بدأت ذروة تسليح قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي” بعد إقرار قانون هذه القوات عام 2017 والذي منحها صفة قوة أمن مستقلة لتعقد بعدها صفقات ضخمة لاستيراد السلاح من شرق أوروبا وبعض الأسلحة الأوروبية والأميركية تحت غطاء وسطاء في السوق السوداء للسلاح.
وتلقت قوات الدعم السريع دفعات من المضادات “الثنائي والرباعي” في نوفمبر وديسمبر 2021 وفق عنصر بالاستخبارات العسكرية التابعة للجيش السوداني تحدث لسودان تربيون شريطة عدم ذكر اسمه.
وتتحدث تقارير عن امتلاك الدعم السريع لنحو 10 آلاف سيارة رباعية الدفع بعضها مصفحة مزودة بأسلحة رشاشة خفيفة ومتوسطة، كما أعلن حميدتي في يونيو 2022 امتلاك قواته وحدة مدرعات خفيفة من طراز BTR.
مصادر السلاح
وأعلن الجيش في أوقات سابقة تدمير مخازن أسلحة وذخيرة للدعم السريع في أنحاء متفرقة من الخرطوم، وأخرى كانت في طريقها للعاصمة بدون تحديد الوجهة التي قدمت منها.
ودربت “الدعم السريع” عشرات الجنود على استخدام أسلحة المدفعية في دورة تسليحية جديدة خلال شهري يوليو وأغسطس الماضيين، بعد تراجع فرص اقتحام المعسكرات والوحدات العسكرية الحصينة التابعة للجيش بالخرطوم مثل القيادة العامة والمدرعات وسلاح المهندسين.
وكشفت عدة استعراضات أقامتها قوات الدعم السريع في مناسبات خاصة، عن امتلاكها مدرعات ومدفعية ودروع ومضادات طيران وأسلحة.
وتلقت القوات دفعات من مضادات الطائرات Twin ZU-23 عيار 23 ملم وZSU-23-4
23- ملم “الثنائي والرباعي” في نوفمبر وديسمبر 2021 من مصادر روسية بحسب العنصر الاستخباري، إضافة لشراء مقرات وعقد صفقات إيجار لعدد من المباني في العاصمة شكك العنصر في كونها مخازن للسلاح موجودة حالياً في الخرطوم.
وشنت قوات الدعم السريع، هجوماً متزامناً على مقرات عسكرية وذات صبغة صناعية عسكرية خاصة مجمع اليرموك مطلع يونيو، في سبيل الحصول على الذخائر والأسلحة النوعية المختلفة وزيادة نسبة تسليحها وامتلاكها للأسلحة.
وأكد العقيد المتقاعد عبد المنعم أحمد، لسودان تربيون، أنّ الهجمات التي نفذتها قوات الدعم السريع في تلك الفترة كانت بغرض الحصول على الإمدادات الحربية الضرورية بعد فقدان نسبة كبيرة من الذخائر لديها.
وقال إن الهجمات على مقر رئاسة قوات الاحتياطي المركزي واليرموك في يونيو المنصرم، منح “الدعم السريع” كل ما تتمناه في سبيل الحصول على مبتغاها، لافتاً إلى أن الهجمات الحالية على سلاح الذخيرة والمدرعات يكشف بجلاء خطط تلك القوات في الحصول على أسلحة خاصة مثل المدرعات القتالية.
ونوه إلى اتباع قيادة الدعم لخطة ربما تبدو واضحة للعسكريين من خلال السيطرة على المدرعات والاستفادة منها في تحقيق تفوق خاص على الأرض، مضيفاً أن من اللافت أن الهجمات الأخيرة في دارفور تأتي في سياق التسليح.
وتابع: “ربما بعد السيطرة على المدرعات والحصول عليها وتأمين كافة أماكن سيطرتها في العاصمة ستلجأ هذه القوات إلى إدخال الطيران المسير وربما تستعين بمرتزقة طيارين لتنفيذ ضربات جوية بعد سيطرتها على مطارات عديدة في دارفور مؤخراً”.
