البشير لمجلة الخليج :العصيان المدني فاشل.. و«الجنائية» ماتت

أكد الرئيس السوداني عمر البشير، أن علاقة السودان مع دول الخليج، خاصة دولة الإمارات، تاريخية وقديمة منذ عهد المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حتى توطدت وأصبحت على المستوى الشخصي. وكشف الرئيس السوداني في حوار مع «الخليج» أن حجم الاستثمارات الإماراتية السودانية بلغت أكثر من 4 مليارات دولار، سيما في الفترة الأخيرة التي شهدت تزايداً كبيراً. وأشار إلى أن موقف السودان من الجزر الإماراتية المحتلة ثابت منذ بداية الأزمة، وأكد البشير أن العصيان المدني الذي تداعى له البعض، مؤخراً، كان فاشلاً بنسبة مليون في المئة. وفي ما يلي نص الحوار:

بدءاً حدثنا عن العلاقات السودانية الخليجية، وخاصة دولة الإمارات؟

العلاقات السودانية مع دول الخليج قديمة منذ فترة الاستقلال، منذ أن نالت دولة الكويت استقلالها، حينما رفضت دولة العراق عملية الاستقلال وهددت بدخول الكويت، وقررت الدول العربية إرسال قوات، وكان السودان من أولى الدول التي أرسلت قواتها للكويت، فهي التي فصلت بين الحدود الكويتية العراقية، ولذلك مازال الإخوة الكويتيون، حتى الآن، يتذكرون هذا الحدث الذي انطلقت منه علاقات متميزة وقوية، إضافة إلى ذلك، زيارة المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إلى السودان، حتى تطورت العلاقة، وأصبحت قوية جداً بيننا، كما أن المغفور له، الشيخ زايد، ركز في استخدام السودانيين للمساهمة في بناء أجهزة الدولة المختلفة، فهي أيضاً خلقت علاقات وروابط قوية وتعززت العلاقات إلى وقتها الحالي، ويمكن أن نقول إن الإمارات هي الشريك التجاري الثاني مع السودان، والآن كل الاستثمارات الإماراتية في السودان مؤشرات لعلاقة كبيرة ومتميزة، حيث توطدت وتطورت في البعدين الثقافي والرياضي، وكذلك على المستويين الشخصي والتجاري.

ما تقييمكم لمشاركة السودان في عاصفة الحزم؟

«عاصفة الحزم» قدمت نموذجاً، كون الناس تتفق وتشارك في هذا العمل الكبير المتفق حوله، رغم أن ظروف السودان لم تسمح له بالمشاركة الكبيرة، والآن نحن لدينا لواء كامل من المشاة لمساندة القوات الجوية، إضافة إلى 6 طائرات مشاركة في «عاصفة الحزم».

إلى أي مدى يساند السودان دولة الإمارات في الجزر الإماراتية؟

هذا موقف سوداني أصيل، وللأسف عندما انسحب الإنجليز من هذه المنطقة تم تسليمها إلى إيران، رغم أن فيها جزراً تعود تاريخياً إلى إمارة الشارقة، فهي بكل المقاييس جزر إماراتية، وهذا موقف ثابت للسودان منذ بداية الأزمة.

إلى أي مدى يتم التنسيق بينكم والسعودية في المحافل الدولية؟

لدينا تنسيق كبير ووثيق سواء على المستوى المحلي أو الدولي أو الأمم المتحدة أو المؤسسات المختلفة، المنظمات الإقليمية وجامعة الدول العربية والتعاون الإسلامي، وفي إفريقيا لدينا برامج مشتركة في مجالات مختلفة سياسية وثقافية وتعليمية فيها فائدة وعائد كبير لنا، كما أن المملكة أيضاً لديها علاقات كبيرة مع آخرين، نحن في حاجة لها، لذلك المملكة سخرّت لنا الكثير منه.

كم حجم الاستثمار السوداني الإماراتي؟

حجم الاستثمارات كبير جداً ونقدر حجم الاستثمارات بأكثر من 4 مليارات دولار، لكن خلال الفترة الأخيرة شهدت إقبالاً كبيراً جداً خاصة في المجال الزراعي، وهناك استثمارات أخرى كالكهرباء والموانئ في المناطق الحرة، وكلها مجالات للاستثمارات.

