“نيويورك تايمز”: الإمارات تلعب دورًا مزدوجًا في حرب السودان

قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، إن الإمارات العربية المتحدة تلعب دورًا مزدوجًا وخطيرًا في حرب السودان، بحيث تسعى إلى تعزيز دورها كصانع قرار إقليمي، من خلال توسيع حملتها السرية التي تدعم من خلالها قوات الدعم السريع، حيث تقوم بمدها بالمال والأسلحة، والآن الطائرات المسيرة القوية، وذلك وفقًا لتقارير مسؤوليين ومذكرات دبلوماسية داخلية وصور أقمار صناعية تم تحليلها من قبل صحيفة “نيويورك تايمز”.

قال تقرير الصحيفة إن الإمارات تلعب الدور الأكبر والأكثر تأثيرًا، حيث تعد بشكل علني بتخفيف معاناة السودان بينما تُشعل النزاع سرًا
وفي الوقت نفسه، تقوم الإمارات بتقديم نفسها على أنها بطلة السلام والدبلوماسية والمساعدات الدولية. وتستخدم هذه الدولة الهلال الأحمر الذي يعتبر أحد أشهر رموز الإغاثة، كغطاء لعمليتها السرية في إرسال الطائرات المسيرة إلى السودان وتهريب الأسلحة إلى المقاتلين، كما تظهر الصور الفضائية وتقول السلطات الأميركية.

فيما تغذي حرب السودان مجموعة من الدول مثل إيران وروسيا، وذلك من خلال تزويد الأطراف المتحاربة بالأسلحة في سبيل تغيير موازين القوى من أجل الربح أو المكاسب الاستراتيجية الخاصة بها، بحيث يعتبر السودان دولة غنية بالذهب ويتمتع بساحل طويل على البحر الأحمر، وفي المقابل يعاني الشعب السوداني في دوامة العنف، وفقًا لـ “نيويورك تايمز”.

وقال تقرير الصحيفة إن الإمارات تلعب الدور الأكبر والأكثر تأثيرًا في هذا السياق، حيث تعد بشكل علني بتخفيف معاناة السودان بينما تُشعل النزاع سراً.وفي السياق، تؤكد الإمارات أنها لا تزود أو تدعم “أي من الأطراف المتحاربة” في السودان. وعلى العكس، تقول إنها “قلقة بشدة من الكارثة الإنسانية المتسارعة” وتعمل من أجل “وقف فوري لإطلاق النار” في البلاد.

وأشار التقرير أنه على مدار أكثر من عام، كانت الإمارات تقدم تعزيزاتها لقوات الدعم السريع سرًا، مفيدًا أن تحقيقات كانت قد أجرتها الصحيفة العام الماضي عن عمليات تهريب الأسلحة الإماراتية، أكدت من قبل محققين تابعين للأمم المتحدة في كانون الثاني/ يناير، بحيث أفادوا بوجود أدلة “موثوقة” تشير إلى أن الإمارات كانت تنتهك حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة منذ عقدين.

الصحيفة في تقريرها قالت إن الإمارات تضاعف من حملتها السرية. مشيرة إلى تشغيل طائرات مسيرة صينية الصنع، وهي الأكبر حتى الآن في حرب السودان، وذلك من مطار يقع في الحدود مع تشاد، بحيث قامت الإمارات بتطويره ليصبح قاعدة جوية مجهزة عسكريًا.

وأفاد التقرير إلى أن صور الأقمار الصناعية تشير إلى بناء حظائر وتثبيت محطة تحكم بالطائرات المسيرة. وقد تم الكشف عن أن العديد من طائرات الشحن التي هبطت في المطار خلال الحرب كانت تحمل سابقًا أسلحة الإمارات إلى مناطق صراع أخرى مثل ليبيا.

وبحسب “نيويورك تايمز” تقول السلطات الأميركية إن الإمارات تستخدم الآن المطار لنقل الطائرات المسيرة العسكرية المتقدمة لتوفير معلومات استخبارية للمعركة، ولتأمين شحنات الأسلحة إلى المقاتلين في السودان.

من خلال تحليل صور الأقمار الصناعية، حددت الصحيفة نوع الطائرة المسيرة المستخدمة (Wing Loong 2)، وهو نموذج صيني يُقارن غالبًا بطائرة (MQ-9 Reaper) التابعة للقوات الجوية الأمريكية.

وذكر التقرير أن الصور تشير إلى وجود قبو ذخائر واضح في المطار، ومحطة تحكم بالأرض لطائرة (Wing Loong) بجانب المدرج على بعد حوالي (750) ياردة من مستشفى تديره الإمارات يعالج جرحى مقاتلي قوات الدعم السريع.

وأفاد التقرير أنه بإمكان طائرة (Wing Loong) الطيران لمدة (32) ساعة، ولديها مدى يصل إلى(1,000) ميل، فيما يمكن أن تحمل ما يصل إلى (12) صاروخًا أو قنبلة. وأشار إلى أنه حتى الآن لا يبدو أن الطائرات المسيرة تقوم بعمليات قصف خاصة بها في السودان، ولكنها تقدم المراقبة وتحدد الأهداف في ساحات المعارك.

