لم يكن بحسبان كثير من مواطني ولاية الخرطوم ومدينة أم درمان بشكل خاص ان تستغرق الحرب أياما أو أشهراً أو قد تمتد لعام أو أكثر فيما لم تكن ظروفهم الحياتية مهيئة لتلك الإحتمالات التي فرضتها الحرب وأصبحت واقعا مريرا في حياتهم اليومية.
قبيل الحرب كانت الظروف الإقتصادية في أسوأ حالاتها فالفقر والجوع ماثل بين كل ثلاثة مواطنين من السكان وفقاً لتقارير ومنظمات إنسانية لتضيف الحرب وأمدها بعداً جديداً للفقر والفاقة.
وجد مواطنو أم درمان في أحيائها المختلفة أنفسهم بين عشية وضحاها يمسون على انتهاكات مليشيا الدعم السريع وتدوينهم اللامحدود والعشوائي الذي يخلف عشرات بل مئات من القتلى ويصبحون على أوضاع إنسانية مأساوية ولأن ظروفهم لم تسمح بالمغادرة فقد قرروا البقاء رغم تلك الافرازات والمهالك والموت دون ذنب اقترفوه بالقذائف الطائشة والتدوين المتعمد ومع استمرارية الحرب لأربعة عشرة شهراً ظهرت حالات وفيات لمواطنين بالقهر بجانب قتلى التدوين العشوائي.
خلال تفقد الأوضاع و الوقوف على قصص مأساوية لمواطنين دفعوا الثمن غالياً جراء الحرب التي تشنها قوات التمرد المسنودة اقليميا ودولياّ بالمرتزقة والأجانب ، يروي المواطن حامد ابو حميدة والألم يعتصر قلبه أنه وفي بداية الحرب خرج كثير من جيرانه في منطقة الحتانة ولكنه ساعتها لم يتمكن من الخروج حيث لم تسعفه ظروفه المادية ففضل البقاء متوكلا على الله ولكن ظل التدوين العشوائي يزداد يوما تلو ٱخر على المنطقة، يقول حامد قررت أن أجد منفذ أو ٱلية للخروج ولكني فشلت أكثر من مرة نعم فشلت كما فشل آلاف المواطنين للظروف المادية ومع استمرار الوقت إستسلمت للواقع وبدأت ابحث عن رزقي في أسواق كرري حيث أعمل مكنيكي بيد أنه لا توجد فرص دخل إلا قليل ، يضيف حامد تمر بنا أيام نعيش على وجبة واحدة وهي العدس وأيام أخرى نتناول وجبة صباح ومساء حيث أغلقت المحال التجارية والأسواق قبل أن تعود الحياة بشكلها الحالي في كرري بعد ان فرضت القوات المسلحة سيطرتها على أحياء واسعة فيها.
وقال حامد إن الحياة تظلم علينا يوما تلو ٱخر أنا وأسرتي زادتها تدوينة عشوائية لمليشيا الدعم السريع المتمردة إظلاماً حيث استقرت قذيفة في جسد ابني البالغ من العمر ثمانية عشر ربيعاً ليفارق الحياة قتيلاً في ريعان شبابة وقتها لا أكتمك سراً قد تمنيت الموت بدلا عنه ولكني لم أجد سوى خيبتي. لعل مأساة حامد نموذجا لعشرات ومئات بل ٱلاف الذين قضوا نحبهم في هذه الحرب دون أن يجدوا من يحكون مأساتهم له أو يستمع لشكواهم غير الله وعزائهم أن تحرر القوات المسلحة البلاد من المليشيا وتطهرها من دنسهم مهما كلف الأمر.
بالمقابل هنالك أسوأ وأبشع الإنتهاكات في هذه الحرب والتي تعرضت لها أسر سودانية في منطقة أم بدة دفعت أحد الأسر العفيفة والشريفة الثمن غاليا نظير إعتراضها على إنتهاكات مليشيا التمرد ودخولهم للأسر والبيوت ، يروي (ع،ا، ا) من مواطني أم بدة أن مليشيا التمرد دخلت الى بيت أحد جيرانهم وكانت فيه الأسرة بكاملها حيث لم تسعفهم ظروفهم بالمغادرة إلى الولايات وقاموا بتفتيش المنزل فوقف الأب وأبنه معترضين على انتهاك حرمة منزلهم فقامت المليشيا في الحين بقتل الشاب رميا بالرصاص أمام والده وأخواته ووالدته وقاموا بتعصيب والده وتناوبوا على اغتصاب الأسرة وتركوا الأب مقيدا وعادو كرتهم لليوم الثاني متوعدين الأسرة بقتلهم جميعاً إذا حاولو الخروج وقاموا بذات الفعل الفاحش واغتصبوا البنات للمرة الثانية بل الأنكأ كما يقول الراوي قد جاؤا بجنود آخرين من المليشيا ، استمرت معاناة الأسرة لأيام وتدخل بعض الجيران وسط خوف وترهيب وقاموا بإخراج الأسرة في اليوم الرابع بعد أن فارق رب الأسرة الحياة مقهوراً ومفجوعاً لما أصابهم وتوجهت الأسرة إلى ولاية نهر النيل بمساعدة الجيران.
انتهاكات مليشيا الدعم السريع المتمردة وجرائمها التي رصدتها ووثقت لها كاميراتهم الشخصية تظل الأسوأ في تاريخ الحروب. ما بين نموذج القصتين يختتم ح، أ حديثه أن الحالة التي تعرضت لها أسرته في فقدان أبنه وفلذة كبده قد باتت غير مستغربة ففي مناطق وأحياء وقرى كثيرة واجهت الأسر السودانية ذات المأساة والمعاناة والقتل والتهجير من قبل المليشيا ما يحتم ضرورة أخذ الحيطة والحذر لما قد يرتكبونه من تصرفات وضرب عشوائي لا يميز بين المواطن والقوات النظامية ويوصي بعدم التحرك أثناء المعارك والهجمات وأصوات الرصاص حتى لا تزداد خسائر وأضرار المواطنين.
بالمقابل يختتم ع، أ حديثه إن قوات الدعم السريع المتمرّدة ليس لها قيود أو ضوابط فهي ترتكب كافة الجرائم في ان واحد قتل واغتصاب ونهب مما يحتم ضرورة أن يعمل المواطنين والأسر على تفادي التواجد بينهم أو في محيط سيطرتهم حتى لا تنتهك الأسر ويتم اغتصابها ونهبها كما حدث في كثير من المناطق التي دخلتها . إنتهاكات الدعم السريع المتمرّدة باتت أمرا معلوما لكثير من المواطنين فهي تضيف سجلاً أسودا لجرائم الحروب ضد المواطن والوطن.
سونا