رئيس الصين: الاقتصاد العالمي في خطر من الحماية التجارية وتقلبات الأسواق المالية

: قال الرئيس الصيني، شي جين بينغ، في افتتاح قمة مجموعة العشرين التي تستمر يومين ان الاقتصاد العالمي مهدد بتنامي الحماية التجارية ومخاطر الأسواق المالية.
جاءت تحذيرات شي بعد محادثات ثنائية مع نظيره الأمريكي باراك أوباما وصفها الأخير بأنها «بناءة للغاية»، لكنها فشلت في تقريب مواقف الطرفين بشأن قضايا شائكة مثل التوترات في بحر الصين الجنوبي.
ومع انعقاد القمة بعد تصويت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي «بريكست»، وقبل انتخابات الرئاسة الأمريكية، يتوقع المراقبون أن يدافع زعماء مجموعة العشرين عن حرية التجارة والعولمة ويحذروا من العزلة.
وقال شي إن الاقتصاد العالمي يمر «بمنعطف خطير»، في ظل تباطؤ الطلب وتقلب أسواق المال، وضعف التجارة والاستثمار.
وأضاف «تتلاشى تدريجيا محركات النمو من الجولة السابقة للتقدم التكنولوجي، في حين لم تحصل جولة جديدة من الثورة التكنولوجية والصناعية بعد على القوة الدافعة.»
وتأمل الصين في نجاح القمة لتبرز كدولة واثقة وقوية مستعدة للاضطلاع بدورها على الساحة الدولية بما يناسب مكانتها كثاني أكبر اقتصاد في العالم. ويجتمع في القمة ممثلون عن مجموعة العشرين التي تشكل 85 في المئة من إجمالي الناتج المحلي العالمي، وثلثي سكان العالم.
إلا ان خبراء يتوقعون عدم توصل القمة إلى نتائج حقيقية، حيث ان العالم لا يعاني حاليا من ازمة حادة تدفعهم إلى تحدي المشاعر الشعبوية المتزايدة واتخاذ خطوات صعبة مثل تحرير التجارة لمعالجة اصعب القضايا العالمية.
ورغم ذلك الا ان القمة سبقتها موجة من النشاطات الدبلوماسية في الصين حول قضايا من بينها التغير المناخي والحرب في سوريا والتجارة الدولية.
وقال كويتشي هاجيودا، نائب كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني، ان من المقرر أن تتفق دول مجموعة العشرين على بيان رسمي في نهاية القمة يقضي بأن تسخر إجراءات السياسة بما في ذلك الإصلاحات النقدية والمالية والهيكلية لتحقيق نمو اقتصادي قوي ومستدام.
وقال هاجيودا للصحافيين على هامش القمة «سيجري الالتزام باستخدام أدوات السياسة الثلاث المتمثلة في السياسات النقدية والمالية والإصلاحات الهيكلية لتحقيق نمو قوي ومستدام ومتوازن وشامل.»
وقال شي «يجب أن نحول مجموعة العشرين إلى فريق عمل لا منتدى للكلام.»
وأجرى شي محادثات مع رئيس الوزراء الأسترالي مالكوم ترنبول أمس الأحد وأخبره بأنه يأمل أن تواصل أستراليا توفير بيئة شفافة ونزيهة للمستثمرين الأجانب.
واستاءت الصين عندما أوقفت أستراليا صفقة بعشرة مليارات دولار أسترالي (7.7 مليار دولار) لبيع أكبر شبكة كهرباء في البلاد إلى مستثمرين صينيين الشهر الماضي.
واتهمت الصين أستراليا بالرضوخ لسياسات الحماية التجارية برفضها بيع شبكة «أسغريد»، ومنعها كذلك صفقة لبيع شركة «كيدمان آند كو» للمواشي إلى كونسورتيوم تقوده شركات من الصين. وأجرى أوباما أمس الأول محادثات مع شي استمرت حتى ساعة متأخرة من الليل. وقال «كانت المناقشات الثنائية التي أجريناها أمس بناءة للغاية ومازالت تشير إلى مجالات كبرى للتعاون.» وأشارت ورقة عن العلاقات الصينية الأمريكية صدرت أمس إلى إن الجانبين اتفقا بشأن عدد من القضايا من بينها تفادي التنافس في خفض قيمة العملة، وعدم وضع حدود لفرص التجارة أمام الشركات الأجنبية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ومن بين المشاركين في قمة مجموعة العشرين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، والرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي. ومن المرجح أن يجدد الزعماء تعهداتهم باستخدام سياسات الضرائب والإنفاق في تنشيط الاقتصاد العالمي، لكن من غير المرجح وجود مبادرة جديد لدعم النمو.
تتناول مناقشات القمة أيضا فائض الطاقة في صناعة الصلب العالمية، وهي نقطة شائكة بالنسبة للصين أكبر منتج للصلب في العالم، والقيود على الاستثمار الأجنبي وخطر خفض قيمة العملة لحماية أسواق التصدير.

