أكد حزب الله اللبناني مقتل القيادي إبراهيم عقيل الملقب بـ”الحاج عبد القادر”، بعد ساعات من غارة جوية الجمعة على الضاحية الجنوبية لبيروت، أودت بحياة 14 شخصاً.
وقال حزب الله في بيان إن “المقاومة الإسلامية تقدم اليوم أحد قادتها الكبار” إبراهيم عقيل “شهيداً على طريق القدس”، وهي عبارة يستعملها لنعي عناصره الذي يقتلون بنيران إسرائيلية، منذ أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الاول التي أطلق عليها “طوفان الأقصى”.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أكد في وقت سابق مقتل القيادي إبراهيم عقيل الذي وصفه بأنه “رئيس منظومة العمليات لحزب الله والقائد الفعلي لقوة الرضوان، وقائد خطة حزب الله لـ”اقتحام الجليل”، بالإضافة إلى مقتل ما لا يقل عن عشرة من قادة الجماعة اللبنانية.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري إن قائد وحدة الرضوان وكبار قادة الوحدة “كانوا مجتمعين تحت الأرض عندما جرى استهدافهم وقتلهم في غارة جوية إسرائيلية”.
وأوضح هاغاري في مؤتمر صحفي: “لقد تجمعوا تحت الأرض، تحت مبنى سكني، في قلب الضاحية، مستخدمين المدنيين دروعاً بشرية، لقد اجتمعوا لتنسيق الأنشطة الإرهابية ضد المدنيين الإسرائيليين”.
وأضاف هاغاري أن ما لا يقل عن عشرة من قادة حزب الله قُتلوا في الغارة الجوية في بيروت، إلى جانب عقيل.
وأفاد الجيش في بيان نشره المتحدث للإعلام العربي أفيخاي أدرعي أن طائرات حربية أغارت “بشكل دقيق في منطقة بيروت وبتوجيه استخباري لهيئة الاستخبارات العسكرية وقضت على المدعو إبراهيم عقيل” إلى جانب “قادة كبار في قيادة منظومة العمليات وقوة الرضوان”.
كما أفادت وكالة رويترز نقلاً عن مصدر أمني بأن عقيل قُتل إلى جانب أعضاء من وحدة الرضوان أثناء عقدهم اجتماعاً.
من جانبه قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الجمعة، إن أعداء إسرائيل لن ينعموا بملجأ حتى في معقل حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وكتب غالانت على منصة إكس “لا ملاذ لأعدائنا، ولا حتى في الضاحية ببيروت”، مضيفاً أن إسرائيل لن تتراجع عن موقفها بعد اغتيال كبار قادة حزب الله في بيروت، لحين تحقيق هدف “العودة الآمنة لسكان الشمال إلى منازلهم”.
قتلى وعشرات الجرحى
وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية أن 14 على الأقل قتلوا وأصيب 66 آخرون، نتيجة الغارة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت منطقة سكنية في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وسُمع دوي انفجارات قوية في العاصمة اللبنانية جراء ما قيل إنها صواريخ أطلقتها مسيرة إسرائيلية، كما شوهدت سحابة كثيفة من الدخان تتصاعد فوق العاصمة.
وأفادت “الوكالة الوطنية للاعلام”، بأن طائرة حربية من طراز إف 35 شنت غارة على شقة في منطقة الجاموس في الضاحية الجنوبي لبيروت.
فيما قالت هيئة الدفاع المدني في بيان إن “فرق البحث والإنقاذ المتخصصة لديها توجهت من مراكز عدة إلى موقع انهيار المبنيْين السكنييْن في محلة الجاموس، في ضاحية بيروت الجنوبية، نتيجة العدوان الإسرائيلي”.
ووصفت وكالة فرانس برس عن مصدر مقرب من حزب الله إبراهيم عقيل، على أنه الرجل العسكري الثاني في حزب الله بعد فؤاد شكر”، والذي قتل بغارة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية في 30 يوليو/تموز.
وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي قد قال إن الجيش شن “غارة دقيقة” في منطقة في بيروت.
“نريد حلاً”
وفي خضم الأحداث المتسارعة في لبنان خلال الأيام الأخيرة، أعرب المواطنون اللبنانيون عن أملهم في إيجاد حل للوضع الحالي في البلاد، في ظل ازدياد التوترات بين حزب الله وإسرائيل.
ويقول آلان فغالي في إشارة لحزب الله: “نحن نقف إلى جانبهم، لكننا نريد حلاً. نريد أن نعيش في وطن مسالم. لا ينبغي لشعبنا أن يموت بهذه الطريقة!”.
فيما أكد مواطن آخر لرويترز: “نحن لسنا خائفين، لكننا نريد حلاً. لا يمكننا أن يستمر البلد على هذا النحو. لا يمكننا أن نقول إننا نعرف ما سيحدث اليوم. ولا أحد يعلم ما سيحدث. الوضع غير مطمئن”.
وأضاف أن الخوف من المستقبل قائلاً: “نحن لا نخاف على أنفسنا، نحن خائفون من المستقبل، خائفون على أطفالنا، وعلى المدارس، نريد أن نرى حلاً مناسباً لنعرف إلى أين نمضي”.
ويعبر أبو ناصر وهو مواطن من بيروت قائلاً: “بصراحة، أنا لست خائفا على نفسي، وأريد فقط أن يتحسن حال البلد. ولكن كما ترون، الأمر لا يتحسن. ستستمر الحرب وسيستمرون في القصف. ولا أعرف إلى أين نتجه”.
