على ساحل البحر الأحمر، حيث تحوم القصص القديمة مثل نسمات البحر ليلاً، جلس الصياد سيف على طرف السقالة. كانت الليلة مقمرة، والبحر هادئ، كأن لا شيء قد يعكر صفو المكان. في مثل هذه الليالي، تتراقص أساطير الجنيات والعفاريت في أذهان الصيادين، لكن سيف لم يكن يكترث. كان تركيزه منصبًا على شباكه المملوءة بالأسماك.
بينما كان يتأمل لمعان الماء تحت ضوء القمر، لمح شيئًا يتحرك من بعيد. لم تكن سمكة كبيرة ولا قارب آخر، بل كان… ثورًا! نعم، ثور يسبح ببطء عبر الماء، يقترب منه وكأن البحر صار مرعًى. كانت أنفاسه الحارة تظهر كضباب خفيف أمامه، وعيناه اللامعتان تتابعان الصياد بلا تردد.
في لحظة، تذكر سيف قصص الجن الذي يتخذ أشكالًا غريبة لإغواء البشر. قفز قلبه في صدره، وارتفعت شباكه من يده، واندفع يركض بلا توقف. لم يلتفت إلى الأسماك ولا إلى أدوات الصيد التي تركها وراءه. كان يسمع وقع الماء خلفه، وعندما نظر أخيرًا، وجد الثور يجري نحوه على اليابسة وكأنه خرج لتوّه من كابوس.
في يأسه، اقتحم أقرب بيت، وهو يصرخ: “النجدة! هناك جن في هيئة ثور يطاردني!” استيقظ السكان مفزوعين، وتجمع الرجال مصطحبين عصيهم. وبعد مطاردة قصيرة، تمكنوا من السيطرة على الثور الهائج.
لكن المفاجأة الكبرى كانت حين اكتشفوا أن هذا الثور المسكين لم يكن جنًا ولا عفريتًا، بل كان ناجيًا من باخرة مواشي ترسو في الميناء القريب. تمكن الثور من القفز من على متن الباخرة وسبح في البحر حتى وصل إلى اليابسة.
أما سيف، فلم يقتنع أبدًا بتلك التفسيرات، وأقسم أن البحر أخفى أسرارًا لا يُمكن تفسيرها. ومنذ تلك الليلة، لم يعد إلى الصيد أبدًا، ولم يقترب حتى من طبق سمك.
سودافاكس