اقتناء سيارة في السودان… حلم ينقلب كابوس أسعار..السيارة لم تتحرك من مكانها فكيف يؤثر عليها الدولار

يواجه السودان أزمة حقيقية، حيث يعاني من ارتفاع كبير في أسعار السيارات بمعدلات زيادة تراوح بين ضعفين إلى ثلاثة أضعاف سعرها العام الماضي، حتى أصبح حلم امتلاك سيارة أصعب من امتلاك عقار في العاصمة الخرطوم.

وتشهد الخرطوم أزمة اقتصادية قاسية زادت حدتها بانفصال الجنوب وتكوين دولته المستقلة في العام 2011، وما ترتب على ذلك من خسارة النفط الجنوبي، والذي كان يشكل ما يزيد عن 70 في المائة من إيرادات خزينة الدولة.
مع انفصال الجنوب عمدت الخرطوم إلى اتخاذ إجراءات للتخفيف من الأعباء الاقتصادية، عبر إيقاف عملية استيراد السيارات القديمة بهدف السيطرة على العملة الصعبة، ما أسهم عملياً في ارتفاع قيمة السيارات فضلاً عن قطع الغيار، كما زادت تكلفة نقل البضائع والركاب، ما تسبب بخروج ناقلات كثيرة عن العمل، والذي بدوره أثر بصورة مباشرة على المواطنين وأسعار السلع في الأسواق.

والمراقب لأماكن بيع السيارات يلحظ حالة الركود باستثناء بعض المحال التي تعج بالمشترين. ويقول تاجر السيارات عادل الطيب إن السبب الأساسي لارتفاع أسعار السيارات يعود إلى عدم استقرار أسعار الصرف، فضلاً عن الرسوم الجمركية العالية التي تساوي ضعف المبلغ الذي تستورد به السيارة.
ويرى الطيب أن السماسرة يتحكمون أيضاً في حركة السوق، مؤكداً أن أسعار السيارات القديمة زادت بشكل كبير في سبيل إيقاف استيرادها. ويصف حركة السوق بالبطيئة، حيث “أغلب عمليات البيع تتم بمقايضة سيارة قديمة بأخرى جديدة مع دفع الفرق”. ويشير إلى أن الحلول الآنية تكمن في خفض الضرائب والجمارك، فضلاً عن رسوم الترخيص التي تصل إلى أربعة وخمسة آلاف جنيه.

أما التاجر أسامة زيد، فيؤكد أن السيارات المسموح باستيرادها حالياً تقتصر على موديلات 2016، لافتاً إلى أن تحديد الأسعار يتم وفقاً لسعر صرف العملة المحلية، ما يتسبب بزيادة يومية على الأسعار. فـ”في العادة نحن نسعر السيارات بسعر الدولار”.
وفيما يشير إلى تراجع حركة البيع خلال الأعوام الخمسة الماضية، يؤكد أنه يبيع شخصياً ما بين خمس إلى ست سيارات يومياً، موضحاً أنه قد يبيع سيارة اليوم بـ 500 ألف جنيه وبعد يومين فقط بـ 700 ألف.

ويقول التاجر عبد العظيم إسماعيل إن أسعار السيارات مرتبطة بسعر الدولار وقيمة الجمارك التي ترفع قيمتها بنسبة مئة في المئة، إذ تبلغ كلفة الرسوم الجمركية ما يعادل سعر السيارة.
من جهته، يؤكد الشاري محمد أنه جاء إلى سوق السيارات واختار سيارة معينة، وعندما أتى في اليوم الثاني لشرائها تفاجأ أن سعرها زاد 15 ألف جنيه عن السعر المتفق عليه.

ويوضح: “لم اقتنع بمبررات التاجر فيما يتصل بسعر الدولار، خصوصاً أن السيارة لم تتحرك من مكانها فكيف يؤثر عليها الدولار”، مؤكداً أن التجار يستغلون ارتفاع الدولار لتحقيق أرباح سريعة.

وتقول ريم (موظفة) إنها حاولت مراراً جمع مبلغ معين لشراء سيارة، لكنها في كل مرة تجد نفسها بعيدة تماماً عن حلمها بسبب الزيادة المطّردة في الأسعار.

ويرى المحلّل الاقتصادي أحمد الصادق أن الجمارك والدولار يتحكمان بصورة أساسية في حركة سوق السيارات، خصوصاً أن التجار في العادة يتعاملون “بسعر الظل”.

فـ”التاجر لا يسعّر بضاعته عند استيرادها بسعر الدولار لليوم، وإنما بالسعر المتوقع”.
أمّا رئيس اتحاد غرفة النقل السوداني علي ابرسي فيوافق أيضاً على أن ارتفاع أسعار السيارات يعود إلى كلفة الجمارك العالية فضلاً عن تقلب سعر صرف العملة.
ويشدّد على أهمية أن تدعم الحكومة أصحاب المركبات العامة، ليتمكنوا من نقل المواطنين بتعرفة غير مرهقة، معتبراً أنه ليس من العدل أن ترهق سائق العربة بالجمارك والرسوم الباهظة وتطالبه بتعرفة محددة.

وكذا، يشكو أصحاب المركبات العامة تحديد الحكومة لتعرفة نقل يرون أنها لا تتناسب مع الوضع الاقتصادي الذي يمرون به، نظراً إلى ارتفاع عمليات صيانة السيارات، فضلاً عن التأمين والترخيص إلى جانب غياب الدعم الحكومي لأصحاب تلك المركبات.
ويقول محمد، وهو صاحب مركبة عامة، “إن الحكومة تجبرنا على تعرفة محددة خوفاً من إثارة الشارع، ما قاد كثيرين للخروج من سوق العمل، الأمر الذي تسبب بأزمة مواصلات في العاصمة”.

العربي الجديد

Exit mobile version