في نفس الوقت، رأى أن قوات الدعم السريع سيطرت على كميات ضخمة من الأسلحة والذخائر خاصة أسلحة المدفعية المتعددة الصينية والروسية التي تنتج محلياً وبدأت في استخدامها بكثرة كما يشاهد الجميع حالياً في العاصمة من عمليات قصف مستمر.
وأكد أن قوات الدعم السريع تمتلك وتستخدم حالياً مدافع الهاونات الكبيرة 160 ملم و240 ملم، أو القذائف شديدة الانفجار HE.
وقال ضابط في الدعم السريع – طلب عدم الإشارة لاسمه – في حديث لسودان تربيون، إن قيادة القوات أقامت دورات تدريبية للجنود على استخدام مدفع الهاون.
ويعرف مدفع الهاون بأنه قطعة مدفعية صغيرة ذات عيار قوي للضرب العمودي. ومن الأسلحة النارية القديمة بسيطة وقليلة التعقيد وهي تتوفر بعيارات مختلفة لدى الجيش.
وقال ضابط الدعم السريع، إن جنودهم يستخدمون عدة مدافع هاون بالعيارات 60 ملم،81 ملم، و120 ملم استحوذت عليها من مخازن الجيش ومصنع اليرموك.
ورفض الضابط الاستمرار في الحديث حول استخدام الدعم السريع لمدافع الهاونات الكبيرة 160 ملم و240 ملم، أو القذائف شديدة الانفجار HE كما أشار ضابط الجيش المتقاعد عبد المنعم أحمد لسودان تربيون.
ولوقت قصير استخدمت قوات الدعم السريع قاذفة صواريخ كاتيوشا “عيار صاروخ 132 ملم” بعد الاستحواذ عليها من مخازن للجيش لكنها توقفت حالياً بعد انتهاء الصواريخ وعدم تمكنها من جلب ذخيرة للقاذفات.
وحاولت قوات الدعم السريع استخدام ﻣﺪﻓﻊ ﺍﻟﻬﺎﻭﺗﺰﺭ ﻋﻴﺎﺭ 130 ﻣﻠﻢ لكنها فشلت في توفير طاقم لتشغيله وظهر هذا المدفع بيد قوة للدعم السريع في دوار السوق المركزي بالخرطوم في مقطع فيديو قائلة إنها استحوذت عليه من الجيش السوداني.
ويستخدم جنود الدعم السريع بصورة واسعة بندقية m16 قامت قيادة القوات بشراء المئات منها قبل 6 أعوام عبر صفقة ضخمة وصلت إلى نحو 25 مليون دولار.
آليات قتالية
خلال الفترة بين يوليو وأغسطس الماضيين ادخلت قوات الدعم السريع عبر الطرق الغربية آليات قتالية جديدة بحسب عنصر يتبع للاستخبارات العسكرية.
وأكد العنصر الذي طلب حجب اسمه، “أنّ الجيش حيد بشكل كبير ونسبة تصل إلى 80 بالمئة الامدادات والأسلحة التي جلبتها قوات الدعم من جهات رفض الإشارة إليها”.
ويطابق ما قاله العنصر الاستخباري، ما أكدته بيانات عديدة للقوات المسلحة خاصة مع إعلانها تدمير آليات قتالية لقوات الدعم السريع بالقرب من مدينة بارا بولاية شمال كردفان في 10 يوليو الماضي كانت في طريقها للدعم السريع.
وفي تلك الفترة ادخلت “الدعم السريع” سيارات “لاند كروزر بيك أب” تعرف محليا باسم “تاتشر” والتي لا تتأثر بالرصاص من مسافات بعيدة ويصل سعرها إلى نحو 70 – 80 ألف دولار، وظهر قائد ثاني الدعم السريع عبد الرحيم دقلو على متن احداها بنيالا في غرب دارفور بعد الاستيلاء على مقر الجيش أواخر أكتوبر الفائت.
