صورة حديثة متداولة تعود إلى أحياء أم درمان القديمة التي استعادها الجيش منتصف آذار/مارس الماضي من قوات الدعم السريع، الصورة تعكس مسجدًا ومِئذنة وقد فعلت القذائف بالجدران كل شئ ممكن أن يحدث، ويقول الناشطون إنها تعكس مدى اجتثاث الاشتباكات العسكرية لحياة الناس وسط الأحياء السكنية ومواقع العبادة.
اختفت معايير حماية المرافق المدنية في الحرب، وغلبت على المعارك رغبة اجتثاث حيوات الناس من الجذور
يبدو أن المنطقة كانت ساحة قتال بين قوات الدعم السريع والجيش في الأسابيع الأولى للقتال، وشهدت العديد من الأحداث المأساوية في حرب السودان التي يصفها الناشطون بكسر كل قواعد التعامل مع المدنيين والمرافق العامة، مثل المساجد والكنائس التي وجدت نفسها في قلب معارك برية عنيفة.
في “فيسبوك” الأكثر استخدامًا في أوساط السودانيين نشر عمر العلي مقطع فيديو قصير مع موسيقى حزينة، والمسجد الذي يطل من بين منزلين في شارع ترابي يسير عليه بعض الأشخاص بحذر شديد في حي أم درماني قديم استعاده الجيش قبل شهور.
الطابع المعماري في المساجد موحد الشكل من خلال أنماط تشييد تعتمد على الفناء الخارجي المحاط بالجدران وباحة المسجد المطلي باللون الأخضر والأبيض عادة، كما يتم إنشاء مئذنة بطول مرتفع حوالي (30) مترًا من سطح الأرض.
أما الكنائس هي الأخرى لم تنجُ من حرب السودان، وأغلبها في مناطق سيطرة الدعم السريع، ومن أبرز الكنائس في شارع 15 بالعمارات شرق العاصمة الخرطوم والتي تعرضت إلى نهب الأصول والأموال والسيارات المخصصة للموظفين، والقساوسة حسب تقرير منصة الحريات الدينية.
عندما استعادت القوات المسلحة أحياء أم درمان القديمة، قالت إن قوات الدعم السريع استخدمت مسجدًا للأغراض العسكرية، وحولت باحة الصلاة على مقربة من المحراب إلى منصة مدافع.
التقارير الصادرة عن منظمات الحريات الدينية حذرت من أن الانتهاكات طالت المساجد والكنائس من الطرفين، لكن من قوات الدعم السريع بشكل أكبر خاصة داخل العاصمة، كما أجبرت هذه القوات بعض العائلات من الطائفة القبطية في أم درمان على دفن موتاهم داخل المنازل، ومنعتهم من نقل الجثامين إلى المقابر العامة.
الصورة المتداولة الساعات الماضية حملت الذكريات وآلام الحرب معًا، عندما أظهرت جدران المنازل يتوسطها المسجد والمئذنة، وقد تضررًا من القذائف التي امتدت على غالبية مساحة المباني.
في أحياء أم درمان القديمة تعيش طائفة الأقباط رغم لجوء المئات منهم إلى مصر وإقامة طقوسهم هناك في أجواء مليئة بالأمل والخوف معًا، الخوف من فقدان البلد الذي عاشوا فيه لسنوات، إلا أن العشرات من أبناء الطائفة لا يزالون في أم درمان.
عندما وصل جنود الجيش إلى منازل أفراد الطائفة في أم درمان لحظة تراجع قوات الدعم السريع، كانت الدموع كفيلة بإظهار المعاناة التي رافقتهم قرابة العام مع انتشار قوات حميدتي.
بفعل مركبات الدفع الرباعي من شركة تويوتا تمكنت قوات الدعم السريع من استخدام عامل السرعة والمباغتة عكس التقاليد المتبعة لدى الجيش السوداني، الذي يعتمد على مجموعة عوامل للقتال.
في أحياء أم درمان القديمة لا يزال العاملون في إزالة المتفجرات والأجسام العسكرية يواصلون الجهود لنظافة الأحياء السكنية، لتهيئة منطقة شهدت عمليات حربية لفترة (11) شهرًا بشكل شبه يومي.
حركة مركبات الدفع الرباعي تتيح لقوات الدعم السريع التنقل بين الشوارع، بالتالي ملاحقة المدنيين في الشوارع، وتقول وقائع رصدها ناشطون إن هذه القوات عادة ما تطلق الرصاص على المباني والأشخاص لأسباب لا ترتقي لاستخدام السلاح.
حاول المواطنون في المناطق الواقعة تحت سيطرة الدعم السريع استعادة الأنشطة اليومية والعبادات في المساجد، ورغم المحاولات المستمرة لكن سلوك هذه القوات في بعض الأحيان دفعهم إلى العزوف عن الذهاب إلى المسجد في أحايين كثيرة.
في الصورة يظهر جدران المسجد المطلي باللون الأبيض وكأنه تعرض إلى الرشق بالطين، لكن عندما تتمعن تجد بشكل واضح كيف أن الرصاص والقذائف قد أحدثت الثقوب حتى اختفى شكل الجدران.
الترا سودان