كشفت شكاوى قدمها ضحايا عمليات احتيال عن استغلال موظفين سابقين في مكاتب استقدام العمالة المنزلية لرغبتهم في الحصول على عروض مغرية، تتضمن تخفيضاً كبيراً في التكاليف، لتنفيذ عمليات احتيال.
واستفاد الموظفون السابقون من علاقاتهم مع العملاء خلال فترة عملهم، لعرض خدمات استقدام العمالة عليهم بأسعار تنافسية، مستغلين رغبتهم في السرعة وتجنب الإجراءات الطويلة.
وعند توجّه عملاء إلى المكتب لإتمام الإجراءات الرسمية واستلام العاملة، يفاجؤون بأن المبالغ لم تُودع في الحسابات الرسمية للمكتب، بل تم تحويلها إلى حسابات شخصية تخص الموظفين السابقين، أو دُفعت نقداً.
ولا يتحمل المكتب مسؤولية أي تعاملات تتم خارج نطاقه الرسمي المعتمد، في حين أن المرسوم بقانون اتحادي بشأن عمال الخدمة المساعدة، ينص على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبالغرامة التي لا تقل عن 200 ألف درهم، ولا تزيد على مليون درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من مارس نشاط أيّ من أعمال التوسط أو التشغيل المؤقت للعمالة المساعدة في الدولة من دون ترخيص.
ويتلقى العقوبة نفسها كل من استغل أو أساء استخدام الصلاحيات الإلكترونية الممنوحة له في الدخول إلى أنظمة الوزارة أو مكّن غيره من ذلك، ما ترتب عليه إخلال بإجراءات أو علاقات العمل أو أنظمة الوزارة.
وتفصيلاً، قال المواطن إبراهيم محمد: «تعرضت للاحتيال من موظف سابق في مكتب استقدام عمالة منزلية، كان بيني وبينه تعاملات، حيث أقنعني بتحويل 8000 درهم لاستقدام عاملة منزلية، فحولتها لحسابه الشخصي، وعندما تأخر في جلبها اتجهت للمكتب، لأكتشف أن الموظف خارج الدولة، وأنه لم يعد يعمل في المكتب، فأدركت حينها أنني وقعت ضحية لعملية احتيال».
وأفادت المواطنة، موزة حسن أحمد، بأنها كانت ستقع ضحية لشخص يدّعي أنه يعمل في مكتب مرخص، لولا أنها لاحظت أنه شديد الإلحاح.
وشرحت أن «أسلوبه في تقديم العرض أشعرني بالريبة، إضافة إلى مطالبته لي بالدفع نقداً فقط، حينها قررت ألا أتبع الطرق المختصرة، وأن أعتمد الذهاب للمكتب الرسمي المرخص لجلب العمالة المساعدة التي تناسبني».
وذكر مواطن، فضّل عدم ذكر اسمه، أنه تقدم ببلاغ إلى محكمة الفجيرة ضد امرأة ادعت أنها حاصلة على ترخيص استقدام عمالة مساعدة، ودفع لها المبلغ المطلوب، إلا أنها سلمته عاملة منزلية من دون أوراق رسمية، الأمر الذي عطّل استكمال إجراءاتها.
وقال: «حين طلبت الحصول على الأوراق الرسمية تهربت مني»، مشيراً إلى أنه كسب القضية واسترد أمواله، وهو ما يؤكد أهمية التمسك بالحقوق القانونية في هذه الحالات.
إلى ذلك، أكد مديرو مكاتب استقدام عمالة مساعدة أن وعي الأشخاص بالإجراءات المطلوبة، والتحقق من صحتها، يعتبران خط الدفاع الأول ضد أي احتيال قد يتعرضون له.
وشددوا على أهمية عدم تحويل الأموال إلى حسابات شخصية، بل إرسالها إلى الحساب البنكي الرسمي للمكتب، وضرورة التأكد من صحة الفواتير، وعدم دفع أي مبالغ نقداً من دون الحصول على فاتورة مكتوبة ومعتمدة.
وحذروا المتعاملين من المبالغة في الأسعار التنافسية مقارنة بالمكاتب الرسمية، التي تحدد أسعارها بناءً على منظومة موثوقة تستند إلى متطلبات رسمية محددة.
وأكدت مديرة مكتب، منى محمد، أنها لم تكن على دراية بممارسات موظفة سابقة كانت تعمل لديها سابقاً، إلا من خلال الشكاوى التي تقدم بها عملاء لاسترداد أموالهم، بسبب عدم جلب العمالة المتفق عليها، أو عدم إكمال الإجراءات الرسمية المطلوبة.
وتابعت أنه بمراجعة الفواتير والسجلات المحاسبية الخاصة بالمكتب، اتضح عدم دخول هذه المبالغ في حسابات المكتب باسم العملاء المعنيين.
وقالت: «مع تكرار الشكاوى، تبين أن هؤلاء الأشخاص قد تم التحايل عليهم، واستغلال ثقتهم وقلة وعيهم بالإجراءات الرسمية، ما أوقعهم في فخ الاستغلال».
