كشف والي ولاية الخرطوم أحمد عثمان حمزة أن سلطات الولاية أمهلت الأجانب الذين يقيمون بطريقة غير قانونية لمغادرة الولاية إلى دولهم بعدما تورط آلاف منهم في القتال إلى جانب قوات الدعم السريع في مواجهة الجيش.
وقال حمزة للجزيرة نت إن الخرطوم لم تكن فيها مخيمات للأجانب قبل الحرب، بل نقاط لاستقبال وتسجيل اللاجئين قبل نقلهم إلى مخيمات في الولايات المعتمدة من قبل المفوضية السامية للاجئين في الأمم المتحدة.
وأوضح أنه بعد الحرب انتشر الأجانب المقيمون في الخرطوم في المواقع السكنية، وانخرط بعضهم في القتال إلى جانب قوات الدعم السريع وأصبحوا تهديدا للأمن والاستقرار، مشيرا إلى أنهم يعدون بعشرات الآلاف.
وذكر والي الخرطوم أن غالبية الأجانب الذين بقوا في ولايته بعد الحرب يقيمون بطريقة غير قانونية، وقد بدأت سلطات الولاية في إحصائهم عبر نقاط تسجيل اللاجئين تمهيدا لنقلهم إلى مخيمات اللجوء في الولايات الأخرى التي توجد بها المخيمات.
وأفاد حمزة بأن سلطات الولاية أجرت مشاورات مع مجلس السيادة ووزارة الداخلية ومعتمدية اللاجئين، وتم عقد ورشة في بورتسودان أقرت إجراءات لضبط الوجود الأجنبي.
وأضاف والي الخرطوم أن حكومته شكلت فريق عمل أقر بتسجيل اللاجئين في نقاط محددة، وتوفيق أوضاع من يريدون الإقامة في الولاية بطريقة قانونية، وإبعاد الآخرين إلى بلادهم بعد توقيفهم، خصوصا أن غالبيتهم دخلوا البلاد بطريقة غير مشروعة عبر الحدود مع دول مجاورة.
انفجار سكاني
وعن عدد سكان ولاية الخرطوم أوضح حمزة أن الخرطوم من أكثر العواصم العربية والأفريقية اكتظاظا بالسكان، حيث كان عددهم قبل الحرب نحو 15 مليون نسمة حسب التقديرات.
وأوضح أنه لم يجر تعداد سكاني رسمي منذ 2008 وكان عددهم حينذاك مليوني نسمة، حدث بعدها انفجار سكاني بسبب الأوضاع الأمنية في إقليمي دارفور وكردفان وانفصال جنوب السودان والهجرة من الريف للمدينة بحثا عن حياة أفضل.
وقال حمزة إن 60% من سكان الخرطوم غادروها بعد الحرب، إما طوعا لتجنب مخاطر القتال أو قسرا بعدما أجبرتهم “مليشيا الدعم السريع” على مغادرة منازلهم، ومن رفض منهم المغادرة “يقتل ويدفن في منزله”، وآخرون تركت جثثهم في العراء لتنهشها الكلاب.
وبين والي الخرطوم أن من تبقى من سكان الولاية يوجد غالبيتهم في محلية كرري شمال أم درمان والريف الشمالي والشرقي للولاية حيث تسير الحياة بشكل طبيعي.
واتهم قوات الدعم السريع بتدمير البنية التحتية بطريقة ممنهجة، وطمس ملامح العاصمة التاريخية من المتاحف والآثار ودار الوثائق القومية، وحرق سجلات الأراضي حتى يفقد المواطنون حقوقهم وإثبات ملكيتهم لمنازلهم.
وبشأن وضع المدارس، قال حمزة إن قوات الدعم السريع حولت المدارس إلى ثكنات عسكرية ومعسكرات لقواتها، كما تحولت مدارس أخرى إلى مراكز لإيواء النازحين ومقابر لدفن جثث الموتى، حيث اضطر مواطنون بسبب القصف والاشتباكات العسكرية إلى دفن جثث موتاهم في المدارس أو ميادين كرة القدم والساحات العامة بوسط الأحياء.
وأوضح أن الأوضاع الأمنية تحسنت في بعض مناطق الولاية بفضل طرد القوات المسلحة لـ”مليشيا الدعم السريع” من مواقع عدة وتوسيع دائرة الأمن، وبدأ مواطنون في العودة إلى منازلهم، وعادت شبكات الاتصالات وخدمات المياه والكهرباء، وفتحت المصارف فروعا لها بأم درمان، وكذلك استأنفت الشرطة والنيابات نشاطها، مؤكدا أن الحياة ستعود إلى سوق أم درمان الرئيسي قريبا.
أسواق “دقلو”
وكشف والي الخرطوم أن مواطني ولايته تعرضوا لأضرار جسيمة بنهب “مليشيا الدعم السريع” أموالهم ومدخراتهم ومنازلهم وسياراتهم، وأن “المليشيا” تبيع هذه الممتلكات في مناطق سيطرتها وأطلق عليها المواطنون “أسواق دقلو” في إشارة إلى قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”.
وأوضح أن السلطات استطاعت استرداد آلاف الأجهزة الكهربائية والأثاث، وتحتفظ بها في مخازن حتى يأتي أصحابها.
وذكر المسؤول السوداني أن “مليشيا الدعم السريع” اقتحمت السجون في الأيام الأولى للحرب، وأفرجت عن آلاف من نزلاء السجون من بينهم نحو 3 آلاف من عتاة المجرمين عادوا لممارسة الإجرام والسلب والنهب المسلح، لذلك شكل الجيش 8 محاكم عسكرية للقضاء على التعدي على ممتلكات المواطنين والنهب تحت تهديد السلاح.
وعن وضع المستشفيات، أفاد حمزة بأن “مليشيا الدعم السريع” اتخذت بعض المستشفيات مراكز لعلاج جرحاها، حيث تعمل بعض الكوادر الطبية تحت القهر بالسلاح، متهما إياها بنهب معدات وأجهزة غالبية المستشفيات وبيعها في تشاد وجنوب السودان وأفريقيا الوسطى والنيجر ومالي بمئات الملايين من الدولارات.
الجزيرة نت