أما دولياً، فقال البيت الأبيض إن واشنطن تبذل جهوداً دبلوماسية مكثفة لمنع تصعيد الصراع على الحدود الإسرائيلية اللبنانية.
وقال المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي إنه لا علم له بأي إخطار إسرائيلي للولايات المتحدة قبل غاراتها في بيروت الجمعة، مضيفاً أن الأميركيين حثوا بشدة على عدم السفر إلى لبنان أو المغادرة للموجودين في البلاد.
فيما قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنه “يتعين علينا أن نتأكد من أن سكان شمال إسرائيل وجنوب لبنان قادرون على العودة إلى ديارهم والعودة سالمين”.
وأدانت السفارة الإيرانية في لبنان في تغريدة على موقع إكس، ما وصفته بـ “الجنون الإسرائيلي الذي تجاوز كل الحدود”.
كما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر الكناني في بيان: “إن الضربة الجوية الوحشية والشريرة التي شنها النظام الصهيوني على بيروت، هي انتهاك صارخ للقانون الدولي واللوائح، فضلاً عن انتهاك سيادة لبنان وسلامة أراضيه وأمنه الوطني”.
وأصدرت حركة حماس بياناً أعلنت فيه تضامنها الكامل مع حزب الله، مشيدة “بمواقفهم الشجاعة، وإصرارهم على الانحياز للقيم القومية والدينية والإنسانية” بالاستمرار في معركة مساندة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
في السياق ذاته، قالت مصادر مطلعة لوكالة “تسنيم” الإيرانية إنه لا صحة لما يردده الإعلام العبري عن مقتل نائب قائد فيلق القدس محمد رضا فلاح زاده، في الهجوم على جنوب بيروت، بعد أن ترددت أنباء عن وجوده في مكان الغارة.
أعربت الأمم المتحدة يوم الجمعة عن قلقها الشديد بعد الغارة الإسرائيلية التي ضربت العاصمة اللبنانية بيروت، وحثت جميع الأطراف على ممارسة “أقصى درجات ضبط النفس”.
وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: “نحن بالطبع في غاية القلق بشأن التصعيد المتزايد، بما يشمل الغارات القاتلة التي شهدناها في بيروت اليوم”.
وأضاف: “نحث جميع الأطراف على خفض التصعيد على الفور. يجب على الجميع ممارسة أقصى درجات ضبط النفس”.
تصعيد مستمر بين حزب الله وإسرائيل
محاولات لإطفاء النيران بعد هجوم صاروخي من حزب الله في لبنان في مرتفعات الجولان المحتل في 20 سبتمبر/أيلول 2024صدر الصورة،Reuters
التعليق على الصورة،محاولات لإطفاء النيران بعد هجوم صاروخي من حزب الله في لبنان في مرتفعات الجولان المحتل في 20 سبتمبر/أيلول 2024
وأعلن حزب الله أنه استهدف مقر وحدة المراقبة الجوية وإدارة العمليات في المنطقة الشمالية في إسرائيل، المسؤولة عن الاغتيالات في قاعدة ميشار بصواريخ الكاتيوشا، الجمعة.
بينا أعلنت إسرائيل في وقت سابق من اليوم، أن حزب الله أطلق أكثر من 100 صاروخ من لبنان الجمعة، بعد غارات جوية إسرائيلية مساء الخميس دمرت عشرات من منصات الإطلاق.
وأفادت المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلي بأن حزب الله أطلق “نحو 140 صاروخا من لبنان خلال ساعة”، بدأت تقريباً من الساعة 1:00 ظهراً (10:00 بتوقيت غرينتش)”.
وقال حزب الله إنه استهدف ست قواعد عسكرية إسرائيلية على الأقل بوابل من نيران الصواريخ ردًا على القصف الليلي الذي وصفه الناس في جنوب لبنان بأنه من بين الأعنف حتى الآن.
وأوضح في بيانات متتالية أنه استهدف نقطة تموضع للجنود الإسرائيليين في موقع المطلة بصاروخ موجه وأصابوها إصابة مباشرة، كما قصف قواعد عسكرية أخرى من بينها موقعين للجيش الإسرائيلي في مرتفعات الجولان المحتل.
واستهدف حزب الله قواعد للدفاع الجوي الصاروخي في ثكنات بيريا وكيلع والعليقة ويوآف ويردن، بالإضافة إلى مقر قيادة فرقة الجولان 210 في نفح بصليات، والمقر المستحدث للفرقة 91 في اييليت هشاحر، بصواريخ الكاتيوشا، بحسب البيانات.
ونصح الجيش الإسرائيلي سكان الشمال بالبقاء بالقرب من الملاجئ.
وقال العميد أمير أفيفي، رئيس منتدى الدفاع والأمن الإسرائيلي، لبي بي سي إن لبنان جزء من التهديد الذي تواجهه إسرائيل.
وأضاف لبي بي سي إن إسرائيل اضطرت إلى “إجلاء ستين ألف إسرائيلي من مدنهم ومنازلهم وإرسالهم إلى الفنادق، وقد دمرت لبنان وحزب الله منازل ومدن هؤلاء الناس. ولا يمكن فصل الأمرين عن بعضهما البعض”.
BBC