الجيش يحرز تقدمًا نوعيًا وسط الخرطوم

يحرز الجيش تقدمًا يعتمد على تكتيك “عنصر المباغتة” في منطقة المقرن وسط الخرطوم، باللجوء إلى العمليات النوعية بانتقال الجنود على الأرض بخفة شديدة بدلًا من شن المعارك العنيفة طوال الوقت. هذه العمليات ربما تساعد على الوصول إلى قلب المدينة والسيطرة على مقار القصر الجمهوري، والمؤسسات السيادية، ومجلس الوزراء.

تكتيك الجيش في عنصر المباغتة أضعف خطط الدعم السريع التي تعتمد على كثافة النيران في السيطرة على المناطق
يعتقد مراقبون عسكريون أن العمليات النوعية الغرض منها إضعاف الخصم، ولاحقًا يتعرض لضربة ساحقة سرعان ما تفقده تماسكه ويضطر إلى الانسحاب مع خسائر فادحة.

لم يجرب الجيش هذه الخطط منذ بداية القتال منتصف نيسان/أبريل 2023، مع اعتماد الطرف الثاني على عنصر السرعة، والتمويه، والمفاجأة. فعلت قوات الدعم السريع هذا التكتيك في مناسبات عديدة، أبرزها في سنجة وجبل موية بولاية سنار. بالمقابل، هذا العام اختلف وضع الجيش على الميدان، إذ يتوسع قليلًا مع الاستماتة في الحفاظ على المكاسب الميدانية.

منذ 26 أيلول/سبتمبر 2024، أطلق الجيش عملية عسكرية استحوذ فيها على جسرين رئيسيين بين الخرطوم بحري وأم درمان، وبين الأخيرة ووسط العاصمة، حيث قلب السوق العربي، المركز التجاري الأبرز في البلاد، والذي تحول إلى ركام ومتاجر منهوبة بعد عام ونصف من سيطرة قوات الدعم السريع.

في الخرطوم، يتواجد الجيش في منطقة المقرن واضعًا جسر الفتيحاب إلى أم درمان خلف ظهره، وفي هذه المدينة أيضًا يتحصن الجيش بمقر وزارة الدفاع والقيادة العامة شمالًا، وجنوبًا يتوسع جيش المدرعات ويثبت قدميه في منطقة اللاماب، وهذا يعني فك حصار قوات دقلو الذي استمر لأكثر من عام.

إذا سيطر الجيش على السوق العربي ومنطقة وسط الخرطوم، فهذا يعني فعليًا السيطرة على مركز القرار السياسي للدولة، ما يعني تكبد قوات الدعم السريع، علاوة على الخسائر الميدانية والعسكرية، خسارة سياسية في ذات الوقت.

لذلك، تستميت قوات الدعم السريع في البقاء وسط العاصمة بحشد المقاتلين من الجبهات الأخرى ونقلهم لوقف توسع الجيش. ومع ذلك، فإن ضمانات الحصول على الإمداد لهذه القوات غير كبيرة، مع رغبة الجيش في إغلاق المنافذ البرية التي تصلها إلى قلب الخرطوم.

اعتمدت قوات الدعم السريع في “معاركها الكبرى” على نقل الجنود من منطقة إلى أخرى، إذ حققت انتصارات على بعض حاميات الجيش بكثافة النيران. ومهما بلغت خسائرها من الجنود، فإن أولوية السيطرة على الحامية العسكرية التابعة للقوات المسلحة “مقدمة على كل شيء” بالنسبة لقائد الدعم السريع لتحقيق المكسب التفاوضي والسياسي.

العمليات الجارية في الخرطوم ربما توضح رغبة الجيش في وضع قوات الدعم السريع بين خيارين: إما التراجع جنوبًا إلى ما وراء جبل أولياء، أو البقاء وانتظار معارك ساخنة، فرص حسمها لصالحها تبدو ضئيلة قياسًا بالمعطيات على الأرض.

تُنسب لقائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عبارة أطلقها بالعامية السودانية ردًا على سؤال حول موعد حسم الحرب عسكريًا: “نحفر بالإبرة”، في إشارة إلى أن العمل العسكري غير متعجل مع الوضع في الاعتبار تفوق الجيش في نهاية المطاف، على حد تعبيره.

تعكس إجابة عبد الفتاح البرهان الأعمال الحربية التي تنفذها القوات المسلحة في جبهات القتال، وقد تكون الأسباب مرتبطة أيضًا بالتسليح، والاستعدادات، والمساعدات الخارجية الناتجة عن التحولات الإقليمية. حدث هذا الأمر مع الجيش أكثر من مرة في حرب منتصف نيسان/أبريل 2023.

الترا سودان

Exit mobile version