لم تعد الرياض مملوكة لساكنيها فقط .. زحمة الرياض.. نداء للإبداع الفكري!!

زحمة الرياض.. نداء للإبداع الفكري!!
عبدالمحسن الحارثي

لقد خلق الله الكون وفقًا لقوانين لا تعترف بالمصادفة أو العشوائية. ومنذ أكثر من خمسة عقود والبناء والتنمية في العاصمة الرياض على قدم وساق، وقطعت مسافات كبيرة في البنية التحتية والفوقية بكل تفاصيلها، وعلى أعلى المستويات.

اليوم أهالي الرياض والزائرون لها من كل أقطاب المعمورة أمام مشكلة، يجب أن يدركها المواطن والمقيم والسائح والزائر لها (في عقود عمل).

وهذه المشكلة تكمن في عدم قدرة الطرق على استيعاب الجميع بكل انسيابية.

تنظيم الحركة هو باعث الحركة المرنة، ودليل الحيوية الفكرية في كل ظرف وفي كل عصر.

حان الوقت كي نجعل الرياض مدينة مرنة في الحركة خلال الـ24 ساعة. يقول الفيلسوف الفيزيائي “ألبرت أينشتاين”: “الحياة مثل ركوب الدراجة، لكي تحافظ على اتزانك لا بد أن تستمر الحركة”. وكأنه يريد أن يقول: عليكم باستغلال ساعات اليوم كاملاً في حركة دائمة ومرنة، وتنظيم تلك الحركة من خلال سَن قوانين مرنة أيضًا، ولكنها تقضي على عشوائية الحركة المفتوحة.

هذه الكتل الحديدية للسيارات في الطرقات.. ما الذي دعاها للخروج؟ إنه العمل وليس غير العمل إلا اليسر اليسير، فأصبحت هذه السيارة تقوم بوظيفة. وهنا لا بد من تصنيف هذه الوظائف.

من وظائفها: توصيل الموظفين، الطلاب، عمال المصانع والشركات والمؤسسات، توزيع البضائع وتوصيلها بشكل فردي وجمعي.. كل هذه الحركة ليس لها ضوابط للتحرك؛ فحركتها مفتوحة، وغالبًا ما تكون في الذروة المرورية (أقصد السيارات الصغيرة والمتوسطة). وهنا تكمن أهمية الحركة، وخطورة الزحام، وضرورة توزيع ساعات التحرك بين وظائف السيارات!!

يجب استثمار البنية التحتية في العاصمة الرياض بصورة نموذجية بعيدة عن العشوائية المفتوحة في الحركة.

يلزم بذل جهد كبير، وسَنّ قوانين حركية، تتلمس احتياج سكان الرياض الدائمين، ومَن يأتي إليها بعقود عمل، أو تصاريح زيارة أو سياحة، وإعمال العقل بالتفكير وتوليد الأفكار الناجعة والحلول الجذرية الناجحة في معالجة المشكلات والاختناقات المرورية.

أما أن نجلس صامتين فإن عدوى الزحام ستنتقل إلى عقولنا؛ فالحياة عبارة عن حل للمشاكل، فإما أن تهزمك المشاكل، أو تجعل منك شخصًا عظيمًا. الأمر موقوف عليك.

لم تعد الرياض مملوكة لساكنيها فقط، بل لمن زارها وأقام فيها.

زحمة الرياض.. نداء للإبداع الفكري [2] عبدالمحسن الحارثي

مقالي السابق بتاريخ 2024/ 9/ 15م عن “زحمة الرياض.. نداء للإبداع الفكري” ركزتُ فيه على نقاط عدة، منها: لا لعشوائية الحركة المفتوحة، ونعم لتنظيم الحركة المفتوحة، والمقيدة المرنة، والدائمة، خلال الـ24 ساعة، بقوانين مرنة أيضًا، والتعجيل بعملية التطوير والتحسين في هندسة الطرق مع الهندسة المرورية.

بين المشكلة والحل ثلاث شعرات:
– الشعرة الأولى: التمكين في استثمار البنية التحتية والفوقية بالتطوير والتحسين.

العاصمة الرياض تعيش مرحلة انتقالية مؤقتة، وكل الأوقات فيها أصبحت وأمست ذروة، وهي على أعتاب مناسبات عالمية، في ظل تحديات رؤية 2030م ومحاورها الثلاث: مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر ووطن طموح. ويتمثل في هذه المرتكزات الثلاث “جودة الحياة”، ولن يكون كل ذلك إلا من خلال عناصر الجذب للمستثمر والسائح.. ومشكلة الزحام المرورية قد تكون عنصر نفور، وبيئة طاردة للاستثمارات والسياحة.

