إرسال قائمة الـ 16 في “تقدم”.. معركة قانونية أم سياسية؟

في تطور لافت للأوضاع في السودان، أعلن النائب العام السوداني الفاتح طيفور أن رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك شارك بشكل أو بآخر في الحرب التي تشنها “المليشيات المتمردة” على الشعب السوداني.

قانوني: مقابلة النائب العام على المحطة التلفزيونية مخالفة لإجراءات النيابة العامة.
تصريحات النائب العام لجمهورية السودان الفاتح طيفور، التي جاءت في مقابلة مع قناة الجزيرة مساء الثلاثاء، جاءت بعد ساعات قليلة من إعلان تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” تسليم مذكرة إلى الشرطة الدولية “الإنتربول” للامتناع عن إصدار نشرة حمراء بحق (16) قياديًا من التحالف المدني، طالب النائب العام السوداني بتسليمهم إلى السلطات في بورتسودان، لمحاكمتهم على التعاون مع قوات الدعم السريع وتوقيع إعلان سياسي مع “ميليشيا متمردة” ارتكبت فظائع بحق الشعب السوداني.

وأبلغ النائب العام السوداني “قناة الجزيرة” مساء الثلاثاء، أن النيابة العامة لديها أدلة وبراهين لا تريد أن تفصح عنها لوسائل الإعلام، قائلًا إنها: “ستنشر أمام المحاكم عندما يمتثل المتهمون أمامها”.

أدلة موثقة
وأضاف النائب العام: “لا أود التطرق إلى كل الأدلة والوثائق التي بحوزة النيابة العامة. وعبد الله حمدوك وقع على الإعلان السياسي مع قائد ميليشيا متمردة، وهو مشارك في الحرب على الشعب السوداني”.

وشدد النائب العام السوداني على أن السلطات ستطلب من الشرطة الدولية “الإنتربول” إلقاء القبض على المتهمين الـ (16) من تنسيقية “تقدم”، وعلى رأسهم عبدالله حمدوك، للمحاكمة داخل التراب السوداني.

إجراءات غير مجدية
ويقول الناشط الحقوقي أحمد عثمان لـ”الترا سودان”، إن الحكومة السودانية قررت التصعيد القانوني ضد قيادات تنسيقية “تقدم”، وهي إجراءات اعتاد عليها السياسيون خلال حكم الرئيس المعزول، الذي كان يحيل القيادات المدنية المعارضة لنظامه إلى المحاكم بنفس هذه الدعاوى، مثل تقويض النظام الدستوري والتعاون مع جماعات مسلحة تهدد الأمن القومي السوداني.

ويرى عثمان أنه على مر السنوات والتجارب لم تثبت مثل هذه الدعاوى جدواها، ولم يذهب أي متهم إلى السجن، لأنها تستخدم في بعض الفترات للأغراض السياسية. وقال إن مكتب النائب العام إذا كان يود النظر في مثل هذه القضايا، عليه أن يبدأ من الجهات والقيادات السياسية التي أشرفت على تكوين قوات الدعم السريع، ورعتها سياسيًا وأمنيًا وعسكريًا وماليًا، وعلى رأسهم الرئيس المعزول عمر البشير.

وأضاف: “في اعتقادي، توقيع تقدم مذكرة سياسية مع قائد قوات الدعم السريع، قد يكون خصمًا على حمدوك ورفاقه من الناحية السياسية، وكان ينبغي على هذا التحالف أن يلغي هذا الإعلان السياسي من جانبه، طالما أن هذه القوات لم تلتزم بحماية المدنيين، وارتكبت الفظائع، مثل مجزرة ود النورة في ولاية الجزيرة في يونيو الماضي، كان يجب أن يتم إلغاء الاتفاق السياسي مع حميدتي”.

في السودان، لم تنفذ إجراءات مماثلة على الأرض حول إرسال الشرطة الدولية “الإنتربول” المتهمين إلى بلدهم بغرض التسليم إلى السلطات منذ سنوات طويلة. وخلال الفترة الانتقالية في عهد رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، جرى تداول مقترح أو مطالب من المنظمات الحقوقية السودانية للنائب العام في ذلك الوقت بدفع مذكرة إلى الإنتربول لإصدار النشرة الحمراء ضد مدير المخابرات السابق صلاح عبدالله الشهير بـ”قوش”.

ويقول المحامي والمدافع في مجال حقوق الإنسان محمد ماهر لـ”الترا سودان”، إن بعض الدول التي تتعاون مع السلطات السودانية قد تنفذ طلبات القبض على المتهمين وإرسالهم إلى بلدانهم.

وأوضح ماهر أن تصريحات النائب العام في مقابلة تلفزيونية غير موفقة، لأن هذه الإجراءات تتطلب عدم النشر الإعلامي كما اعتادت النيابات على ذلك، إلى جانب أن القوى المدنية أظهرت ضعفها القانوني خلال الفترة الانتقالية، ولم تتمكن من صياغة الوثيقة الدستورية.

ويرى ماهر أن تكوين اللجنة الوطنية في جرائم الدعم السريع منذ اندلاع الحرب بقرار من رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان يعني التأثير التنفيذي والسياسي على الشق القانوني والنيابي. بالتالي يجب تكوين اللجنة من أعضاء المحكمة الدستورية أو أعضاء المحكمة العليا، وجميعها أجهزة، رغم افتقادها للحياد والاستقلالية، إلا أنها مناط بها قانونيًا تكوين مثل هذه اللجان.

لا توجد أدلة ضد “تقدم”
ويعتقد ماهر أنه من الصعب على الدول التعاون مع دولة أخرى لتسليم المطلوبين، إلا إذا كانت شبكات إرهابية أو تشكل خطرًا على جميع الدول. لكن في القضايا السياسية، عادة ما تتعامل الدول بفتور مع مثل هذه الطلبات.

قال النائب العام الفاتح طيفور إن اللجنة الوطنية للنظر في الجرائم التي ارتكبت خلال الحرب ترحب بكافة المواطنين الذين لديهم بلاغات
وتابع: “الاتهامات التي تواجه أعضاء تحالف تقدم سياسية من الدرجة الأولى، وهي متداولة منذ بداية الحرب، لكن لا توجد وثائق وأدلة تثبت انعقاد اجتماعات مباشرة بين “تقدم” وقادة هذه القوات، ومن الصعب إثبات هذه المسائل من الناحية القانونية، لأنها لن تغادر خانة الاتهامات السياسية”.

وردًا على الاتهامات التي يواجهها الجيش السوداني والقوات المتحالفة معه، قال النائب العام الفاتح طيفور إن اللجنة الوطنية للنظر في الجرائم التي ارتكبت خلال الحرب ترحب بكافة المواطنين الذين لديهم بلاغات.

وتابع: “لدينا سبع بلاغات في مواجهة القوات النظامية، وحصانات رفعت من بعض النظاميين، لكن البلاغات الأكثر في مواجهة الميليشيا المتمردة، وتم التحقيق عبر اللجنة الفرعية وفق النظام القضائي”.

وقال النائب العام إن اللجان الفرعية التابعة للجنة الوطنية، حققت مع الأشخاص المتهمين بارتكاب هذه الجرائم، وهي عمليات فردية، وتم فتح إجراءات أولية ورُفعت الحصانة عنهم.وأردف: “أكثر من 36 ألف شخص ما بين شاكي وضحية استمعت إليهم اللجان الفرعية التابعة للجنة الوطنية للنظر في جرائم الحرب”.

الترا سودان

Exit mobile version