الطاهر ساتي : (هوية لوشي)

:: رغم كثافة أحداث وأحاديث (الواقع)، تجتهد بعض الصحف في تأليف أحداث وأحاديث لا تُوجد في واقع الحياة وألسنة المتحدثين ..ويبدو أن الأسبوع الفائت كان إحتفالاً باليوم العالمي للخزعبلات، أوكما يصفها جاري العزيز مصطفى البطل .. بعد تأليف حدث وحديث (علاج السرطان بالرقص)، نجحت صحيفة أخرى في التوغل في نوايا وزير الدولة بالإعلام، وقالت بالخط العريض ( الحكومة تهدد بسحب ترخيص قناة السودانية 24 )، ولكن في نص الخبر لا تجد ذكراً لهذه القناة على لسان الوزير، وتتفاجأ بأن الصحيفة تطوعت بتلميح من شاكلة ( الوزير بيكون قاصد السودانية 24)..!!

:: فالخبر كان (مقدساً) قبل أسبوع، ولكنه صار (مكدساً)منذ أسبوع، أي تٌبعثر الخزعبلات على سطح الصفحة ثم تنسب (ما تشاء لمن تشاء)، ثم تعود إلى دارك تاركاً الرأي العام بين (مطرقة النفي و سندان التوضيح) ..فما الذي يحدث بحيث صار القارئ ينتظر صباح اليوم التالي لتأكيد أو نفي أحاديث البارحة؟.. الله أعلم، ربما تم تكليف مجلس الصحافة ليسد غياب شيخ الأمين – في مسيده – لحين العودة، بحيث لا يملك هذا المجلس وقتاً لمجرد الإطلاع على (الخزعبلات)، وناهيكم عن رصدها وتقويم مسار المهنية بالتوجيه والتدريب ..!!

:: والمهم، جاء في خطاب الوزير بأن قناة لم تلتزم بتخصصها (الإقتصادي)، وقد يتم سحب ترخيصها ما لم تلتزم ..لم يذكر اسم القناة، ولكن هناك صحيفة تكهنت بالإسم في ( النص الخبري)، وليس في زاوية رأي تحتمل التحليل.. وبلا مهنية أو تحري الدقة، شرعت قناة السودانية 24 في الدفاع عن نفسها بتطرف .. وبمنتهى الجهل، أعدت برنامجاً للدفاع عن هويتها (المنوعات).. وسألت الوزير عن أسباب سحب الترخيص رغم إلتزامها بتخصصها (منوعات)..وكان طبيعياً أن تحرج القناة ذاتها – على الهواء مباشرة – حين علمت بأن خطاب الوزير لم يذكرها، ولم يذكر حتى اسم القناة الإقتصادية، وأن تلك الصحيفة (توهمت)..!!

:: ولو أن صحيفة (توهمت)، في إطار اليوم العالمي للخزعبلات، فلماذا لم تكن القناة مهنية بحيث (تسكت)، وخاصة أن الصحيفة لم تكتب إسمها تصريحا بل (تلميحا).؟..لماذا (لبست الطاقية) وتوجست ودافعت عن نفسها – بتطرف ومزايدة – رغم أنها على يقين بأن خطاب وزير الدولة لم يقصدها، وأن تصديقها منوعات وليس إقتصادية ؟..فالإجابة هي (كاد المريب أن يقول خذوني)، أو( الفي بطنو حرقص براهو بيرقص)..فالقناة تعلم أنها قانونياً (غير مدانة)، وتعلم بأن خطاب الوزير (لا يستهدفها)، ولكنها أخلاقياً ( مدانة)، وتعلم أن الرأي العام السوداني يستهدفها بالحق وليس بالباطل ..!!

:: فالأسطوانة التي ظل يرددها وجدي ميرغني والطاهر التوم طوال أشهر تجهيز القناة – حتى صدقناهما وبشرنا بقناتهما – إنها قناة (إقتصادية وخدمية وجادة)، ولن تنافس قنوات المنوعات في هويتها وخارطتها البرامجية..هكذا ظل يعد وجدي والطاهر الرأي العام، فترقبهما المواطن أملاً في (قناة جادة)، أي تتكئ خارطتها البرامجية على قضايا الناس والبلد مع فواصل قصيرة من (المنوعات)..!!

:: ولكن للأسف، كما تجلى حالياً – ترخيصاً وبرامج – فأن هذا الوعد كان خداعاً للصحافة والرأي العام .. رغم مشروعيتها، فأن وراء ظهرهما كانت هوية القناة – المنوعات – مخبوءة، وما نشروها في مواقع التواصل إلا في إطار (الدفاع الأشتر).. وعليه، فلندع الطاهر التوم، فمن شب على شئ شاب عليه، ولكن لماذا ظل وجدي ميرغني يلوح للصحف ويُبشر الناس بهوية غير ( هوية لوشي)..؟؟

الطاهر ساتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.