تقول الأنباء الواردة من محيط مدينة سنار إن قوات عسكرية تابعة للجيش والقوات الرديفة تعرضت إلى كمين من قوات الدعم السريع قرب محمية طبيعية في هذه البلدة الواقعة على مقربة من نهر النيل الأزرق، ما أدى إلى خسائر فادحة.
الجيش حاول إرسال قوات عسكرية ومتحرك عملياتي
حدثت هذه العمليات في سلاح المهندسين بأم درمان في آذار/مارس الماضي، وفي سلاح المدرعات في حزيران/يونيو الماضي، وفي بابنوسة من محيط الفرقة 22 مشاة، حيث انتشرت القوات المسلحة في الأحياء المجاورة خلال أيار/مايو الماضي.
خسائر فادحة
طبقًا للأنباء القادمة من سنار، قرب منطقة مايرنو الواقعة على بعد عشرة كيلومترات من المدينة الواقعة تحت سيطرة القوات المسلحة، فإن الجيش حاول إرسال قوات عسكرية ومتحرك عملياتي للوصول إلى مسافات بعيدة من أطراف سنار، وتعرض إلى كمين من قوات الدعم السريع التي استغلت وجود الغابات والأشجار الكثيفة وأطلقت النيران بكثافة عالية، شملت المدافع والرشاشات.
وتقول مصادر صحفية محلية إن الجيش تعرض إلى كمين أمس الأحد في غابة “عرديبة” قرب مدينة سنار، وفتحت قوات الدعم السريع النيران على غالبية العناصر، ومن نجا من الكمين وصل إلى منطقة مايرنو.
ويعزو الباحث في الشؤون الاستراتيجية، محمد عباس، في حديث لـ”الترا سودان”، وقوع القوات المسلحة في كمين قوات الدعم السريع إلى غياب التخطيط المسبق للمعارك، والتي تعتمد على العمل الاستخباراتي، وضعف القدرات في رصد حركة الطرف الثاني وتحليل ردات فعله، إلى جانب عدم وجود طيران فعال قادر على تتبع حركة قوات حميدتي في المدن والأحياء والطرق البرية، وغياب التكنولوجيا عن أضابير القوات المسلحة في الحروب.
ويرى عباس أن الجيش لا يزال يخوض المعارك العسكرية بالوسائل التقليدية التي كان يستخدمها في الحروب الداخلية منذ الاستقلال. والحرب الحالية بحاجة إلى تحليل حركة الطرف الثاني والعمل على مباغتته بدلًا من التحول إلى خانة رد الفعل.
الكمين يعطل الجيش
في أيار/مايو 2023، تعرض الجيش إلى كمين مماثل عندما أرسل قوات عسكرية بمساندة القطع الحربية عبر الطريق الرئيسي في الخرطوم بحري. اعتُبرت العملية في ذلك الوقت “الضربة القاصمة للظهر”، واحتاج الجيش إلى وقت للتعافي من آثار الكمين.
كما تعرض إلى كمين آخر خلال ذات الفترة عبر قوات وصلت من ولاية الجزيرة إلى منطقة سوبا، وقتل ضابط رفيع برتبة عميد، كان هو القائد الميداني للعملية التي هزت الرأي العام المحلي.
باحث: الجيش عندما حاول التوسع إلى أطراف سنار كان يحاول الاقتراب من مدينة سنجة
ويرى محمد عباس أن الجيش عندما حاول التوسع إلى أطراف سنار كان يحاول الاقتراب من مدينة سنجة. ومع تقدم الجيش من النيل الأزرق وولاية القضارف إلى محلية الدندر، ربما يمكن وضع الدعم السريع في “كماشة محكمة”.
ويعتقد عباس أن الملاحظ في تحركات الجيش هو التعجل وعدم دراسة الطرق وتحليل الطبيعة المحيطة بها، مثل الغابات أو المباني المرتفعة، كما حدث في الخرطوم بحري. سيما مع حركة قوات الدعم السريع ذات الأدوات القتالية البرية التي تتميز بسرعة الانتقال والوصول إلى أي موقع.
