تنامت ظاهرة تهريب الذهب في السودان إلى خارج البلاد، بطرق عدة، على الرغم من تحذيرات الجهات الأمنية بفرض عقوبات رادعة بحق المتورطين.
وبلغ إنتاج السودان من الذهب، خلال النصف الأول من العام الجاري 45.2 طناً وسط توقعات بوصول الإنتاج إلى 100 طن بنهاية العام الجاري.
وكشفت إحصاءات رسمية صادرة عن بنك السودان (المركزي)، في أغسطس/آب الماضي، أن كمية الذهب المصدرة خلال النصف الأول من العام الجاري بلغت 20.6 طناً، فيما بلغت الكمية المصدرة للعام الماضي19.38 طناً (82.3 طناً إنتاج 2015).
وتًرجح وزارة المعادن (الجهة المسؤولة عن التنقيب عن الذهب) أن الفاقد بين الكميات المنتجة من الذهب والمصدرة، إما مهربة أو مخزنة.
وبحسب تقارير الوزارة يعمل نحو مليون شخص، إلى جانب خمسة ملايين آخرين في مهن مصاحبة للتعدين.
وتغطي صادرات الذهب السوداني إلى الخارج، نحو 50٪ من الخسائر التي لحقت بالبلاد في أعقاب انفصال جنوب السودان عنها منذ العام 2011، وفقدان عائدات النفط الخام.
وكشفت ورقة بحثية بعنوان “طرق تهريب الذهب وأساليب الضبط”، أعدتها إدارة الأمن الاقتصادي (حكومية تتولى مهمة مكافحة الجرائم الاقتصادية في البلاد)، عن تطور أساليب تهريب الذهب إلى الخارج، واستخدام المؤانئ البحرية والبرية والجوية، بجانب التهريب عبر التلاعب بالمستندات الرسمية.
وتشير الورقة إلى أن الوجود الأجنبي في مناطق التعدين، يخلق بيئة خصبة لتهريب الذهب خاصة في المناطق النائية والحدودية، وتنتشر أماكن التعدين التقليدي في أكثر من 800 موقع في معظم ولايات البلاد الشمالية والغربية.
وحذرت الورقة التي حصلت الأناضول على نسخة منها، من تنامي ظاهرة تهريب الذهب إلى خارج البلاد، وصنفتها من أخطر المشاكل التي تواجه السودان، لما لها من آثار سلبية على الاقتصاد التي تتمثل في حرمان السودان من أحد أهم موارد النقد الأجنبي، والإيرادات الجمركية المفروضة على تصدير الذهب.
وتلقى الاقتصاد السوداني ضربة موجعة بعد انفصال الجنوب في يوليو/تموز 2011 وفقدانه لـ 75% من حقول النفط، التي تمثل أكثر من 50% من إيرادات الموازنة الكلية، وتدهورت قيمة العملة الوطنية، وبلغ سعر الدولار في السوق السوداء 16.3 جنيهاً هبوطاً من 2.9 جنيهات قبل الانفصال.
وقال محمد الناير، عضو المجلس الاستشاري لوزارة المعادن، للأناضول إن أسباب تهريب الذهب ترجع إلى سياسات الدولة في إطار أسعار شرائه المعلنة من جانب بنك السودان، التي تكون في بعض الأحيان “غير مواكبة” لأسعار البورصات العالمية.
ويحتكر بنك السودان المركزي، شراء الذهب من المنقبين من سكان وشركات محلية، ويقوم بفتح نوافذ لشرائه في أماكن التعدين التقليدية.
وأضاف الناير أن ثمة أسباب أخرى للتوجه نحو التهريب وهي ارتفاع سعر التصفية (استخلاص الذهب) بمصفاة الخرطوم، قياساً بالمصافي الأخرى على المستوى الإقليمي (في الدول المجاورة)، بجانب ارتفاع أسعار الدولار والعملات الأجنبية أمام العملة الوطنية.
وأنشأ السودان أول مصفاة للذهب عام 2011 بهدف تأهيل جودة المعدن وترقية جودته.
وأدى غياب سوق منظمة لتجارة الذهب في البلاد يتم فيها تداول المعدن الأصفر بشفافية ووضوح، وبالسعر العادل، إلى تفضل المنقبين للتهريب، وفق المسؤول السوداني.
الخرطوم/ نازك شمام/ الأناضول