خطف استاد المريخ السوداني الأنظار في اليومين الماضيين، بعدما ظهرت مجموعة من أفراد قوات الدعم السريع داخل الملعب الشهير باسم “القلعة الحمراء”، خلال الحرب الدائرة في البلاد.
وتداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يظهر خلاله أفراد من قوات الدعم السريع يتحدثون عن سيطرتهم وانتشارهم داخل الخرطوم، وتم بث الفيديو من داخل استاد المريخ الواقع في مدينة أم درمان بالعاصمة.
وأصبحت الحرب في السودان واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، بعد دخولها شهرها السابع، في ظل نزوح حوالي 6.2 ملايين شخص، وبات 24.7 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة، ويواجه 20.3 مليون شخص الجوع، وأصبحت البلاد جحيما بالنسبة لملايين الأطفال، حسب وصف كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لليونيسيف.
ومع بداية كل موسم، يعمل ناديا المريخ والهلال على تجهيز الفريقين سعيا لتحقيق حلم الفوز بلقب قاري، لاسيما دوري أبطال إفريقيا المسابقة الأكبر على مستوى الأندية في القارة السمراء، إلا أن الأمور انقلبت رأسا على عقب صباح 15 أبريل، عندما اندلع القتال في العاصمة الخرطوم بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وفي آخر 3 أعوام، لم يتمكن استاد المريخ من استضافة مباريات الفريق الشهير باللونين الأحمر والأصفر، وذلك بسبب تدهور أوضاع الملعب الذي استضاف المباراة الفاصلة بين مصر والجزائر في 2009، ضمن تصفيات إفريقيا المؤهلة إلى كأس العالم 2010، ما أجبر الفريق على خوض معظم المباريات خارج السودان وفي أحيان أخرى على ملعب الغريم التقليدي الهلال.
وسعى النادي الذي ظفر بكأس الكؤوس الإفريقية 1989 إلى إعادة تأهيل ملعبه الذي كان يتسع إلى حوالي 40 ألف متفرج، وذلك رغم الظروف الإدارية الصعبة التي كان يعيشها النادي في ظل وجود رئيسين.
وكشفت تقارير صحافية سودانية أن محمد حمدان دقلو “حميدتي”، قائد قوات الدعم السريع، قدم دعما سخيا لتأهيل “القلعة الحمراء”، واتخذت خطوات فعلية منذ العام الماضي ليكون جاهزا وفقا لمواصفات الاتحاد الإفريقي للعبة “كاف” من أجل استضافة المباريات.
إلا أن الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع أوقف الحياة في معظم مناطق البلاد، وقبل ظهور الفيديو الأخير لقوات الدعم السريع داخل الملعب الشهير، كان قد كشف آدم سوداكال، الرئيس السابق للمريخ، في تصريحات سابقة متداولة عن استغلال الدعم السريع للاستاد لأغراض عسكرية، لاسيما بعد أن قامت القوات بإدخال طائرات مسيرة ومعدات عسكرية عند إدخالها لبعض المعدات مثل النجيل والكراسي.
وفي أبريل الماضي، أوضح الصديق حفتر، الابن الأكبر لخليفة حفتر، أن زيارته للسودان قبل الحرب لم تكن سياسية، والتي التقى خلالها قائد قوات الدعم السريع. وأضاف في تصريحات لصحيفة “الشرق الأوسط” أنه زار السودان بناء على طلب من نادي المريخ الذي اختاره رئيسا شرفيا، موضحا أنه وعد بمساعدة النادي في الحصول على رعاة يمكنهم من توفير الدعم المطلوب.
وودع الفريق السوداني النسخة الحالية لدوري أبطال إفريقيا مبكرا، أمام يانغ أفريكانز التنزاني، وذلك من دور الـ 32، بعدما اختار استاد بيليه بالعاصمة الرواندية كيغالي أرضا للنادي الذي لا يشارك في أي مسابقة حاليا بسبب توقف المنافسات المحلية في البلاد.
أما الطرف الآخر، الهلال صاحب اللونين الأزرق والأبيض، ربما كان أكثر ضررا من غريمه التقليدي على الجانب المادي، بعدما قام بتأهيل ملعبه “الجوهرة الزرقاء” حتى يكون متطابقا لمواصفات “كاف”، والذي استضاف عدة مباريات قارية للفريق لكن دون حضور جماهيري بسبب معايير الاتحاد القاري.
وفي مطلع العام الجاري، أنجز مجلس إدارة الهلال معظم متطلبات “كاف” بعدما جهز ملعبه الذي يضم العديد من المرافق داخله بداية من الفندق مرورا بالعيادة وصولا إلى صالة الألعاب الرياضية، مع تفاصيل أخرى كانت يمكن أن تضع ملعب الفريق ضمن أجهز ملاعب القارة الإفريقية من ناحية الخدمات المتوفرة.
وسعت إدارة الهلال جاهدة إلى تجهيز الملعب، كما أبرم النادي العديد من الصفقات على مستوى اللاعبين الأجانب وذلك من أجل الظفر بدوري أبطال إفريقيا للمرة الأولى في تاريخ النادي الذي تأسس عام 1930.
ورغم الظروف الصعبة التي يعيشها السودانيون، نجح الفريق الأزرق في التأهل إلى مرحلة مجموعات دوري أبطال إفريقيا، واعتمد الاتحاد الإفريقي للعبة استاد بنجامين مكابا في تنزانيا ملعبا للفريق السوداني في مرحلة دور المجموعات، حسب التقارير.
وبسبب الحرب المشتعلة، تحول محيط ملعب الهلال الذي يبعد مسافة 1.2 كيلومتر من ملعب الغريم التقليدي، إلى مناطق اشتباكات بين طرفي الصراع، حسب بيان سابق للجيش السوداني، الذي اتهم الدعم السريع أيضا بنهب المحلات التجارية والبنوك المتواجدة في محيط الاستاد.
المستقبل المجهول يحيط بملاعب فاق عمرها 60 عاما، بسبب المعارك العنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وسط أحلام جماهير الناديين العريقين بمعانقة “الأميرة السمراء” ومجد إفريقيا بعدما كان الفريقان قريبين من تحويل الحلم إلى واقع آخر عقدين.
العربية نت