بعد الأمطار الشديدة التي شهدتها العديد من الولايات في السودان، لم تسلم ولاية النيل الأبيض من تداعياتها الكارثية، حيث تعرضت الولاية لانهيار عدد من المباني، بعضها تدمر جزئيًا وآخر بشكل كامل، في ظل غياب الدعم اللازم من السلطات، خصوصًا للأشخاص النازحين الذين لجأوا إلى المدارس كملاذ آمن.
انهيار وبحث عن الأمان
تشهد مدينة الدويم في ولاية النيل الأبيض هطول أمطار غزيرة في الوقت الحالي. ووفقًا لنازحة فضلت عدم الكشف عن هويتها لموقع “الترا سودان”، فإنها تسكن في منزل انهار أحد جدرانه، وعندما يتساقط المطر، تجد صعوبة في النوم بسبب تسرب المياه من سقف الغرفة المصنوعة من الحصير.
وأشارت إلى أن الأوضاع في الحرب أجبرتها على مغادرة منزلها في مدينة القطينة، التي تحت سيطرة الدعم السريع، واللجوء إلى مدينة الدويم التي تخضع لسيطرة القوات المسلحة السودانية بحثًا عن الأمان وتوفير الغذاء لها ولطفلها. ورغم أن زوجها يعمل في الأجهزة الشرطية، لم تقدم السلطات لهم أي مساعدة، وأضافت: “الدعم السريع لا ترحم أسر الذين يعملون مع الدولة، لذا قررنا المغادرة.”
ومنذ ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، استولت قوات الدعم السريع على مدينة القطينة في ولاية النيل الأبيض بعد انسحاب الجيش السوداني منها دون أي مقاومة. عقب دخول قوات الدعم السريع إلى المدينة، هجّر عدد كبير من سكان القطينة إلى مدن مختلفة في ولاية النيل الأبيض بحثًا عن الأمان والمواد الغذائية.
وضع صعب
وصف مشرف مركز محمد أحمد الماجري، حمدي ياسين محمد عبده، الحالة داخل المراكز في الدويم بولاية النيل الأبيض بأنها “صعبة جداً”، مشيراً إلى أن الوضع قد ازداد سوءاً نتيجة فتح مجاري مياه الحي نحو المدرسة، مما أدى إلى انقطاع الاتصال بين الفصول.
هذا الأمر أجبرهم على إنشاء ردمات ترابية لتسهيل خروج النازحين من الصفوف إلى الحمامات لقضاء احتياجاتهم.
قال ياسين في حديثه مع “الترا سودان” إن هناك أربعة فصول مهددة بالسقوط، وأشار إلى موقف صعب مروا به حيث كان هناك شخص مسن في فصل مهدد بالسقوط خلال يوم ممطر، وكان عاجزًا عن الحركة ومعه أطفال.
انطلق الشباب بسرعة نحو الصف لإنقاذه وتم نقله إلى فصل آخر.
وأضاف أنه أثناء عملية الإنقاذ، سقطت قطعة حديد من سقف الغرفة، فقامت سيدة بالإمساك بها لإنقاذ زوجها وأطفالها، ووصف الموقف بأنه “بطولي”.
أشار ياسين إلى غياب السلطات في الولاية، حيث لم تتقدم أي جهة لتقديم الدعم أو للاطمئنان عليهم حتى الآن. ووصف المساعدات التي حصلوا عليها خلال الأشهر الماضية بأنها “ضعيفة”، مطالباً السلطات بتوفير خيم لإيواء الفصول المتضررة بشكل مؤقت.
ذكر أنه توجد حالات من لدغات العقارب، وأكد على أهمية توفير مصل للعقارب بأسرع وقت ممكن، بالإضافة إلى الحاجة الملحة لتوفير الناموسيات بسبب وجود أعداد كبيرة من البعوض الناقل للأمراض.
أشاروا إلى حاجتهم إلى صندوق إسعافات أولية بسيط لمعالجة جروح الأطفال، بالإضافة إلى الأدوية المنقذة للحياة لمصابي الأمراض المزمنة.
تسول وسط الوافدين
يعتقد الصحفي راشد أوشي، المقيم في مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض، أن الشمس غائبة منذ أكثر من خمسة أيام، بينما تسقط الأمطار يومياً. وذكر أنه لا توجد أي تقارير أو إحصائيات رسمية تتعلق بخسائر الممتلكات، باستثناء منزل الناشط الاجتماعي والمتطوع أمين سنجاوي في كوستي الذي انهار فوق أسرته. وأوضح أنه الآن طريح الفراش بسبب إصابته، لكن أسرته بخير.
أشار أوشي في حديثه مع “الترا سودان” إلى انتشار أمراض في المدينة مثل الملاريا والتيفوئيد والتهاب العيون، واصفًا وضع النازحين في كوستي بالمؤسف. وأوضح أن المنظمات المدنية التي كانت توفر الوجبات للمخيمات قد تراجعت بشكل كبير بعد ارتفاع الأسعار. كما نوه بظهور ظاهرة عمالة الأطفال والتسول بشكل لافت بين الوافدين في ولاية النيل الأبيض.
يقول الرقيب شرطة ماجد هارون، العامل في إدارة الدفاع المدني بمحلية كوستي، إن الأمطار أدت إلى inundating بعض الأحياء بالمياه، مما تسبب في انهيار بعض المنازل في الأحياء (27) و(28) و(29)، بالإضافة إلى الأحياء الرابعة، والعايدين، وأبوشريف، وقوز السلام، والإنقاذ، وكادقلي مربع 1، وحي النصر.
أفاد هارون في حديثه مع “الترا سودان” أن العدد الكلي للمنازل التي تعرضت للتدمير الكامل هو (11) منزلاً، بينما دُمرت (78) منزلاً بشكل جزئي، مشيرًا إلى عدم تسجيل أي حالات وفاة بين المدنيين.
أفاد هارون بأن الأمطار استمرت طيلة الأيام الخمسة الماضية، مما تسبب في عرقلة حركة التجارة في الأسواق.
أشار إلى انتشار مرض الملاريا بشكل ملحوظ نتيجة عدم إغلاق البرك وفتح المجاري، بالإضافة إلى انتشار مرض التهاب الملتحمة الوردية الذي يؤثر على العيون بشكل واسع.
سودان تربيون