تقطعت السبل بآلاف الأشخاص في شوارع مدينة كسلا بشرق السودان بسبب هطول أمطار غزيرة فاقم معاناة أكثر من مليون سوداني فروا إلى المنطقة بحثاً عن ملاذ منذ الحرب المستمرة منذ 15 شهراً.
وألحق موسم الأمطار الذي بدأ في وقت سابق من هذا الشهر الضرر بالملاجئ وجعل الطرق غير صالحة للاستعمال، كما سيعرض الملايين لخطر الإصابة بأمراض تنقلها المياه الراكدة في مناطق واسعة من البلاد.
ويأتي ذلك وسط استمرار تزايد عدد النازحين داخل السودان، والذي يتجاوز حالياً عشرة ملايين.
واندلعت الحرب في أبريل 2023 وأثارت تحذيرات من مجاعة وكذلك ما وصفته الأمم المتحدة بأكبر أزمة إنسانية في العالم.
ويقيم نحو 765 ألف نازح في ولاية القضارف، وأكثر من 255 ألفا آخرون في ولاية كسلا التي قالت الأمم المتحدة إنها تعرضت لأسوأ هطول للأمطار مطلع هذا الأسبوع.
وفي الموجة الأحدث من النزوح، فر 165 ألف شخص من ولاية سنار، حيث فر كثيرون منهم سيراً على الأقدام وسط الأمطار في الأسابيع القليلة الماضية. ووصل أكثر من عشرة آلاف شخص إلى مدينة كسلا ليتكدسوا في عدد قليل من المباني كان به أماكن بما في ذلك فناء مدرسة ومستودع فارغ، ولكن هذه الأماكن سرعان ما غمرتها المياه.
وقالت النازحة ندى عمر: “حتى الآن لم نجد مكان نستقر به.. الشمس فوق رؤوسنا.. رضينا بالشمس لكن عندما يأتي المطر لا نستحمل.. ندخل إلى هنا، فيخرجوننا.. صاحب هذا المطعم يسمح لنا بالدخول، لكنه يخرجنا مع آذان الفجر”.
وينتظر النازحون الآن تحت مظلات المتاجر أو يستظلون بأقمشة من المشمع في الشارع، مع توقعات باستمرار هطول أمطار غزيرة أكثر من المعتاد حتى سبتمبر. وقال مسؤول حكومي وعمال إغاثة إن بعض النازحين رفضوا خطة لنقلهم خارج المدينة، حيث لن تكون هناك سوى فرص قليلة للدخل.
وقال حسين عبده، وهو نازح آخر: “تفاجأنا بالمياه.. وأصبحنا جالسين في الشارع ولم نجد مكانا نستقر فيه”، مشيراً لمقتل طفلين ومسنة بسبب هذه الأوضاع.
وقالت الأمم المتحدة إن تقارير رصدت مقتل خمسة أشخاص على الأقل بسبب الأمطار.
والذين جاءوا في وقت سابق من الخرطوم أو ولاية الجزيرة، أو من ولاية القضارف الأكثر جفافاً قليلاً، ليسوا أفضل حالاً بكثير، فهم ينامون على الأرض في المدارس التي لا تتوفر فيها إلا خدمات قليلة ومراحيض مؤقتة غمرتها المياه أيضاً.
وقال محمد قزلباش من منظمة “بلان إنترناشيونال” إنه لم يجر الاستعداد لمثل هذا الوضع إلا قليلاً. وقال لوكالة “رويترز”: “وصلنا إلى نحو 500 يوم من الحرب والجميع منهكون.. إنها مأساة تلو الأخرى”.
وتستعد الحكومة وعمال الإغاثة للارتفاع المتوقع في الأمراض المنقولة بالمياه، بما في ذلك الكوليرا والملاريا وحمى الضنك، مع قلة العقاقير لعلاجها.
وقال الدكتور علي آدم، مدير إدارة الصحة بالولاية: “نحن نتقاسم ما لدينا.. لكن الوضع فوق طاقتنا”.
ويؤثر موسم الأمطار على معظم أنحاء البلاد. ودمرت الأمطار الأسبوع الماضي أكثر من 1000 منزل و800 مرحاض في مخيم زمزم في شمال دارفور، وهو أحد المواقع في البلاد التي يقول الخبراء إن المجاعة محتملة فيها.
في هذا الوقت، لم يتوقف تقدم قوات الدعم السريع التي قالت أمس الاثنين إنها وصلت إلى منطقة تبعد نحو 180 كيلومتراً عن القضارف، وهي إحدى الولايات التي يلوذ بها أكبر عدد من الناس.
ولا تملك كسلا، وهي الولاية المجاورة الوحيدة التي يسيطر عليها الجيش، القدرة على استيعاب الناس من القضارف، ولا تستطيع ذلك أيضاً بورتسودان التي أصبحت كالعاصمة بالنسبة للجيش.
وقال أحد المتطوعين في غرفة طوارئ القضارف: “الناس خائفة لكن ليس لديها خيارات أخرى.. الناس تنتظر قدرها.. المدن الأخرى امتلأت، خلاص”.
العربية نت