خمسة أمور مهمة حول القمة

■ هانغتشو – أ ف ب: إفتتحت قمة مجموعة العشرين أمس الأحد في مدينة هانغتشو، التي تشتهر بمناظرها الجميلة، ما يمنح قادة الصين فرصة لاظهار بروز بلادهم كقوة كبرى على الساحة العالمية.
وحرصت الحكومة على تزيين المدينة المشهورة ببحيرتها التي تنتشر فيها الجزر، واغلقت الاف المصانع لتضمن خلو السماء من الدخان واكتسابها اللون الازرق، وشددت الاجراءات الامنية.
ولكن ورغم ان القادة يجتمعون في اجواء من المشاكل الاقتصادية وتباطؤ النمو العالمي، الا ان عدم وجود أزمة ملحة يعني ان القمة لن تخرج باختراقات، بحسب ما يرى المحللون.
وفيما يلي خمسة امور مهمة عن القمة:
■ ما هي مجموعة العشرين؟ تتألف مجموعة العشرين من 19 من أكبر الاقتصادات في العالم والاتحاد الأوروبي ما يمثل 85 في المئة من اجمالي الناتج المحلي وثلثي سكان العالم.
وتبحث القمة السنوية بشكل أساسي السياسات المالية والاقتصادية، ولكنها كذلك فرصة لاجتماع قادة العالم ومعالجة القضايا الراهنة سواء الازمات الجيوسياسية او التغير المناخي.
■ كيف بدأت؟ ولدت مجموعة العشرين في 1999 بعد أن أظهرت صدمة الازمة المالية في آسيا ضرورة تحسين التنسيق الاقتصادي العالمي.
ولم تكن مجموعة الدول السبع، التي تقتصر على اكبر الدول المتقدمة في العالم، تضم دولا قوية اقتصاديا مثل الصين والهند والبرازيل التي بدأت تلعب دورا مهما متزايدا.
في البداية عقدت اجتماعات فنية بين الوزراء، ولكن بعد الأزمة المالية في 2008 تم رفع القمة إلى مستوى القادة على أمل منع انهيار النظام المالي العالمي.
■ ما الذي حققته المجموعة؟ يعتمد ذلك على الجهة التي تسألها. يقول بعض الخبراء ان مجموعة العشرين هي منبر مهم لتنسيق السياسات الاقتصادية. ويعتقد آخرون انها جلسة غير رسمية للنقاش.
وما يمكن ان نقوله بالتأكيد هو ان الاجتماعات أثمرت عن قائمة طويلة من الوعود. وفي اجتماع العام الماضي في تركيا على سبيل المثال أطلق القادة 113 التزاما حول قضايا من بينها خفض المساعدات المالية للوقود الأحفوري وزيادة المساعدات للاجئين.
الا ان فشل المجموعة في تحقيق وعودها زاد من التساؤلات حول مصداقية وعودها المستقبلية.
ولم يتجاوز الالتزام بالوعود الـ113 التي قطعتها المجموعة في 2015 نسبة 63 في المئة، بحسب محللين في جامعة تورونتو.
■ ماذا يجب ان نتوقع منها؟ يقول محللون انه من غير المرجح ان تثمر قمة هذا العام بشكل خاص عن أية نتائج جدية. فبدون وجود أزمة حادة تحفز على التغيير، فإن المشاعر المتزايدة المعادية للعولمة تجعل من الصعب على العديد من القادة إطلاق أية التزامات مهمة.
وحذرت رئيسة صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، الأسبوع الماضي من ان العالم يواجه خليطا ساما من النمو البطيء طويل المدى، وتزايد انعدام المساواة، ما يخلق توجهات سياسية إلى الشعبوية وزيادة العوائق التجارية.
■ لماذا تعتبر هذه القمة مهمة للصين؟ منذ تحول انظار العالم إلى الصين لمساعدته في الخروج من الأزمة المالية في 2008، شعرت بكين انها تستحق ان تلعب دورا أهم يناسب مكانتها كأكبر ثاني قوة اقتصادية في العالم.
وقمة مجموعة العشرين هي أكبر قمة وأرفعها مستوى تستضيفها الصين في تاريخها.
وقد لا تكون احتفال تتويج، إلا ان الرئيس الصيني شي جين بينغ يعتزم ان يظهر للعالم ولمنافسيه السياسيين داخل البلاد، ان الصين دولة قوية وقادرة ومستعدة للعب دورها في قيادة الاقتصاد العالمي.
القدس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.