البعض يشتكي من عقبات تواجه المستثمر الأجنبي؟

طبيعة السودانيين وارتباطهم بالأرض فهي واحدة من العوائق الكبيرة التي كانت تواجه المستثمر الأجنبي، لكن الآن وصلنا إلى معادلة وحل في تحديد نصيب وحقوق المواطن السوداني، ومن ثمّ يأتي دور الحكومة في الأراضي المتاحة لها، والتصرف في مجال ملكية الأرض المخصصة للاستثمار، لكن المشكلة الآن التي تواجهنا تحويل العائدات والأرباح، لأننا نمر بظرف اقتصادي بعد انفصال دولة الجنوب وذهاب عوائد بترول الجنوب، لكن نسعى الآن لإيجاد حل، ولدينا كثير من المنتجات الآن أصبحت مرغوبة كالذهب والاستثمار الزراعي، والآن عملنا على إزالة كل العقبات من موانئ، والجبايات على الطرق، وإلغاء الضرائب الزراعية حتى نسهل على المستثمرين.

متى سيتم الإعلان عن حكومة الوفاق الوطني؟

بعد إجازة التعديلات الدستورية، والتي بموجبها سيتم إنشاء منصب رئيس وزراء، وبعد إجازة التعديلات الدستورية ستكون هناك مشاورات حول تشكيل الحكومة.

ما جهودكم لإقناع قوى نداء السودان باللحاق بحوار الوثبة؟

بعد انتهاء الحوار، وصلنا للوثيقة الوطنية المتفق عليها، جعلنا الوثيقة مفتوحة أمام كل القوى، ومنذ انطلاق الدعوة للحوار ظللنا نتواصل، ولجاننا تتحرك بإجراء مقابلات مع بعض القوى، ولكن هناك قوى ممانعة تماماً، ولم تدخل في أي حوار مع الحكومة، هدفها هو تغيير الحكومة، والهدف من الحوار هو كيف يحكم السودان ليس ببرنامج تضعه الحكومة أو أحزاب الحكومة، ويكفي أن المشاركين في الحوار 116 حزباً وحركة غير الشخصيات القومية، وهذا الحوار يعتبر تجربة رائدة لأن كثيراً من الدول الإفريقية تحتاج لمثل هذا الحوار، لأنها تعاني الصناعة الاستعمارية، وبداخلها كثير من التناقضات، والحوار حقيقة يعتبر نموذجاً، لذلك تم تكريمي في القمة الإفريقية الأخيرة في ملابو في المعهد العربي الإفريقي، بسبب الحوار الذي يعتبر تجربة إفريقية يحتاج إليها العديد من الدول لحل كثير من المشكلات.

هناك شكاوى من ارتفاع الأسعار، هل من خطة واضحة للخرطوم لتخفيف الأعباء عن المواطن السوداني؟

نحن محتاجون إلى برنامج إصلاح اقتصادي، وعندما تقارن تجد أن أسعارنا أقل كثيراً مقارنة بدول الجوار، بدليل أن كثيراً من المواد البترولية والسلع الغذائية يتم تهريبها إلى دول الجوار، عبر الحدود الواسعة بسبب عدم وجود حواجز لقفل الطرق، ومنع التهريب. لكن بسبب التضخم والتدهور في سعر العملة عندما كان الاعتماد الأساسي على سعر النفط بعد أن فقدنا 90% من عوائد العملة الأجنبية من النفط، بعد انفصال دولة الجنوب، والأمور تسير بصورة متحسنة وقد هبط التضخم إلى 13% بعد أن كان 60% والأمور تسير بصورة متحسنة لكن مجرد وقت. أمّا عن سعر الأدوية لدينا تأمين صحي يغطي حتى الآن 40%، بجانب برنامج العلاج المجاني الذي يغطي خمس فئات كالطوارئ وعلاج السرطان وغسل الكلى، وحتى الآن لا توجد شكاوى في غسل الكلى، علاوة على ذلك مجانية الولادة القيصرية وعلاج الأطفال دون سن الخامسة، بجانب الأدوية المدعومة، فهي مرتبطة بالأمراض المتوطنة، لكن التسعيرة الغالية التي حصلت أخيراً كانت بسبب خطأ من الجهات المختصة، وهذه ليست صدمة للمواطن السوداني إنما كالصفع على الوجه. ونؤكد أن العصيان المدني الذي تم الترويج له مؤخراً كان فاشلاً بنسبة مليون %، وجميع الناس كانت حريصة على الحضور لعملها، ويوم الأحد الماضي شكل نسبة حضور عالية.

