الفاشر .. مدينة تاريخية تحترق بـ”البارود” ويحرق «مصنع» كسوة الكعبة

مدينة تاريخية تحترق بـ”البارود” ويضرب جنباتها الصراع بين الجيش السوداني والدعم السريع، رغم ما تحمله من إرث كبير، عبر الحدود إلى الحجاز.

المدينة العامرة تعيش أسوأ كارثة إنسانية، بسبب المعارك العنيفة بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع”، أسفرت عن كلفة اقتصادية باهظة وتدمير هائل للبنية الاقتصادية.

وخلال الفترة الحالية، تشهد الفاشر معارك دامية بين الجيش السوداني وحلفائه من الحركات المسلحة ضد قوات الدعم السريع، وسط مخاوف من كارثة إنسانية في المدينة التي يحتمي بها مئات الآلاف من المدنيين.

وكشفت وزارة الصحة في ولاية شمال دارفور، عن أن عدد القتلى في الفاشر، بلغ 345 قتيلا بالإضافة إلى 2626 مصابا منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل/نيسان 2023.

ومع تصاعد وتيرة العنف والقتال، أبلغت مصادر عسكرية “العين الإخبارية”، أن “الطيران الحربي التابع للجيش السوداني، نفذ ضربات جوية، أسفرت عن حريق المحطة التحويلية لكهرباء مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور.

كما أفاد شهود عيان لـ”العين الإخبارية”، أن المدينة غرقت في الظلام الدامس، وأصبحت طاردة للمواطنين الأبرياء.

وتقع مدينة الفاشر في غرب السودان على ارتفاع 700 متر (2296 قدما) فوق سطح البحر على مسافة 802 كيلومتر غرب العاصمة الخرطوم، و195 كيلومترا عن مدينة نيالا باتجاه الشمال الشرقي.

وكانت الفاشر محطة انطلاق للقوافل في العصور القديمة، وتحولت بمرور الزمن إلى سوق للمحاصيل الزراعية.

وتلقب الفاشر بـ”الفاشر أبوزكريا” نسبة إلى الأمير زكريا والد السلطان علي دينار، الذي كان له فضل كبير في تطويرها، ما يركز الضوء على فترة حكم السلاطين في هذه المدينة.

سلطنة الفور
حكم سلاطين قبيلة “الفور” مدينة الفاشر لفترة امتدت ما يقارب 5 قرون، من سنة 1445 وحتى 1916، وكان أولهم السلطان سليمان سولونق وآخرهم السلطان علي دينار.

وكان هؤلاء يديرون السلطنة في بداية عهد حكمهم من منطقة “جبل مرة”، إلا أن السلطان عبدالرحمن الرشيد، وجد أن من الصعوبة بمكان إدارة السلطنة التي ترامت أطرافها من منطقة جبل مرة، فقرر نقلها إلى منطقة تتوسط السلطنة.

ووقع الاختيار على منطقة وادي رهد تندلتي الواقعة في السهول الشرقية من دارفور لإقامة فاشره (قلعته) فيها، خاصة أن المنطقة تسهل فيها فلاحة الأرض وتربية الحيوان.

وفي هذه الفترة، كانت الفاشر أيضا نقطة انطلاق للقوافل التجارية التي تمر عبر درب الأربعين (الطريق الذي يستغرق 40 يوما)، والذي كان يربط السودان بمصر لنقل العاج وريش النعام وأخشاب الأبنوس من غابات وسط أفريقيا إلى الأسواق المصرية وتعود محملة بالحرير، والأقمشة، والورق، والآنية.

على دينار
لكن الاسم الأكثر شهرة، هو علي دينار، آخر سلاطين الفور، أقام في مدينة الفاشر عاصمة دارفور، وأقام فيها مصنعاً لصناعة كسوة الكعبة، وظل طوال 20 عاما يرسل كسوة الكعبة إلى مكة المكرمة من الفاشر حتى اشتهر أهل دارفور بأنهم «كساة الكعبة» و«حراس الحجاج»، وفق تقارير محلية سودانية.

وعادة ما تكون كسوة الكعبة المشرفة، منقوشة بآيات قرآنية مكتوبة بالحرير، ومطلية بالذهب والفضة.

بالإضافة إلى ذلك، ينسب لعلي دينار، حفر أبيار علي، ميقات أهل المدينة للإحرام للحج والعمرة، بجوار المدينة المنورة وتجديد مسجد “ذو الحليفة”.

ووفق صحيفة “الراكوبة” السودانية، سميت أبيار علي بهذا الاسم نسبة للسلطان علي دينار، الذي جاء إلى الميقات أواخر القرن التاسع عشر، حاجاً، فحفر آباراً إضافية للحجاج ليشربوا منها وكان يُطعمهم عندها،

كذلك جدّد مسجد ذي الحُليفة، الذي صلى فيه النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو خارج للحج من المدينة المنورة.

العين الاخبارية

Exit mobile version