وسيطرت قوات الدعم السريع على ناقلات للوقود والأفراد من مواقع عسكرية وتجارية كما نقلت مئات القطع من الآليات الثقيلة من معارض خاصة وعدلتها لنقل المعدات العسكرية والجنود.
ضبابية المسيرات
تُصنع طائرات مسيرة محلية أو تعدّل في مجمع اليرموك، وهو مجمع عسكري يقع في الخرطوم، هاجمته قوات الدعم السريع في مطلع يونيو الماضي وأعلنت السيطرة عليه.
وتلقت قوات الدعم السريع مجموعة محدودة من المسيرات من قوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، وسيارات مدرّعة، وفق المصدر الاستخباري، لكن قائد الدعم السريع حميدتي قال في تسجيل صوتي سابق إنّ قواته حصلت على مسيرات من مخازن الجيش.
ولجأت قوات الدعم السريع إلى استخدام طائرات مسيرة مسلحة بقنابل وبعضها بالقذائف خلال هجومها على مواقع استراتيجية مكنتها من الاستيلاء على أماكن عديدة، وشوهدت مؤخرا في معارك الفرقة 16 مشاة نيالا التابعة للجيش.
وأشارت معلومات موثوقة من مسؤول عسكري سابق تحدث لسودان تربيون، إلى أن قوات الدعم السريع تستخدم مسيرة صنعت في صربيا مجهزة بقنابل هاون عيار 120 ملم، ظهرت في أجواء العاصمة خلال يونيو الماضي، وهاجمت سلاح القيادة العامة وسلاح المدرعات.
وذكر الضابط السابق بالجيش أن قوات الدعم السريع خلال الحرب الحالية استخدمت الصواريخ المحمولة وحاولت قصف قاعدة وادي سيدنا الجوية، وتلقت هذه الصواريخ بحسب معلوماته من قاعدة فاغنر الروسية في أفريقيا الوسطى.
وتبين متابعات متعددة ومقاطع فيديو بثها عناصر الدعم السريع خلال شهر أغسطس الماضي استخدامهم الصواريخ المعروفة بمنظومات الدفاع الجوي المحمولة، لإسقاط طائرة مقاتلة، لكن لم يعرف مصدر تلك الصواريخ.
وفي يونيو الفائت أفاد الجيش أنه أسقط مسيَّرة تابعة للدعم السريع خلال هجوم على مقر القيادة العامة، وحملت تلك المسيَّرة قذائف حرارية بقطر 120 ملم، تستخدم الأكسجين من الهواء المحيط بها لتوليد انفجار شديد الحرارة وتزن كل قذيفة نحو 12 كيلوجراماً ويبلغ نصف قطر قدرتها التدميرية 20 متراً أيضاً لم يتم تأكيد مكان صنعها ووقت امتلاكها.
وتمتلك قوات الدعم السريع، سيارات مدرعة مصنعة في أوروبا استخدمتها لمراقبة المهاجرين غير الشرعيين على الحدود مع ليبيا ونقلتها للفاشر ومن ثم الخرطوم في أبريل الماضي.
وظهرت مع الدعم السريع عند الهجوم المستمر على سلاح المدرعات جنوبي الخرطوم المدرعة البيلاروسية “كايمان” وطرازات من مدرعات صرصر 4 وصرصر 5 التي تصنع محلياً ما يعكس نقلة جديدة للقوات في عملية التسليح خلال الحرب.
وسعت قوات الدعم السريع وفق الضابط المتقاعد العميد عبد المنعم، في حديثه لسودان تربيون إلى استخدام المدرعة VN4 وهي مدرعة صينية ودبابة تايب 96 اللتان تنتجان محلياً بواسطة الجيش عبر منظومة الصناعات الدفاعية.
وفي مقطع فيديو نشر على نطاق واسع ظهر عنصر للدعم السريع في الخرطوم داخل هيكل مبنى وهو يحمل قاذف القنابل الصيني QLZ-87 الذي ينتج محلياً بواسطة الجيش ما يرجح استحواذ الدعم السريع عليه من مجمعات ومخازن الأول.
