جنوب السودان.. قصص وشهادات مرعبة

قصص بشعة عن قتل الأخ لأخيه يرويها من فروا من المعارك الدائرة في جنوب السودان، هربا من الموت وطلبا للنجاة، تاركين كل ما يملكون وما أملوا أن يحققوه، في هذه الدولة الوليدة التي تجد نفسها على شفا حرب أهلية.

استمع دانيال هاودن، مراسل جريدة “غارديان” البريطانية، إلى شهادات من فروا والذين التقاهم في جوبا، عاصمة جنوب السودان، فروا بعد أن ظلوا 3 أيام يرون ويسمعون “المجازر” التي تمم هناك.

“الأخ يقتل أخيه”، كما يقول حسن علي، مهندس باكستاني، فرّ لتوه من ولاية الوحدة حاملا معه فقط مشاهدات مرعبة عن حوادث قتل، تتم في حقول النفط الشاسعة التي تغذي كل من دولتي السودان وجنوب السودان.

وقال زميل له: “إنهم يقتلون بعضهم البعض بالسكاكين وبالحجارة”، ثم أشار بيده بحركة تعني أنهم يقطعون الرقاب.

عامل آخر اسمه دابير يروي كيف شاهد أحد المهاجمين وهو يقطع أيدي ضحاياه.

العمال الثلاث أكدوا أن 16 شخصا على الأقل قد قتلوا، ومنهم عدد كبير من المدنيين من جنوب السودان، كما رأوا، وهم في طريقهم إلى مهبط الطائرة في مدينة الوحدة، أكثر من 20 عشة جرى إحراقها بالكامل، وعدد أخر من العشش محترقة جزئيا.

ولاية الوحدة، التي تنتج كميات كبيرة من النفط الخام الذي يعتمد عليه اقتصاد دولة جنوب السودان، أصبحت محور صراع على السلطة بين القوات الحكومية، ومعارضة مسلحة ظهرت مؤخرا.

تكونت هذه المعارضة من سلسلة من الانشقاقات لضباط كبار عن الجيش الشعبي لتحرير السودان، كان آخرهم جيمس كوانغ شول الذي انقلب على الرئيس سلفا كير الجمعة.

دارت معارك طاحنة بين قبائل الدينكا، التي ينتمي إليها الرئيس، والنوير التي ينحدر منها نائبه السابق ريك مشار، الهارب حاليا، في محاولة كل منهما لفرض سيطرته على حقول النفط التي تقوم بضخها شركات صينية وماليزية.

يقول أحد العمال، ويدعى سعيد منصور، إن 4 مواقع للبترول قد اضطرت للإغلاق بسبب المعارك الدائرة حولها.

وبدأت حركة نزوح العمال الأجانب بعد أن تصاعدت وتيرة المعارك إثر نزاع الأسبوع الماضي في صفوف الحرس الجمهوري، سرعان ما تحول إلى حرب شورع واتهامات بمحاولة الانقلاب على الحكم.

ويتم إجلاء العمال على متن طائرات للقوات البريطانية والأميركية، بينما تتعثر محاولات شركات البترول لإجلاء موظفيها.

وقامت الميليشيات التابعة للقائد المنشق بيتر غادت بإطلاق النار على مروحيات للقوات الأميركية، عندما كانت الطائرات في طريقها لموقع للإجلاء قريب من بور، عاصمة الولاية، وأصيب 4 من طاقمها الأميركيين.

ويقول جيمس ماريال أشاك، أحد أبناء قبيلة الدينكا الذين كانوا سعداء الحظ ونجوا بحياتهم، إن صديقه دنج ماجوك، لم يتمتع بنفس حظه.

عندما بدأت الأعداد المتواجدة حول القاعدة الصغيرة التابعة للأمم المتحدة في إطلاق النيران، اضطر جنود قوة حفظ السلام لترك هذه المجموعات تدخل القاعدة.

ثم انخدع أعضاء قوات حفظ السلام ولبوا مطلب المسلحين بجمع نحو 20 شخصا من قبائل الدينكا، وعدد من موظفي الحكومة المحليين في مكان واحد، مع التعهد بحمايتهم من الحشود.

لكن عندما اجتمعوا في المكان المحدد، أطلق عدد من المسلحين النار على قوات حفظ السلام وقتلوا اثنين منها، ثم قتلوا بقية الأشخاص من الدينكا.

نجا ماريال أشاك من الموت عندما قام بالاختباء تحت الجثث، واستطاع أن يتماسك حتى لا تبدر منه أية ردة فعل بعدما دعسه أحدهم.

“لم يكن باستطاعة قوة حفظ السلام أن تفعل شيئا، فلقد كان عدد أعضاء قبيلة النوير كبيرا جدا، بينما كان عدد أفراد قوات حفظ السلام ضئيلا”، حسب أشاك.

في جوبا نفسها، يسود نوع من الهدوء، وبدأت الحياة تعود إلى طبيعتها في أجزاء من المدينة، وفتحت بعض المحلات أبوابها وعاد المدنيون إلى النزول إلى الشوارع التي شهدت منذ أيام قليلة معارك عنيفة بين الفصائل المختلفة.

لكن لا تزال آثار ما حدث واضحة، فهناك دبابة رابضة إلى جانب حافلات تعلوها مدافع مضادة للطائرات بجوار مدخل منزل الرئيس، بينما على بعد أمتار حفرت الرصاصات حفر كثيرة في جدار بيت ريك ماشار الذي تساقطت أجزاء منه.

سكاي نيوز

Exit mobile version