وأوضحت أن الموظفة السابقة استطاعت جمع أكثر من 50 ألف درهم من المتعاملين عبر استغلال وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أقنعتهم باستقدام عمالة منزلية بأسعار تنافسية، من دون الحاجة إلى الحضور الشخصي إلى المكتب الرسمي لإتمام الإجراءات المطلوبة، بحيث يرسل الشخص مستنداته الرسمية عبر برنامج «واتس أب»، ويحول المبلغ المتفق عليه إلى حسابها الشخصي أو نقداً، مؤكدة أن «انشغال المتعاملين، ورغبتهم في تسريع المعاملات، إضافة إلى تقاعسهم عن زيارة المكتب، عوامل ساعدتها على استغلالهم».
إلى ذلك، أفادت المحاسبة بمكتب استقدام عمالة منزلية، سوسن عبدالله، بأن «الإجراءات الصحيحة المتبعة في استقدام العمالة المنزلية تمنع الاحتيال، إلا أن تفضيل بعض الأشخاص الطرق السريعة والأقل كلفة جعلهم فريسة للمحتالين ومنتحلي شخصية موظف يعمل بمكتب استقدام عمالة منزلية».
ولفتت إلى ضرورة التحقق من المكتب المعني، والتأكد من بطاقة عمل الشخص الذي يسوّق للمكتب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لتجنب الاستغلال، إضافة إلى مقارنة الأسعار المقدمة من المكاتب المختلفة، والابتعاد عن العروض المغرية بشكل غير معقول.
وحذّرت من تحويل الأموال إلى حسابات شخصية، حيث «يجب إرسالها إلى الحساب البنكي الرسمي للمكتب المعتمد، والتحقق من صحة الفواتير، واحتوائها على شعار المكتب وختمه».
كما دعت إلى فهم جميع الإجراءات القانونية المطلوبة لاستقدام العمالة، والتأكد من استيفاء الشروط اللازمة، مع البُعد عن الاستعجال في إتمام الإجراءات.
وأضافت أنه من الضروري الاحتفاظ بنسخ من الوثائق والفواتير المتعلقة بالمعاملات، لتكون مرجعاً في حال حدوث أي مشكلات مستقبلاً، ولحفظ الحق في حال المطالبات القانونية، لافتةً إلى أهمية طلب المشورة من مختصين أو أشخاص ذوي خبرة في مجال استقدام العمالة، إذا كان هنالك أي شكوك.
من جانبها، ذكرت المستشارة القانونية والمحامية، أساور المنصوري، أن «سلوك الموظفين السابقين يتخذ أبعاداً قانونية تتجسد في جريمة الاحتيال»، موضحة أنه «في حال ثبوت أن الموظف السابق خدع عملاء، سواء باستخدام الطرق الاحتيالية التقليدية أو الحديثة، كاتخاذ صفة غير صحيحة، فإن قانون الجرائم والعقوبات وقانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية ينصان على معاقبة الاحتيال بالحبس أو الغرامة أو بكليهما».
كما شدد المشرع على خطورة جريمة الاحتيال الإلكتروني مقارنة بالاحتيال التقليدي، نظراً إلى التطور الكبير في أساليب وطرق تنفيذ هذا النوع من الجرائم.
وأضافت أنه يجب على العميل التأكد من أن تعاملاته تتم عبر مكتب استقدام عمالة منزلية بشكل رسمي، لأنه في حال تعامل مع موظف سابق خارج نطاق المكتب، وبصورة غير رسمية، فإن المكتب لا يكون ملزماً قانوناً بتحمل أي مسؤولية عن هذه التعاملات.
ودعت مكاتب استقدام العمالة إلى توعية العملاء بضرورة تحويل الأموال إلى الحسابات الرسمية، وتجنب أي تعاملات خارج إطارها، وحثتها على التعاون مع العملاء المتضررين من خلال إصدار شهادات تثبت أن الموظف السابق لم يعد يمثل المكتب في الوقت الحالي.
ولفتت المنصوري إلى اعتبار الأشخاص مسؤولين عن إهمالهم في التحقق من الحساب البنكي الرسمي للمكتب، قبل إجراء التحويل، وعدم طلب فواتير رسمية.
وأكدت أهمية حرص العملاء على التعامل عبر القنوات الرسمية للمكاتب، وتجنب الاستجابة لأي عروض مشبوهة، والاحتفاظ بالوثائق والإثباتات لدعم قضاياهم في حال تعرضهم للخداع، مشيرة إلى ضرورة التقدم إلى الجهات القانونية المختصة للإبلاغ عن عمليات الاحتيال.
إلى ذلك، أكدت القيادة العامة لشرطة الفجيرة، عبر منشور على قنواتها في وسائل التواصل الاجتماعي، أهمية حرص المواطن والمقيم على توعية العاملين في المنزل بالمخاطر المحتملة التي قد يواجهونها، بما في ذلك جرائم الاتجار في البشر، مع تشجيعهم على الإبلاغ الفوري في حال تعرضهم لأي تهديد خارجي أو إساءة أو استغلال.
. فهم الإجراءات القانونية لاستقدام العمالة، والتأكد من استيفاء الشروط اللازمة، والبُعد عن استعجال الإجراءات، تقلل فرص نجاح عمليات الاحتيال.
. الاحتفاظ بنسخ من الوثائق الرسمية وفواتير المعاملات، يحفظ حقوق العميل في حال حدوث مشكلات مستقبلاً.
الأمارات اليوم