ويمارس الناشطون الأميركيون ضغوطًا على كافة أطراف الحرب لوقف المذبحة، فيما واجهت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد، بشأن دعم بلاده لقوات الدعم السريع. عندما التقى الاثنان في كانون الأول/ديسمبر، وفقًا لمسؤولين مطلعين.

وتوسع الإمارات تحركها تجاه إفريقيا، حيث أعلنت العام الماضي عن استثمارات بقيمة (45) مليار دولار في القارة، وهو ما يقارب ضعف ما قدمته الصين. فيما تواجه انتقادات متزايدة، خاصة بعد أن أطلق بعض اللاجئين السودانيين في تشاد صرخات استغاثة في وجه المسؤولين الإماراتيين خلال زياراتهم.

وأوضحت “نيويورك تايمز” أن خمسة مسؤولين أميركيين مطلعين على المحادثات قالوا إن مسؤوليين أميركيين كبار حاولوا بشكل خاص إقناع الإمارات بالتخلي عن عملياتها السرية، وواجهوها بشكل صريح بشأن ما تفعله داخل السودان.

فيما أفادت أنه وبعد أن أثار نائب الرئيس هاريس الاعتراضات الأميركية على تهريب الإمارات الأسلحة مع رئيس الإمارات في ديسمبر/كانون الأول، قدم الزعيم الإماراتي ما اعتبره بعض المسؤولين اعترافا ضمنيًا. بينما لم يعترف بدعم مباشر لقوات الدعم السريع. وقال رئيس الإمارات إنه يدين لقائد الدعم السريع حميدتي بإرسال قوات للقتال جنبًا إلى جنب مع الإمارات في حرب اليمن.

وحصلت صحيفة “نيويورك تايمز “على مذكرة سرية، لسفير الاتحاد الأوروبي لدى السودان أفاد من خلالها أن قوات الدعم السريع حصلت على الكثير من الطائرات بدون طيار، والمدافع وقاذفات الصواريخ المتعددة ومنظومات الدفاع الجوي المحمولة من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة. والتي ساعدتها في تحييد التفوق الجوي للجيش السوداني.
وفي العام الماضي، عندما بدأت طائرات الشحن بالهبوط في مطار أمجرس، على بعد (600) ميل شرق العاصمة التشادية إنجمينا، قالت الإمارات إنها جاءت لإنشاء مستشفى ميداني للاجئين السودانيين.

وفي غضون أشهر، اكتشف المسؤولون الأميركيون أن المستشفى الذي تبلغ تكلفته (20) مليون دولار يعالج بهدوء جرحى قوات الدعم السريع. وأن طائرات الشحن كانت تحمل أيضاً أسلحة تم تهريبها لاحقاً إلى مقاتلين داخل السودان، وفقًا للصحيفة.

وأظهر تحليل “التايمز” لصور الأقمار الصناعية وسجلات الرحلات الجوية أن الإمارات قامت بإعداد نظام الطائرات بدون طيار في نفس الوقت الذي كانت تروج فيه لعملياتها الإنسانية.وقال رئيس وزراء تشاد السابق سوكسي ماسرا: “الأمر واضح جدًا: الإمارات ترسل المال، والإمارات ترسل الأسلحة”.

قالت الصحيفة إنه بعد شكاوى من مسؤولين غربيين، أخبر ماسرا رئيس بلاده، محمد إدريس ديبي، أن السماح للإمارات بتهريب الأسلحة عبر تشاد كان “خطأً كبيرًا”. فيما لم يتغير شيء على الرغم من ذلك، بحيث وعدت الإمارات السيد ديبي بقرض قيمته (1.5) مليار دولار، وهو مبلغ قريب من ميزانية تشاد الوطنية التي بلغت (1.8) مليار دولار في العام السابق، طبقًا لما ورد.

الحرب المندلعة في السودان تسببت في نزوح نحو(10) ملايين شخص، وذلك بعد تمددها لتصل إلى (12) ولاية في البلاد من أصل (18)، مما أدى إلى إيقاف العجلة الاقتصادية، بجانب تضرر الموسم الزراعي في أجزاء واسعة من السودان، وسط تحذيرات من مجاعة قد تطال نصف السكان.
وتشهد مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، معارك ضارية على الرغم من المطالبات الدولية بوقف العمليات العسكرية في المدينة التي تعتبر مركزًا للمساعدات الإنسانية في الإقليم، وهي آخر معاقل الجيش بعد أن سيطرت قوات حميدتي على أربع ولايات من أصل خمس في إقليم دارفور المضطرب.
وتتهم قوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات جسيمة في إقليم دارفور، وكان تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” أفاد أن قوات حميدتي والمليشيات المتحالفة معها ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سياق حملة تطهير عرقي في مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور.

الترا سودان

Exit mobile version