يستحقون القتل

معلوم أن أزمات السودان كثيرة و كبيرة ، والمشاكل التى وقعت على عاتق الشعب جراءها حادة و عميقة ومؤثرة بشكل قوى ، وقد أصبح ليس لنا هم غير مشاكل السودان وكيف تحل ومتى ومن سيحلها ، بالرغم من كونها مشاكل بدائية تجاوزها العالم كله منذ عقود ، ولكن إن قلنا إن الحل لدى الحكومة الموجودة حاليا فنحن نكذب على أنفسنا لأنها هي السبب الأساسي لكل أزمة او مشكلة حدثت منذ أكثر من 27 سنة وحتى الآن ، بل وأي مشكلة يمكن أن تحدث الآن أو في المستقبل ، ومع اأنا جميعا نعلم جيدا كل ذلك ،إلا أننا ما زلنا نقف مكتوفي الأيدي في حالة ذهول واندهاش نتعجب منها ، ومع أنهم يقولون إذا عرف السبب بطل العجب ، إلا أنه وفي حالة السودان هذه كلما عرف السبب زاد العجب .

السيد وزير الصحة الاتحادي قال في برنامج في الواجهة إن المتلاعبين بأموال الدواء (ما مفروض يحاكموا بس .. مفروض يقتلو).وبناء على فتواه هذه فإن الحكومة التى أضعفت الدولة للدرجة التى جعلت المجرمين ينصبون على بنك السودان شخصيا يجب أن تحرق وينثر ناجس عظمها للريح ، على قول شاعرنا التجاني يوسف بشير.

ليست أموال الدواء وحدها قد تم التلاعب بها وليست هي الأموال الوحيدة التي كشفتها لنا الحكومة نفسها ، فقد كشفت ما هو اكثر ،وكم تحدث عنها مسؤولون ووعدونا خيرا ثم انتهى الأمر على لا شيء ، فتلك الأموال اعتبرتها الحكومة مجرد تجاوزات : المعتدون عليها منهم من تحلل ومنهم سوّى الموضوع مع الحكومة بشكل ودي، ومنهم من ستره فقه السترة ومنها ما سكتت عليه .

أموال الدواء ليست بأهم من كل الأموال الأخرى التي يجب أن تجد طريقها الى المواطن ، فهناك من تلاعب بأموال لها علاقة بقوت الشعب أو الزراعة أو الصناعة أوالتعليم أو الأراضي وغيرها الكثير وحتى الزكاة ، فأن كانت الحكومة حريصة بما يكفى على أموال المواطن لما كان هناك تلاعب بكل هذه الأموال ، ولما استطاعت (حشرة) أن تدخل بنك السودان وتفعل شيئا ، وعليه لما وجدت ثغرات جعلت البعض يتلاعب بأموال الدواء ، ولما أصبح للدواء سوق قائم لوحده ، يدخله كل من هب ودب من أجل الثراء السريع ،ولما أصبحت الصحة نفسها مجالا للاستثمار وسوقا مفتوحا لاولاد (المصارين البيض ) ،فهل يعلم وزير الصحة ان كل المتلاعبين بأموال الدواء ليس بينهم مواطن عادي ،فالمواطن العادي يمكن أن يتاجر في المخدرات أو أي شيء يحرمه القانون والشرع دون إذن من أحد ، ولكنه لن يحتال على بنك السودان( المركزي) و يقرب تجارة الدواء ما لم يجد أمامه إشارات خضرا، فهي تتطلب اختراق إجراءات حساسة ليست متاحة لأي مواطن، وعليه ما حدث يثبت ان الحكومة (قاعدة ساكت ) والدولة عمّتها الفوضى تماما .

ان كان وزير الصجة الاتحادي يعتقد أن من تلاعبوا بأموال الدواء ارتكبوا جريمة تستحق أن يقتلوا من أجلها فكثيرون هم من يستحقوا القتل من بينهم مسؤولون، وحقيقة قتل مثل هؤلاء هو أنسب حل ولكن ليس في دولة حكومتها تعمل بفقه السترة والتحلل والتسوية ..

اسماء جمعة
التيار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.