وضمن الخسائر التي حدثت للجيش في نطاق هذه العمليات التي تنفذها قوات حميدتي، وقوع قوات عسكرية شملت القوات المسلحة والحركات المسلحة في كمين مطلع نيسان/أبريل الماضي إثر محاولتها الوصول إلى كبري حنتوب على النيل الأزرق والسيطرة على ود مدني الواقعة تحت سيطرة قوات الدعم السريع، منطلقةً من منطقة الخياري الواقعة شرق ولاية الجزيرة.
العقوبات الدولية لها تأثير
وأرسل مراسل “الترا سودان” الاستفسارات حول العمليات، لكن لم يتلق الرد عليها من متحدث الجيش والأمين العام لمجلس السيادة الانتقالي.
في ذات الوقت، يقول محمد نور، الباحث في مجال القطاعات العسكرية والأمنية، إن الكمائن التي حدثت للجيش ربما حدثت بذات النسق لقوات الدعم السريع، لكن ما يتعرض له الجيش دائمًا يظهر بشكل كبير كونه جيشًا نظاميًا يتبع لمؤسسة عسكرية قومية.
وأضاف: “هذا لا يمنع من العمل على خفض الخسائر خلال الحرب بتقييم كل فترة على حدة، والعمل على تحليل المعارك التي خُسرت فيها، وما الذي أدى إلى تفادي الخسائر في المعارك الأخرى”.
ويرى محمد نور في حديث لـ”الترا سودان” أن الجيش تعرض إلى حصار من الدول المصنعة للسلاح منذ سنوات، ولم يحصل على أسطول بحري حديث أو طائرات ذات كفاءة عالية خلال العامين الأخيرين على الأقل، ويخوض المعارك من خلال إرثه وخبرته الطويلة الممتدة إلى أكثر من مائة عام.
ويقول أنور إن قوات الدعم السريع تستغل السرعة والحركة، عكس العناصر التي يعتمد عليها الجيش في الحرب، بالعمل من خلال سلسلة من القيادة العسكرية إلى الأدنى، ثم العمل وفق الإمكانيات المتاحة. موضحًا أن أعداء الجيش هم من أوصلوه إلى مرحلة بناء قوات موازية له، بالتالي لا ينبغي تجريب المجرب مرة أخرى، أي أن عزل السودان من العالم انعكس على بناء قدرات الجيش.
المراقبة عن كثب
منذ إجازة قانون قوات الدعم السريع وتحولها إلى قوات عسكرية تابعة للحكومة السودانية في البرلمان في العام 2017، تلقت هذه القوات انتدابات من الجيش بأوامر مباشرة من الرئيس عمر البشير. وصل عددهم إلى 400 ضابط، ورغم عودة الغالبية من الانتدابات العسكرية إلى الوحدات التابعة للجيش خلال الحرب، لا يزال بعض الضباط مستمرين في العمل مع قوات الدعم السريع، من بينهم قائد العمليات اللواء عثمان حامد الشهير بـ”عثمان عمليات”، إلى جانب العميد عمر حمدان رئيس وفد التفاوض في جدة وجنيف.
كما أدت تمركزات قوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم والمدن الرئيسية منذ عملية انتشارها الموسع في العام 2014 بعد عام الاحتجاجات الشعبية ضد نظام البشير، إلى بقائها في نطاق عمليات الجيش. بالتالي، يقول مراقبون عسكريون إنها درست جميع الأوضاع التي تدربت عليها القوات المسلحة.
تقول تقارير عديدة إن قوات الدعم السريع حصلت على تمويل سخي من الاتحاد الأوروبي خلال فترات مكافحة الهجرة غير النظامية إلى القارة الأوروبية
وتقول تقارير عديدة إن قوات الدعم السريع حصلت على تمويل سخي من الاتحاد الأوروبي خلال فترات مكافحة الهجرة غير النظامية إلى القارة الأوروبية من الصحراء والبحر المتوسط.
ويضيف المصدر الدبلوماسي لـ”الترا سودان”: “التمويل أنفق على تحديث قطاع الاتصالات واعتراض معلومات الطرف الثاني. قوات الدعم السريع أضمرت الشر للجيش منذ سبع سنوات ورتبت العديد من المقار في العاصمة الخرطوم على مراقبة الجيش بشكل مكثف، بالتالي من السهل معرفة طبيعة تفكير وطريقة القوات المسلحة في الحركة والوسائل المستخدمة في القتال”.
الترا سودان