بيع (الفلل الرئاسية)

الرئيس عمر البشير قال إنّ (الفلل الرئاسية) بيعت.. فلم يعد في يد الحكومة ما يكفي من المقار لاستضافة قادة الدول الذين يزورون السُّودان..

وكان ذلك في حواره التلفزيوني مع الأستاذ حسين خوجلي يوم الأربعاء الماضي.. في سياق توضيحه أسباب الاعتذار لعددٍ من الرؤساء الذين كانوا يرغبون في تشريف الجلسة الختامية للحوار الوطني..

ويُفهم من حديث البشير عن (بيع الفلل الرئاسية) أنّه يتمنّى أن لو احتفظت الحكومة بها.. لمُواجهة مثل هذه المُناسبات..

وفي تقديري أنّ المُشكلة ليست في بيع (الفلل الرئاسية).. فذلك قَرارٌ صَحيحٌ تماماً.. بل المُصيبة من الأصل في تشييد الحكومة لهذه الفلل وامتلاكها..

لا أعرف الحَيثيات التي بُنيت عليها فكرة امتلاك الحكومة لمجموعة (فلل) مُتواضعة – جداً – (وهي لا رئاسية ولا يَحزنون) وأُطلق عليها كلمة رئاسية من باب التفخيم وربما لتبرير الأموال الضخمة بالعُملة الصعبة التي أُهدرت في تشييدها لاستقبال القادة الأفارقة والعرب في مؤتمري القمة الأفريقي ثم العربي في العام 2006..

هذه (الفلل) المُتواضعة شَكلاً ومَضمُوناً والمُكلِّفة مَالاً ومَوقعاً.. ظَلّت خاوية لا يشغلها أحدٌ، بل تُكلِّف حراستها وصيانتها الخزانة العامّة أموالاً إضافيةً، إلى أن بيعت إلى جهة أخرى – كيف؟ لا ندري – واستقر بها الحال حالياً سكناً لأعضاء البعثة الدبلوماسية الأمريكية بالسودان..

لا أعرف دولة أخرى غير السودان تفترض أنّها في حاجة لحي من (الفلل) لاستضافة القادة الأجانب.. فقد قُدِّر لي أن أكون شاهداً على قمة الهند وأفريقيا التي عُقدت في نيودلهي نفس هذا الشهر من العام الماضي.. وحضرها أكثر من خمسين من رؤساء الدول الأفريقية والمُنظّمات الدوليّة.. وكلهم استوعبتهم الفنادق التجارية التي يمتلكها القطاع الخاص الهندي.

في تقديري أنّ الحكومة عليها أن تخطو أكثر في هذا الاتجاه.. فتبيع كل (الاستراحات) الحكومية في مدن السُّودان كَافّة.. هل تصدقوا أنّ كل وزارة أو إدارة أو هيئة حكوميّة لديها في كل مدينة من مُدن السُّودان استراحة خَاصّة لاستضافة منسوبيها.. وبحساب بسيط كلفة امتلاك وصيانة هذه الاستراحات أكبر كثيراً من ما قد تنفقه هذه الجهات الحكومية لو استضافتهم في الفنادق التجارية.. بل – وهو الأهم – إنّ وجود هذه الاستراحات الحكومية أحد أكبر مُحبطات صناعة السِّياحة الداخلية في السُّودان.. فالقطاع الخاص لا يستطيع الاستثمار في تشييد الفنادق والمُؤسّسات السِّياحيّة طالما أنّ الحكومة مُصرّة على التعامل فقط مع الاستراحات الخَاصّة بها..

لو أصدرت الحكومة قراراً بالتخلص من هذه الاستراحات فهي تكسب قيمة هذه الأصول المُهدرة.. وتمنح القطاع الخاص فرصة أفضل في الاستثمار وتطوير الفنادق..

مدينة مثل بورتسودان.. فيها أكثر من عشرين (استراحة حكومية) فارغة مُعظم أيّام العام إلاّ من العدد القليل من زُوّارها من منسوبي الجهة الحكومية التي تمتلكها.. لماذا لا تتخلّص منها الحكومة لتزدهر الفنادق المفتوحة للحكومة وللمُواطنين على حدٍّ سَواء..؟!
التيار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.