كيف تفسر مستقبل العلاقة مع واشنطن في ظل إدارة ترامب؟

قناعتي أن التعامل مع ترامب أسهل كثيراً من التعامل مع الآخرين، لأنه إنسان واضح، فقد تتعامل مع ناس ذوي وجهين، وهنا مع شخص خطه واضح، فهو يركز على مصالح المواطن الأمريكي عكس الذين كانوا يتحدثون عن برامج الديمقراطية وحقوق الإنسان والشفافية، فهو رجل أعمال يبحث عن المصالح والتعامل معه واضح وأسهل.

أوروبا تعول كثيراً على الخرطوم لتجفيف منابع الهجرة غير الشرعية، هل سلمتم أوروبا بعض عصابات الاتجار بالبشر؟

نحن نبذل جهداً كبيراً جداً في ذلك لأن السودان يعتبر واحداً من الممرات، ونحن كدولة مجاورة لليبيا بعد انفلات الأمن فيها أصبحنا واحداً من الممرات للقادمين إلى أوروبا خاصة من إثيوبيا وإرتيريا ودولة الجنوب وغرب إفريقيا، لذلك نبذل جهداً كبيراً في ذلك، كما بذلنا جهداً في محاربة تنظيم «داعش» الإرهابي، بعد أن حاول إيجاد موضع قدم في ليبيا، ولدينا أكثر من 1000 سيارة لاندكروزر منتشرة في الحدود الليبية في الصحراء لمنع الهجرة غير الشرعية، وقد قمنا بتسليم أحد العناصر بعد معلومات عنه من إيطاليا، يعتبر من أكبر تجار البشر، وننسق مع كل دول الجوار في ذلك، حتى لا يكون السودان ممراً لأي أعمال غير مشروعة والجريمة العابرة.

الاتحاد الإفريقي أرسل لكم مبعوثاً بشأن دولة الجنوب هل لديكم حلول لإنهاء أزمة الدولة الجارة؟

نحن نعلم الكثير عن مشكلات الجنوب، والذي حصل فيه لم يكن مفاجئاً بالنسبة لنا، وعندما فشلت كل محاولات الحل، هم على قناعة بأننا الأقدر على حل مشكلة الجنوب، ونحن لم نمانع، لكن الذين كانوا وراء انفصال الجنوب أرادوا منه أن يكون موطئ قدم لمحاربة السودان، ونحن تأثرنا منه بسبب الأعداد الكبيرة من اللاجئين الذين يأتون إلينا من دولة الجنوب، ولم نمنعهم لأنهم كانوا جزءاً حتى عام 2011 منا والظلم الذي وقع عليهم ظلم بسبب الانفصال وسلوك حكامهم، ولذلك نحن لدينا مسؤولية أخلاقية تجاه المواطن الجنوبي، ولم نتعامل معهم كأجانب أو لاجئين.

كيف تقيم المحكمة الجنائية الدولية بعد انسحاب بعض الدول منها؟

المحكمة الجنائية هي سياسية وللأسف أنشئت من أجل الهيمنة والسيطرة والضغط على الآخرين وواضح من خلال تركيزها الشديد على إفريقيا، ولسوء حظهم، وقعوا في أيدينا وقد تحديناهم من أول يوم، وسعينا لكشف مساوئها، والآن هناك قناعة في إفريقيا كلها، بأنها محكمة مسيسة وفاسدة من خلال الوثائق التي كشفتها مؤخراً لثبوت شهود الزور من خلال 17 مليون دولار، لكشف ثبوت شهود الزور، والآن المحكمة الجنائية ماتت موتاً سريرياً.

العلاقة مع إيران إلى أين؟

العلاقة مع إيران على المستوى السياسي كانت ممتازة، لكن سلوكيات القوى الإيرانية استغلت العلاقة، ونحن بعيدون عن الصراع السني الشيعي، وعندما بدأوا عملية التشيع في بعض الفئات والأفراد كانت بالنسبة لنا خطاً أحمر ولدينا من المشكلات ما يكفينا من صراعات جهوية وقبلية وتمرد. ثانياً عندما احتل الحوثيون صنعاء، قال أحد القيادات الإيرانية، الآن، نحن سيطرنا على أربع عواصم عربية، وهذا ما يؤكد مخطط للسيطرة على دول عربية بعد أن سيطروا على تلك العواصم الأربع، إضافة إلى أنهم يعملون على التمدد التشيعي. ولذلك كان لابد من جهد لإجهاض هذا المخطط الخطر. في نيجيريا الآن وصلوا إلى خمسة ملايين شيعي، إضافة إلى جماعة بوكو حرام التي تتحالف مع جهات، وتقوم بعمليات إرهابية، وسلب بنات المسلمين.

حوار: علي داوود
الخليج

Exit mobile version