«أزمة وقود» وشيكة تنتظر السودانيين

بات السودانيون في انتظار أزمة وشيكة في الوقود بعد الإعلان عن «تدمير كامل» لـ«مصفاة الجيلي» للبترول في مدينة «الخرطوم بحري» التي كانت تُغطي، قبيل الحرب الراهنة بالبلاد، نحو 70 في المائة من الاستهلاك المحلي من البنزين وغاز الطهي. وسارع طرفا القتال في السودان (الجيش، و«قوات الدعم السريع») إلى تبادل الاتهامات بتدمير «مصفاة الجيلي» (70 كيلومترا شمال العاصمة الخرطوم)، في وقت لا تزال التقديرات لتداعيات استهدافها مجهولة المعالم في ظل تعذر المعلومات عن مقدار مساهمتها الحالية باستهلاك السودانيين منذ نشوب الحرب في أبريل (نيسان) الماضي. وقال الجيش في بيان، (الأربعاء)، إن ميليشيا «الدعم السريع» تسببت في حدوث حريق ببعض مرافق مصفاة الخرطوم نتيجة لإقدامها على تدمير وحدات التحكم بالمصفاة. وأضاف أنها (أي قوات الدعم) بادرت بإصدار بيان «في محاولة لإلصاق جريمتها النكراء بالقوات المسلحة السودانية التي يمنعها ولاؤها الوطني وعقيدتها الراسخة من الإقدام على مثل هذا (السلوك البربري وتدمير مقدرتنا الوطنية)». وجاء بيان الجيش بعد ساعات من اتهام «الدعم السريع» له بقصف المصفاة و«تدميرها بالكامل» عبر الطيران الحربي.

ويقدّر المحلل الاقتصادي الدكتور خالد التجاني، أن «طاقة عمل المصفاة كانت تقدر بنحو 100 ألف إلى 120 ألف برميل في اليوم، لكنها انخفضت بعد الاضطرابات خلال السنوات الماضية إلى نحو 60 ألف برميل». وقال التجاني لـ«الشرق الأوسط» إن إنتاج السودان بشكل عام من النفط انخفض كثيراً بعد انفصال جنوب السودان عام 2011، التي تأثر إنتاجها أيضاً جراء الحروب وعدم الاستقرار. مضيفاً أنه وعلى الرغم من أن «المصفاة لا تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية، لكن معظم الاستهلاك المحلي من الوقود يأتي من خلالها، بينما يتم استيراد (الجازولين) من الخارج». وشرح التجاني أن «الأزمة الوشيكة في الوقود ستكون مركبة ومجهولة المعالم؛ خصوصاً في ظل بلوغ تكلفة استيراد الجازولين ملياري دولار العام الماضي (قبيل اندلاع الحرب الحالية)، وبعد تدمير (مصفاة الجيلي) ستضاف إلى فاتورة الاستيراد تكلفة أخرى لتغطية الفجوة الناجمة عن تعطل عملها وهو البند الذي لايزال مجهولاً حتى الآن، وبالتالي ستعمق من الأزمة الاقتصادية والقدرات الشرائية للمواطنين». ولا يعرف حجم الأضرار التي تعرضت لها المصفاة التي تعد الرئيسية في البلاد، لكن بيان الجيش أشار إلى «استهداف غرفة التحكم الرئيسية»، بينما تتحدث «الدعم السريع» عن «تدمير كامل» للمصفاة، وخلال أشهر الحرب الجارية لم تصدر أي بيانات أو إحصاءات رسمية من وزارة الطاقة والنفط عن حجم إنتاج البلاد من النفط.

وتسيطر «الدعم السريع» على المصفاة، دون أن تعترض ضخ الوقود عبر خطوط الأنابيب الأرضية الناقلة للمستودعات في عدد من ولايات البلاد، لكن الإنتاج تراجع إلى مستويات متدنية ما تسبب في أزمات متكررة في وقود «البنزين» بجميع أنحاء البلاد. وبحسب «الدعم السريع» فإن القصف الجوي الذي تعرضت له المصفاة فجر الأربعاء وأدى إلى تدميرها بالكامل، هو رابع هجوم للجيش عليها منذ اندلاع الحرب، مشيرة إلى أن العاملين والموظفين ظلوا يوجدون داخل المصفاة لتأدية واجبهم في تقديم الخدمة للمواطنين. وتضاعفت أسعار الوقود في السودان منذ اندلاع الحرب، ووصل سعر لتر البنزين إلى 1440 جنيهاً سودانياً «الدولار الأميركي يساوي 600 جنيه سوداني تقريباً». وتسبب القتال بين الجيش و«الدعم السريع» المستمر منذ ما يقارب 8 أشهر، في دمار واسع للمستشفيات والمرافق الصحية أدى إلى خروج نحو 90 في المائة تماما عن العمل، كما تضرر كثير من المقار الحكومية والمؤسسات العامة في مركز العاصمة الخرطوم كليا وجزئيا جراء المعارك والاشتباكات والقصف الجوي والمدفعي المتبادل.

الشرق الأوسط

Exit mobile version