التطورات الأخيرة في مشهد الحرب السودانية، دفعت بريطانيا وعددا من الدول الأوروبية للتقدم بمسودة مشروع قرار لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، يطالب بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في الانتهاكات الإنسانية التي ارتكبها قوات الجيش السوداني والدعم السريع في إطار الحرب الدائرة بينهما في العاصمة الخرطوم وعدد من المناطق الغربية.
فهل يلقى القرار قبولا ودعما دوليا ويكون عامل ضغط على أطراف الصراع للعودة للتفاوض والحوار ووقف الحرب، التي أسفرت عن مقتل نحو 7 آلاف وتشريد أكثر من 5 ملايين من المدنيين حتى الآن.
بداية يقول محمد مصطفى، رئيس المركز العربي الأفريقي لثقافة السلام والديمقراطية في السودان، إن “مشاريع القرارات الأوروبية والأممية لم تحقق أي تقدم تجاه معالجة أزمة السودان ولا تحقيق العدالة لضحايا الحرب، بل أخرت عملية التغيير كثيرا في عهد الإنقاذ لأنها جعلت حكومة الإنقاذ تصر أكثر على السيطرة على الدولة عبر أجهزتها الأمنية خوفٱ من المحاكمات إذا سقط نظامها الاستبدادي”.
مساندة دولية
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، ما يحدث الآن من الاتحاد الأوروبي ما لم تسانده قوة دولية خشنة، فإنه لا يحقق أي تقدم في ملف الحرب، بل قد يعقد المشهد أكثر.
وتابع مصطفى أن طموحات السودانيين لم ولن تتحقق بشعارات من يسعى إلى السلطة ويقدم أكبر التضحيات في سبيلها، فمن يضمن تحقيق سلطة مدنية ذات إرادة حرة وانتخابات نزيهة، مع العلم أن السلطة المدنية قد تتحقق ظاهريٱ، لكن في الواقع قد تصبح سلطة بلا صلاحيات.
وأشار رئيس المركز العربي الأفريقي، إلى أن الخطورة تكمن في أن من يصل إلى السلطة سيعمل على تأمين مصالح بعض الدول النافذة إقليميا ودوليا، ليضمن لنفسه وسلطته الحماية القانونية وأي تدخل خارجي، مقابل سيطرته على مطبخ السلطة ويفعل كل ما يريد دون رقيب أو حسيب.
إصلاحات سياسية
ولفت رئيس المركز العربي الأفريقي إلى أن السودان كدولة يحتاج إلى إصلاحات سياسية حزبية ورسمية وإصلاحات أمنية، “فليس هناك من يدعي النزاهة والمصداقية، وبكل أسف نجد أن القوى السياسية نفسها هي أول من تنتهك الحريات وتساهم في تقويض الديمقراطية لفشلها في التعاطي الديمقراطي”.
واختتم بقوله: نحن نسعى لسلام عادل وشامل تعقبه حكومة تكنوقراط تعمل لإعداد الدستور والقوانين، وتجري إصلاحات سياسية وأمنية ثم تجري انتخابات عادلة تعقبها ديمقراطية حقيقية.
مفاوضات جدة
بدوره يقول عامر حسبو، الحقوقي السوداني، جاء إعلان كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وألمانيا إضافة إلى النرويج اعتزامها تقديم طلب إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان لتشكيل لجنة تقصي حقائق في الانتهاكات المزعومة بحق المواطنين في ظل هذه الحرب، بعد فشل طرفي الحرب في وضع حد لهذا الصراع.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن التحركات الغربية تأتي بعد أشهر من اشتعال المعارك في السودان بين القوات المسلحة التي يقودها عبد الفتاح البرهان قائد الجيش وقوات الدعم السريع بقيادة (حميدتي)، وجاء الإعلان الأوروبي بعد أن توقف تقدم مفاوضات جدة التي ترعاها كل من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية. حيث لن تتقدم المفاوضات التي ترعاها كل من المملكة العربية السعودية و الولايات المتحدة الأمريكية في مدينة جدة.
وتابع حسبو أن الانتهاكات المتواصلة للقانون الدولي وحقوق الإنسان واستهداف المنشآت والمناطق المدنية السودانية من قبل أطراف الصراع أوجدت حالة من القلق لدى المجتمع الدولي ومخاوف من انفجار الأوضاع بصورة يصعب السيطرة عليها، بعد أن قاربت الحرب على شهرها السابع دون أي بادرة أمل لوقف نزيف الدماء وعمليات النزوح غير المسبوقة.
أرقام مخيفة
وأشار الحقوقي السوداني، إلى أن معاناة المواطنيين نتيجة عمليات القصف والتهجير القسري وعمليات النزوح واللجوء عبر الحدود إلى دول الجوار، ونسب وفيات الأطفال، جميعها وصلت إلى أرقام مخيفة، أضف إلى ذلك تفشي الأوبئة والأمراض الخطيرة مثل الكوليرا والملاريا وحمى الضنك، كل ذلك عمل على تحريك الأوضاع دوليا.
ولفت حسبو إلى أن التحركات الأوروبية يمكن أن تساهم في الضغط على أطراف النزاع (الجيش والدعم السريع) وتدفعهم لتقديم بعض التنازلات من أجل وقف الحرب والعودة للتفاوض والحوار.
ويشهد السودان منذ 15 أبريل/ نيسان الماضي، اشتباكات عنيفة وواسعة بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، في مناطق متفرقة في أنحاء السودان.
ويسعى كل من طرفي النزاع إلى السيطرة على مقرات حيوية، بينها القصر الجمهوري ومقر القيادة العامة للقوات المسلحة وقيادة قوات الدعم السريع وعدد من المطارات العسكرية والمدنية، واتفق الطرفان عدة مرات على وقف لإطلاق النار، لكن لم يتم الالتزام به.
سبوتنك