هوامش حرة
أولاد الأصول
فاروق جويدة
كان لدينا فى زمان مضى مصطلح يسمى «أولاد الأصول» وكان ينطبق على عائلات كثيرة أحسنت تربية أبنائها وتتمتع بسمعة طيبة .. وكانت العائلات تتعارف وتختار ما يناسبها فى الزواج والعلاقات الاجتماعية، وكانت هذه الصفة تمنح الحياة قدرا كبيرا من التقدير والاحترام .. ويبدو أن أولاد الأصول قد انسحبوا فى هدوء ومن بقى منهم ابتعد عن صخب الاجتماعيات وغابت وجوههم عن الحفلات والتجمعات لعدم قدرتهم على الوفاء بمطالبها .. اعرف عائلات عريقة لا تكاد تسمع لهم صوتا، إنهم فى شتاء طول العام مازالوا يسكنون بيوتهم القديمة فيما بقى منها وقد تقدمت بهم سنوات العمر، فلا ترى أحدا منهم فى لقاء حتى بالصدفة .. كان انسحاب أولاد الأصول خسارة كبيرة خاصة أن هناك فئات تسلقت وملكت المال والسطوة وأصبحوا أسيادا على الجميع .. واختفت أرقى طبقات مصر وأعلاها قدرا وهبطت على الناس نماذج ووجوه جديدة لا تقدر الجمال ولا تعترف بالقيمة .. وتجد من يسألك أريد عروسا بنت أصول، وتكتشف أنها عملة نادرة وغير قابلة للتداول لأنها تشبه الجنيه المصرى حين كان ذهبا وحين كان سيد العملات .. ومنذ اختفى أولاد الأصول ظهرت حشائش كثيرة واختفت أشجار النخيل .. لا تبحث كثيرا عن أولاد الأصول كانوا زمانا جميلا وانقرض .. حاول أن تتصفح الصحف القديمة لتشاهد مصر الرقى والإبداع وكيف كانت لغة الحوار وأخلاق الشارع وأغانى الست والأشجار التى كانت تزين الشوارع والبيوت .. إذا وجدت شخصا من أولاد الأصول أرجوك لا تفرط فيه عسى أن تعطى الشجرة ثمارا أخرى.
الاهرام