استضافة كأس آسيا 2027م، معرض إكسبو 2030 م وكأس العالم في 2034م، هي فعاليات عالمية، إن لم نُعجِّل بتدوير عجلة التطوير والتحسين فإننا سنكون أمام تراجُع في كفاءة الإنتاج، كفاءة التعليم وكفاءة الموظف، فضلاً عما يسببه ذلك الزحام من زيادة في الانفعالات والاعتلالات النفسية لدى الأشخاص.

وبعد استقراء للكثير من الآراء والمقترحات يمكن تلخيص بعض الحلول الاستراتيجية، منها:

● إدارة الوقت، وتوزيع الأزمان اليومية، بما يخدم الحركة المفتوحة والمقيدة المرنة والدائمة. مثال: تفعيل الدوام المرن، والاعتماد على جزئية الدوام عن بُعد خاصة في الجامعات ومدارس التعليم العام، بين التعليم الرقمي والتعليم الحضوري، وتخفيض ساعات العمل؛ فالعبرة بجودة الإنتاجية لا بساعات العمل الزائدة.

● إدارة المكان، وتحويل بعض الكيانات في الاتجاهات الأربع وعلى أطراف المدينة والمدن المجاورة لها أو البعيدة عنها. مثال: نقل الكليات العسكرية والتقنية على غرار (كلية الدفاع الجوي في الطائف، الكلية الجوية في المجمعة)، وكذلك بعض الوزارات والدوائر الحكومية والكيانات الخاصة.

● إدارة الحشود البشرية، والوقوف على إمكانية نقل ما يمكن نقلهم دون تأثير، ومعالجة السبب في تمركز الوظائف في العاصمة الرياض، والبدء في توزيع مولدات الوظائف؛ لتشمل مناطق السعودية الثلاث عشرة.

● إدارة الأزمات، وفتح قناة إعلامية أو غرفة مشتركة بين المعنيين بهذه المشكلة؛ لمعالجة كل معضلة، والاطلاع على التقارير والتوصيات، وخلق توافق إيجابي في كل قرار مشترك، واقتراح جهات بحثية وكيانات عالمية لدراسة المشكلة، وإيجاد حلول ممكنة وفاعلة، والاستعانة ببعض التصاميم المشهورة.

● إدارة سَن القوانين؛ فمن الأخطاء الشائعة منح رخص السياقة وبيع السيارات لكل الوافدين؛ فهذا هو الغلط الكبير، مع معالجة جيوش الدراجات النارية، وتقنين ساعات الخروج للتوصيل، وتحديد ساعات الخروج لقضاء الاحتياجات الخاصة في أيام الدوامات للجميع.

● إدارة المشاريع، فلا مانع من الاستعانة ببعض المشاريع الاستثمارية، التي قد يكون لها دورٌ في تخفيف الزحام، خاصة في تلك المواقع الحرجة من شوارع العاصمة الرياض.

ومن الأطروحات العامة، التي أرى فيها من الوجاهة والإيجابية الكثير من النضج والاعتدال، الآتي:

● تفعيل دور النقل العام، ولن يكون ذلك إلا باتخاذ بعض القرارات، منها: إلزام موظفي القطاع الخاص “الربحي، وغير الربحي” باستخدام النقل العام للوصول إلى مقار عملهم؛ وهذا سيؤدي إلى تخفيف زحمة السيارات بنسبة لا تقل عن 10٪؜ في الطرقات والمواقف؛ فالعملية نسبة وتناسب. ويبقى العائق الوحيد لهم هو: توصيل أبنائهم ذهابًا وعودة. وبالإمكان حل مثل هذا العائق من خلال المؤسسات الأهلية والجمعيات الخيرية المتخصصة في الخدمات المجتمعية واللوجستية، ودعمها بنسبة معقولة من قِبل الدولة -حفظها الله-؛ فالتكافل الاجتماعي جزء من المساعدة المتبادلة.

● زيادة عدد شركات التشغيل والصيانة فيما يتعلق بحوادث المرور على غرار شركة “نجم”، وكذلك الشركات الصغيرة التي تقوم بفتح المخارج والانحناءات الدائرية المستعجلة وفق ما يرد من اعتمادات من المعنيين بالمشكلة.

● دمج أنفاق تصريف السيول بأنفاق لمرور السيارات على غرار التجربة الماليزية.

● التوسع في شبكات المترو؛ فأكثر مدن العالم تغلبت على الزحام فوق الأرض بتحويل المسار إلى ما تحت الأرض، مثل: “أندر قراوند، ومترو الأنفاق”.

كل ما كُتب هو مفاتيح لأبواب مغلقة، وتوليد لأفكار مبهمة. وهناك الكثير من التفاصيل التي تحتاج إلى تفصيل أكثر. والأمر مطروح لمن يهمه الأمر.

وقد ذُكِر المهم، ويبقى الأهم، وهو: أن نجعل الرياض مدينة مرنة في الحركة المفتوحة والمقيدة خلال الأربع والعشرين ساعة.

سبق

Exit mobile version