عودة كوارث النخيل بالسودان.. ما القصة؟

في مشهد كارثي يتكرر بلا رحمة، تجددت ظاهرة حرائق النخيل في الولاية الشمالية لتضع الزراعة السودانية في خطر داهم.

تلك الحرائق، التي تحولت إلى كابوسٍ يتنقل بين المناطق، لم تعد تهدد فقط مصدر رزق الآلاف، بل أصبحت عاصفة مدمرة تلتهم الأخضر واليابس، ما يعرض البيئة الزراعية لخسائر فادحة يصعب تقدير حجمها. فما الذي يقف وراء هذه الكارثة؟ هل هي نتيجة لتغيرات المناخ القاسية التي تعصف بالأرض وتخنق مواردها الطبيعية، أم أن الإهمال الإداري والأيادي البشرية العابثة هي التي تشعل هذه الحرائق؟.

تدمير 850 نخلة
في حادثة مرعبة، شهدت منطقة أوسلي بالولاية الشمالية حريقًا هائلًا أمس الأحد، بعد أقل من 48 ساعة من اندلاع حريق ضخم في منطقة دويم وحاج المجاورة، حيث دمرت النيران ما لا يقل عن 850 نخلة. هذا التسارع في الحرائق يعكس حجم المأساة التي تلاحق المزارعين الذين يواجهون حربًا غير معلنة ضد النار التي تلتهم قوتهم اليومي.

وقالت مصادر موثوقة لـ”العربية.نت” إن فرق الدفاع المدني والمواطنين بذلوا جهدًا جبّارًا استمر لساعات طويلة في محاولة لإخماد الحريق الهائل وسط ظروف قاسية وتحديات شديدة.

ممرات آمنة لمرور عربات الإطفاء
المسؤولون يحذرون من تكرار هذه الحرائق التي تحطم أحلام المزارعين وتدمّر مغروساتهم، مطالبين بتطبيق إجراءات صارمة لضمان وجود ممرات آمنة لمرور عربات الإطفاء، والحد من الحرق العشوائي للنفايات الزراعية الذي يساهم في انتشار النيران بسرعة تفوق التصور. كما شددوا على ضرورة وجود مصدر مياه قريب من مناطق الحريق لتقليل الخسائر.

إلى ذلك أكدت مصادر من إدارة الدفاع المدني أن نحو 90% من الحرائق في المنطقة تتعلق بأشجار النخيل، حيث يتم تسجيل خمسة إلى ستة بلاغات أسبوعيًا، ما يزيد من تفاقم الأزمة، وتكمن العقبة الكبرى في نقص الإمكانيات البشرية والمادية، إضافة إلى التضاريس الوعرة التي تجعل الوصول إلى مواقع الحريق أمرًا شاقًا ومعقدًا. كما أن الزراعة العشوائية للنخيل تعرقل حركة سيارات الإطفاء، ما يزيد من تعقيد الوضع في المناطق التي قد تكون على بُعد أربعين كيلومترًا من أقرب وحدة للدفاع المدني.

خسائر فادحة لـ 30 عاما
تُعد الولاية الشمالية منذ عام 1994 عرضة لخسائر فادحة في محصول النخيل، الذي يحتاج إلى فترة تتراوح بين خمسة إلى عشرة أعوام ليصل إلى مرحلة الإثمار. ومع تكرار الحرائق، أصبح من المستحيل تقدير حجم الخسائر المادية بدقة، إذ أصبحت المنطقة تواجه معركة وجودية حقيقية.

ويُعتبر التمر المحصول النقدي الأول في الولاية الشمالية، وهو المصدر الذي يعيل الآلاف من الأسر ويشكل أساس الاقتصاد المحلي. لكن الواقع في الولاية الشمالية لا يمثل خسارة اقتصادية فحسب، بل هو صرخة مدوية تدق ناقوس الخطر في وجه الجميع. ما يحدث هنا ليس مجرد حريق عابر، بل هو حرب ضروس ضد الأرض والمستقبل

العربية نت


إنضم للواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.