يثير أطفال السودان وما يتعرّضون له في ظلّ الحرب المتواصلة في البلاد منذ نحو 17 شهراً، قلقاً دائماً لجهات عديدة تُعنى بحقوق الطفل ورفاهه، ولا سيّما في النزاعات. وفي هذا الإطار، حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من أنّ “الهجمات المروّعة” التي تُسجَّل وسط الاقتتال الدائر في السودان تمضي في إلحاق الضرر بالصغار. وقد شدّد ممثل منظمة يونيسف في السودان شيلدون ييتّ على “وجوب توقّف موجة الفظائع التي تُرتكب في حقّ هؤلاء الأطفال”.
وقد نقل المكتب الإقليمي لمنظمة يونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تصريحاً أخيراً صادراً عن ييتّ، جاء فيه أنّ في وقت سابق من هذا الأسبوع، أفادت تقارير بمقتل وإصابة ما لا يقلّ عن 30 طفلاً، وذلك نتيجة سقوط قذائف على مدينة سنّار في وسط البلاد. وأشار المسؤول الأممي إلى أنّ “الهجمات المروّعة تمضي في التسبّب في أذى ومعاناة كبيرَين بين الأطفال”، إلى جانب “أضرار ودمار واسع النطاق تطاول البنية التحتية الأساسية التي يعتمد عليها الأطفال في البلاد.
وبيّن المسؤول الأممي أنّ الأسلحة المتفجّرة، في العام الماضي، تسبّبت في أكثر من نصف الحالات التي قُتل أو أُصيب فيها أطفال في السودان، بحسب ما وثّقته الأمم المتحدة. يأتي ذلك في حين تتواصل الحرب بالبلاد، ما بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، منذ منتصف إبريل/ نيسان 2023.
وشدّد ييتّ على وجوب توقّف العنف الذي يستهدف أطفال السودان وكذلك الهجمات التي تطاول البنية التحتية المدنية، وجدّد في هذا الإطار الدعوة التي توجّهها مراراً وتكراراً وكالته التابعة للأمم المتحدة إلى طرفَي الصراع من أجل “الوفاء بالتزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي”، بالإضافة إلى “اتخاذ كلّ الإجراءات الاحتياطية الممكنة لحماية الأطفال”.
وتابع المسؤول في منظمة يونيسف، في التصريح نفسه، أنّ عام 2023 شهد أكبر عدد من “الانتهاكات الجسيمة الموثّقة ضدّ أطفال السودان منذ أكثر من عقد من الزمن”. وشرح أنّ تلك الانتهاكات شملت قتل الأطفال وتشويههم بنسبة قُدّرت بنحو 72%، تلاها تجنيد الصغار واستغلالهم من قبل الجماعات المسلّحة وتعرّضهم للعنف الجنسي.
ووسط استمرار الحرب في السودان، بيّن ييتّ أنّ الأمم المتحدة ما زالت تتلقّى معلومات عن “أعداد صادمة” من الأطفال الذين يقعون ضحية تلك الحرب، في عام 2024. وشرح أنّ أطفال السودان الضحايا إمّا يُقتَلون وإمّا يُصابون بجروح مختلفة، في جرّاء القصف الجوي العنيف وكذلك القصف المدفعي ونيران الأسلحة الخفيفة. ولفت المسؤول الأممي إلى أنّ “الفتيات خصوصاً يتحمّلنَ عبئاً ثقيلاً”، في ظلّ الحرب الدائرة، ولا سيّما أنّهنّ يواجهنَ “مخاطر مروّعة تهدّد سلامتهنّ”، بما في ذلك “الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي”.
وفي وقت سابق من هذا العام، تساءلت المديرة الإقليمية لمنظمة يونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أديل خضر: “كم من أحلام أطفال السودان سوف تُحطّم بعد، قبل أن تنتهي هذه الحرب العبثية؟!”، في استهجان واضح. من جهتها، وصفت نائبة ممثّل يونيسف في السودان ماري لويز إيغلتون الوضع هناك بأنّه “أزمة منسيّة”، مبيّنةً أنّ أطفال السودان من أبرز ضحاياها، وأنّ نحو “24 مليون طفل سوداني يعيشون كابوساً حقيقياً”. فالحرب وتداعياتها لم توفّر هؤلاء، علماً أنّ الأطفال عموماً من الفئات الأكثر هشاشةً وسط النزاعات.
العربي الجديد