ضمن حوار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع شبكة “فوكس نيوز”، سبتمبر الماضي، أشار إلى أن الاستثمار في الرياضة يضيف 1% للناتج المحلي للمملكة، ولذلك ستستمر البلاد في خططها الاستثمارية في الحقل الرياضي، حتى يصل إلى 1.5% من مجمل الناتج المحلي، وذلك ضمن خطط الرياض لتنويع مصادر الدخل.
تخصيص الأندية
قبلها، وفي يونيو 2023، أطلق الأمير محمد بن سلمان، مشروع “الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية”، بعد اكتمال الإجراءات التنفيذية للمرحلة الأولى. وذلك “تحقيقًا لمستهدفات رؤية السعودية 2030 في القطاع الرياضي، الهادفة إلى بناء قطاع رياضي فعال، من خلال تحفيز القطاع الخاص وتمكينه للمساهمة في تنمية القطاع الرياضي، بما يحقق التميز المنشود للمنتخبات الوطنية والأندية الرياضية والممارسين على الصعد كافة”، وفق ما نقلته “وكالة الأنباء السعودية”.هذا المشروع دفع مجموعة من المؤسسات والشركات الفاعلة في السعودية إلى الاستحواذ على عدد من الأندية، حيث استحوذ “صندوق الاستثمارات العامة” على أندية: الهلال، النصر، الأهلي، الاتحاد. فيما استحوذت “نيوم” على نادي “الصقور”، واستحوذت “أرامكو” على نادي “القادسية”، فيما نادي “الدرعية” استحوذت عليه “هيئة تطوير بوابة الدرعية”، وأخيرا نادي “العلا” الذي استحوذت عليه “الهيئة الملكية لمحافظة العلا”.
هذه الخطوات ما هي إلا البداية ضمن مشروع “الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية”، والهدف منه رفع مستوى أداء الأندية، وتشجيع جهات أخرى لديها ملاءة مالية على شراء حصص أو الاستحواذ الكامل على أندية سعودية تكون قد طورت من بنيتها، وباتت جاذبة للاستثمار.
المشروع أعلاه، فتح أبواب الأندية السعودية، وتحديداً تلك التي تتنافس في “دوري روشن” على استقطاب أسماء عالمية كبيرة، من دوريات مهمة، ولذا يجد المتابع للدوري السعودي حالياً، أن هنالك تنافسية عالية في الأداء بين أندية “دوري روشن”، ومتابعة من عشاق كرة القدم حتى من دول أجنبية بعيدة، كون النجوم العالميين، أمثال: كريستيانو رونالدو، ونيمار دا سيلفا، وكريم بن زيما، ورياض محرز.. وسواهم، لديهم معجبون من مختلف أنحاء العالم، ولذا تم بث مباريات “روشن” بأكثر من لغة، وتتناقل وسائل التواصل الاجتماعي وكبريات محطات التلفزة، أخبار منافسات الأندية المحلية السعودية.
استثمارات ضخمة
ووفق تقرير نشره “الاتحاد الدولي لكرة القدم”، فقد أنفقت الأندية السعودية على استقطاب اللاعبين الجدد خلال فترة الانتقالات الصيفية، نحو 875.4 مليون دولار، محتلة المركز الثاني بعد أندية الدوري الإنجليزي، ومتقدمة على دوريات عالمية لدول مثل: فرنسا، إيطاليا، ألمانيا، وإسبانيا.
هذا الإنفاق رفع من القيمة السوقية لـ”دوري روشن”، ورفع من مداخيل حقوق البث التلفزيوني، وزاد من مبيعات الأقمصة، ما يعني أن هنالك أرباحاً مالية قبالة الأموال التي تم إنفاقها.
وزارة السياحة السعودية: الأرقام تؤكد بأننا الوجهة السياحية الصاعدة عالمياً
من هنا، فإن إعلان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، نية المملكة الترشح لاستضافة بطولة كأس العالم 2034، يأتي بناء على “خطة شاملة يسعى من خلالها الاتحاد السعودي لكرة القدم نحو تسخير كافة الإمكانات والطاقات لتوفير تجربة رائعة وغير مسبوقة لإسعاد عشاق كرة القدم”، وذلك “بعد النجاحات الكبيرة التي تحققت في استضافة المملكة للعديد من الأحداث والفعاليات الرياضية العالمية”، وفق ما أوردته “وكالة الأنباء السعودية”.
كرة القدم، بحسب التصور الذي قدمه الأمير محمد بن سلمان، ليست مجرد رياضة للتسلية، بل هي أيضاً ممارسة راقية من أجل “نشر رسائل السلام والمحبة في العالم”، كونها “وسيلة مهمّة لالتقاء الشعوب بمختلف أعراقهم وتعدد ثقافاتهم”.
هذا الإعلان السعودي قوبل بالترحاب من دول خليجية وعربية صديقة عدة، كون استضافة المملكة لهذا الحدث الرياضي المهم، في حال فوزها، سيشكل رافعة ليس للسعودية وحدها، بل لدول الجوار، ما يدفع بالتنمية والاستثمار، ويخلق مناخات للتفاهم والاستقرار والأمن الإقليمي، وهي أهداف تسعى الرياض من أجل تحقيقها.
عدد كبير من نجوم كرة القدم هم اليوم حاضرون في الملاعب السعودية، وسيأتي رفاق لهم أيضاً خلال الأشهر والسنوات القادمة. استضافة “كأس العام 2034” ستُتمِمُ اكتمال العقد الفريد للرياضة السعودية، وهي فرصة أيضاً ليشاهد العالم القوة الصاعدة في مجالات شتى، والبلد المترامي الأطراف الذي يصنع تنميته ويبني نموذجه المستقبلي الذي يريد منه أن يكون جاذباً لمختلف الكفاءات من شتى أنحاء العالم.
العربية نت