مادبو.. غبار الجهل
_ حاتم درديري _
يعتقد أنّ القبيلة درعٌ يحميه، لكنها لا تعدو كونها كدرعٍ من قشٍ أمام سهام الحقيقة. يلجأ إليها كمن يظن أن ورقةً يمكنها أن تقيه من سيفٍ حاد.
يظن أن كلماته خفيفة كنسيمٍ ينعش العقول، لكنها في الواقع ثقيلة كالحجارة، تسقط في بحر الفكر فتغرق دون أثر.
يخدع نفسه بأنّه مؤثرٌ، لكن الحقيقة أن وجوده أشبه بالغبار؛ يملأ المكان دون جدوى، ثم يتلاشى مع أول نفخة ريح.
يتصوّر أن صوته يحمل الحكمة، بينما هو في الحقيقة مجرد أصداء فراغ، يرن دون معنى.
يرتدي هيبته المُزيّفة، كمن يتباهى بقمرٍ من ورق، يضيئ للحظة، لكنه يحترق عند أول شعاع شمس.
أما مناصروه القبليون، فيرون في عقله نهرًا تغذي ضفافه الأشجار المثمرة، لكن الحقيقة المُـرّة هي أنّ عقله أشبه بصحراء قاحلة، لا ينبت فيها إلّا السراب والجهل. وكلماته كرياحٍ عابرة، تُثير الغبار دون أن تترك أثرًا.
وجوده كظلٍ ثقيل، لا يرحل إلّا حين تبتلعه ظلمات الجهل.
عقله مسجون في حدود قبيلته، لا يرى من العالم إلّا ما يعكسه جدار عقليته المتآكلة، يتباهى بقبيلته كمن يتفاخر بسفينة غارقة وسط أمواج متلاطمة.
وفي نهاية المطاف، يضطر للتواري كظل شجرة ميتة، لا تمنحه سوى خيبة الأمل، ليعود طالباً لاستنشاق نسيم السلام المدنس، بعد أن فشل رهانه على سقوط الفاشر والشمالية ونهر النيل خلال أسبوع.
في النهاية، انكمش في جحر القبيلة كالثعلب المهزوم الذي عاد خالي الوفاض.