خبير: ألمانيا بمأزق بعد قرار اعتقال نتنياهو والحل إغلاق بابها بوجهه

قال أستاذ القانون الدولي الألماني ماتياس غولدمان إن برلين تواجه حاليا “معضلة سياسية وقانونية” بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، ورأى أن “الحل الأمثل” هو إغلاق ألمانيا أبوابها بوجههما.

وفي حديث للأناضول، تطرق غولدمان، وهو أستاذ قانون دولي بجامعة “إي بي إس” للاقتصاد والقانون في مدينة فيسبادن الألمانية، إلى قرار المحكمة الجنائية بحق نتنياهو وغالانت، وموقف الحكومة الألمانية تجاه هذا القرار.

وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، بتهم تتعلق بارتكاب “جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية” في غزة.

وفي أعقاب القرار، أعلن متحدث الحكومة الألمانية ستيفن هيبستريت، أن برلين ستدرس مذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة، وذكر أنه “لن تُتخذ أي خطوات إضافية إلا في حال كانت هناك زيارة مرتقبة لنتنياهو أو غالانت إلى ألمانيا”.

وأشار هيبستريت إلى أن ألمانيا كانت من الدول التي شاركت في صياغة النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وتُعد من أبرز داعميها، لكنه استدرك قائلا: “في الوقت ذاته، وبسبب التاريخ الألماني، لدينا روابط خاصة ومسؤولية كبيرة تجاه إسرائيل”.

** قرار “الجنائية” ملزم

ولفت غولدمان إلى أن برلين حائرة بين التزاماتها القانونية تجاه المحكمة الجنائية، وعلاقاتها التاريخية والسياسية مع إسرائيل.

وأكد أن جميع الدول الأعضاء في المحكمة، وعددها 124 دولة، “ملزمة قانونا” بتنفيذ مذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت.

وأوضح غولدمان أن عدم تنفيذ الدول الأعضاء لمذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية “يعد انتهاكا صريحا” لالتزاماتها بموجب نظام روما الأساسي.

ونظام روما الأساسي، الذي اعتمد بالعاصمة الإيطالية عام 1998، ودخل حيز التنفيذ في عام 2002، يُعتبر حجر الزاوية في إنشاء المحكمة كأول هيئة قضائية دولية دائمة مختصة بمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.

** المحكمة “محايدة ومستقلة”

وأوضح غولدمان أن إصدار مذكرات الاعتقال لا يعني الإدانة، بل هو الخطوة الأولى نحو إجراء محاكمة عادلة.

وأضاف: “في حال اعتقال نتنياهو، ستقوم المحكمة بمراجعة الأدلة بشكل شامل ودقيق”.

وأكد على استقلالية المحكمة، مشيرا إلى أنها أثبتت في الماضي حياديتها من خلال تبرئة عدد كبير من المتهمين، قائلا: “المحكمة برأت حوالي 11 متهمًا في قضايا سابقة؛ مما يعزز الثقة في نزاهتها وقدرتها على تحقيق العدالة”.

وأوضح أن الإدانة تتطلب “أدلة قوية وحقيقية وكافية”.

** ألمانيا تواجه معضلة

وعند سؤاله عن تصريح الحكومة الألمانية بشأن “دراسة أوامر الاعتقال” الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، قال غولدمان إن برلين تتجنب الإفصاح عن خططها المستقبلية أو الإجراءات التي قد تتخذها إذا زار رئيس نتنياهو أو غالانت ألمانيا.

وأضاف: “الحكومة الألمانية في مأزق الآن؛ فهي تريد دعم المحكمة الجنائية الدولية، لكن لديها من ناحية أخرى علاقات تاريخية وسياسية وثيقة مع إسرائيل”.

وأضاف: “الآن تحاول الحكومة الألمانية بطريقة أو بأخرى إخراج رأسها من حبل المشنقة (الذي وجدت نفسها فيه)؛ لأنه إذا لم تف بالتزاماتها بموجب نظام روما الأساسي، فسيكون من المعقول، وربما المبرر، اتهامها بتطبيق القانون الدولي بانتقائية”.

وأردف: “هذا، بلا شك، سيكون إخفاقا كبيرا للحكومة تتفاخر بدعمها للقانون الدولي”.

واعتبر أن الحل الأمثل لهذه المعضلة يكمن في إرسال رسالة واضحة إلى إسرائيل مفادها أن نتنياهو غير مرحب به في ألمانيا طالما أن مذكرة الاعتقال سارية.

** تصدير الأسلحة لإسرائيل

فيما يتعلق بتأثير قرار المحكمة الجنائية الدولية على مبيعات الأسلحة الألمانية لإسرائيل، قال غولدمان: “من الصعب التنبؤ بهذا الأمر في الوقت الراهن، لكن يجب النظر فيه بعناية”.

وأوضح أن “ألمانيا تحاول حتى الآن الوفاء بالتزاماتها فيما يتعلق بالأسلحة، من خلال ضمان أن إسرائيل تستخدم هذه الأسلحة وفقا للقانون الدولي”.

وأردف: “إذا وجدت المحكمة الجنائية الدولية أن استخدام إسرائيل للأسلحة لا يوافق القانون الدولي، فإن ضمانات ألمانيا لن تكون كافية”.

يُذكر أن وزارة الاقتصاد الألمانية أعلنت في 16 أكتوبر/تشرين الأول عن موافقة الحكومة على صفقات أسلحة ومعدات عسكرية لإسرائيل بقيمة 45.74 مليون يورو خلال العام الجاري.

وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، إبادة جماعية في غزة خلفت نحو 149 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

 

الاناضول

Exit mobile version