أسباب الهبوط المؤقت فى سعر الدولار ثم معاودته الارتفاع

قبل ايام من العيد احتفى الكثيرون بما حسبوه انتصارا حكوميا تمثل فى الهبوط المتواصل لسعر الدولار مقابل الجنيه بعد ان وصل الى اسعار قياسية غير مسبوقة وتزامن هذا الامر مع زيارة امير قطر للبلاد حتى ظنه البعض من نتائجها ، وكانت الحكومة مزهوة وهى تعلن كل يوم ان مدخرى العملات الصعبة سيمنون بخسائر فادحة وان ارصدتهم ستتهاوى ، وقال بعض الوزراء وصحفيون غير محايدون – مناصرون للحكومة فى الحق والباطل – ان الدولار سيهبط الى عشرة جنيهات وما دونها ، وكان الدولار قد شهد تصاعدا مخيفا حتى وصل الى السبعة عشر جنيها بل يقول البعض انه فاتها يوما ثم رجع اليها وعموما فقد ظل الدولار يتأرجح بين الستة عشر والسبعة عشر جنيها الامر الذى افزع المواطنين قبل الحاكمين واعتبروه انهيارا سريعا لاقتصاد هش لايمتلك مقومات النهضة بفعل السياسات العرجاء لمن يديرون امر البلد..

يومها اعلنت الحكومة الحرب – ظاهرا – على تجار العملة ، وتم توقيف ستة وعشرين من كبار التجار بحسب ما نقلت الصحف اليومية عن مصادر مطلعة ، وكأن هؤلاء الموقوفين هم سبب تدهور سعر العملة الوطنية ، وخاف الناس من الملاحقة وانتشر فى وسائل الاعلام ان ضبط اى عملات يتم التعامل فيها خارج القنوات الرسمية تؤدى الى عقوبات قاسية قد تصل الى المصادرة والسجن ، وبالفعل نزلت قيمة العملة الاجنبية ووصل سعر الدولار الى ثلاثة عشر فاصل سبعة ولكن هل صدق الناس ادعاء الحكومة فى انها هى التى تسببت فى خفض قيمة الدولار؟ وهل صمد جنيهنا وواصل قوته امام العملات الصعبة؟ الوقائع تقول ان الدولار بدأ فى الاربفاع تدريجيا حتى بلغ يوم عرفة ستة عشر جنيها وهو السقف الذى كان فيه قبل هبوطه الاخير فماذا ياترى حدث وما الذى جعل الدولار يستأسد مرة اخرى؟

لا يختلف اثنان ان الانتاج هو عصب تحسين سعر العملة الوطنية ، اما اى كلام اخر فمحض هراء ، ولعبا على الناس ، وهم اصلا لايصدقون الحكومة مهما قالت وقد اعتادوا منها ادمان الكذب والخداع.

عوامل عديدة اسهمت مع بعض فى الهبوط المؤقت لسعر الدولار ، منها ما اقدمت عليه الصين من ايقاف اى تأشيرة للسودانيين الا تحت ظروف خاصة الشيئ الذى جعل الطلب على النقد الاجنبى ينخفض بشكل كبير جدا فى هذه الفترة التى توقف فيها السفر الى الصين بحسبان ان نسبة كبيرة من النقد الاجنبى التى يتم التداول فيها بيعا وشراء فى السوق الموازى انما تذهب الى الصين اما ود توقف التجار عن السفر وانخفض الطلب على الدولار فلابد من نزول سعره ، والعامل الثانى ان النزول فى سعر الدولار جاء متزامنا مع اكتمال سفر الحجاج الذين حركوا السوق بطلبهم للعملة الصعبة اما وقد سافروا فقد انخفض الطلب وبالتالى انخفض السعر وفقا للقانون الاقتصادى المعروف وهو ارتباط السعر بالعرض والطلب

اضافة الى تحويلات المغتربين المرتبطة بفترة العيد وكثرة المعروض فى السوق من العملات الاجنبية الشى الذى بالضرورة يجعل السعر ينخفض، ومتى ما انتفت العوامل المؤدية لنزول سعر السوق عادت حليمة لسيرتها القديمة.

يلزم ان تكون الحكومة صادقة وجادة فى العلاج والا فلن ينصلح الحال وحكومتنا ليست صادقة بحال – وحتى منسوبيها لا يصدقونها – وابعد ماتكون عن الاتصاف بالجدية لذا فان الامر صعب مستصعب ، كان الله فى عون الوطن المكلوم بفعل قسوة حكامه وعدم احترامهم للقيم وازدرائهم ببنى السودان ، وكان الله فى عون المواطنين المساكين الذين يدفعون يوميا ثمن تهور الحكومة واستمرارها فى السير على النهج الخاطئ مع علمها بانها مخطئة
السودان اليوم

Exit mobile version