ثريا إبراهيم التي تقطن مدينة أم درمان إن غياب عربة النفايات داخل الأحياء سبب إرهاقا للمواطنين الذين يضطرون لحمل النفايات إلى الشارع الرئيس مما شوه منظر الشارع الخرطومي وقالت: هناك تقصير كبير جداً من المحليات في التعامل مع النفايات برغم من الرسوم الكبيرة التي تتحصلها، القضية الثانية السلوك البشري أيضاً وهو يسهم بشكل كبير في تراكم النفايات بالشوارع لأن الثقافة السائدة إلقاء كل ما لا ينفع في الشارع، نحتاج إلى سنين ضوئية لترقية السلوك الإنساني وإقناع المواطن بإلقاء النفايات في الأماكن المخصصة لها إن وجدت. أغلب الأحياء تعاني من تلك الكارثة البيئية المهددة خصوصا الأسواق.
ومن جهته يقول محمد أحمد النور (موظف): كل الأسر هذه الأيام مشغولة بحفر المجاري وطرح الشوارع لتصريف مياة الأمطار من الداخل وتترك الأوساخ أمام الأبواب في انتظار عربة النفايات ولكن العربة لا تأت في الأسبوع مرة واحدة، وأضاف محمد: الأوساخ المتراكمة أصبحت مشكلة داخل الأحياء وأمام بعض رياض الأطفال والمدارس والمستشفيات (يعنى مناظر عجيبة حدث ولا حرج)، أما داخل الأحياء فأمام كل منزل تجد كمية من الأوساخ وخاصة الأراضي غير المسكونة، وفي كل منزل عاملة (شغالة) حيث المنزل من الداخل نظيف ولكن للأسف حرم البيت مليئ بالأوساخ المتراكمة التي تنقل الأمراض وتزيد توالد البعوض والحشرات. وناشد محمد حكومة الولاية واللجان الشعبية بكل الأحياء أن تنظر إلى مسألة الأوساخ وبرك المياه.
من جهتها قالت سيدة فضلت حجب اسمها: “يا بتي نحن بنعاني من مشاكل كتيرة ما مشكلة الأوساخ فقط أولا المياه الراكدة التي تتسبب في إغلاق الشوارع وصعوبة الحركة فيها وتأثير المياه الراكدة على المنازل وتسببها في المشاكل الصحية والبيئية على المواطنين”، لافتة إلى ضرورة إيجاد براميل ضخمة توضع النفايات داخلها بدلا عن تركها على أرصفة الشوارع والمنازل وأعمدة الكهرباء في الأستوبات، وتهكمت من اللافتة المكتوب عليها تحذير من رمى والأوساخ (محاربة النفايات وقاية من الأمراض) لكن بالعكس يضع المواطنين النفايات يعنى المقصود شنو؟ قبل أن تناشد والي الخرطوم والمعتمد ووزير الصحة واللجان الشعبية بضرورة وضع حل لمشكلة النفايات وإعادة النظر في تأهيل الشوارع والأسواق وتطوير الأحياء السكنية.
اليوم التالي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.