تجارة الأسلحة
في السابع من سبتمبر 2023 نفى قائد ثاني قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو في مقابلة تلفزيونية وصول أي أسلحة من خارج السودان إلى قواته، وأن قواته تحصلت على كميات كبيرة من مخازن الجيش السوداني.
وقال عبد الرحيم دقلو “لا تأتينا أي أسلحة من خارج السودان، والعالم كله يعرف هذه التفاصيل”.
وأضاف قائلا “لم نكن جاهزين عندما بدأت الحرب، لأننا تفاجأنا بها.. ولكن ربنا وفقنا لاستلام كل مخازن الفلول وبعض مخازن القوات المسلحة”.
وقال الخبير العسكري عمر أرباب، لسودان تربيون، إنّ عملية التسليح الآن باتت عملية تجارة، خاصة عندما يكون التسليح لمليشيات أو قوات ليست لحكومة وهي مسألة ترتبط بالسوق وتجارة السلاح أكثر من ارتباطها بقضايا السياسة والعلاقات الدولية.
وأوضح أنّ عملية الحصول على أسلحة أميركية أو دولة أخرى ليس بالأمر الصعب لو لم يكن بصورة مباشرة يمكن أنّ يكون عبر وسطاء كما يحدث الآن في كثير من دول العالم.
واعتبر أرباب، محاولة ربط التسليح الدولي بعلاقات أو بشكل من أشكال الدعم تحليلاً غير صحيح لجهة أنّ المسألة صارت سوقاً وأصبحت تجارة طالما تمتلك الجهة المال لشراء السلاح من أي دولة مهما كانت لأن هذه الأسلحة مستخدمة الآن وتعتبر أسلحة استراتيجية ونوعية.
وتابع قائلا: “في النهاية هي أسلحة تقليدية وبالتالي الحصول عليها ليس صعبا. هي ليست منظومة الصواريخ اس 4 ،100 أو طائرات رافال ولا تمثل غواصات من هذا القبيل أو أسلحة محرمة دولياً”.
ورأى أنّ الحصول على الأسلحة مسألة طبيعية ومتوقعة في ظل انتشار تجار الأسلحة والأزمات.
وفي وقت سابق تحديداً 11 أغسطس 2023 كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية في تقرير لها أن دولة الإمارات العربية المتحدة تقدم دعما عسكريا لقوات الدعم السريع.
وقالت الصحيفة إن طائرة شحن إماراتية هبطت في مطار أوغندي بداية يونيو الماضي تأكد أنها كانت تحمل أسلحة وذخيرة، في الوقت الذي كانت تُظهر فيه وثائق رسمية أن الطائرة تحمل مساعدات إنسانية إماراتية إلى اللاجئين السودانيين.
في المقابل، نفت الإمارات في 14 أغسطس الماضي انحيازها لأي من طرفي الحرب بالسودان، أو أنها زوّدت أحد طرفي الحرب هناك بالسلاح والذخيرة.
وجاء النّفي الإماراتي بعد تقارير صحفية تحدّثت عن تقديم أبو ظبي دعما عسكريا كبيرا لقوات الدعم السريع، التي تقاتل الجيش السوداني منذ أبريل الماضي.
وقالت مديرة إدارة الاتصال الاستراتيجي بالخارجية الإماراتية عفراء الهاملي، في بيان إن الإمارات “لا تنحاز إلى أي طرف في الصراع الحالي الذي يجتاح السودان، وتسعى إلى إنهاء الصراع، وندعو لاحترام سيادة السودان”.
وأكثر ما بات يقلق السكان المتبقين في العاصمة وعدد من المدن التي تدور فيها معارك بين الطرفين هو استخدام المدفعية وقذائف الهاون التي تسقط بشكل عشوائي على المنازل والطرقات مما أدى إلى مقتل المئات بحسب التسلسلات التي ينشرها أطراف الصراع فضلا عن تقارير وبيانات المنظمات الدولية ولجان الخدمات التي يديرها النشطاء في الأحياء المختلفة.
سودان تربيون