سودافاكس – أثار إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد عن اعتزام بلاده افتتاح سد النهضة الإثيوبي الكبير في سبتمبر المقبل، ردود فعل متباينة وتساؤلات حادة بشأن مستقبل الحقوق المائية للسودان، في ظل استمرار إثيوبيا في تنفيذ خطوات أحادية دون اتفاق قانوني ملزم مع دولتي المصب، السودان ومصر.
ورغم دعوة آبي أحمد الرسمية لحكومتي مصر والسودان لحضور ما وصفه بـ”الحدث التاريخي”، فإن الخرطوم التزمت الصمت، دون إصدار أي رد رسمي من رئيس الوزراء كامل إدريس أو وزارة الري، وهو ما اعتبره مراقبون ضعفًا دبلوماسيًا وتقاعسًا عن الدفاع عن ملف سيادي يمس الأمن المائي السوداني.
خبير دولي يحذر: إثيوبيا تشرعن خطواتها الأحادية وتهمّش حقوق السودان
من جانبه، حذّر الدكتور أحمد المفتي، الخبير الدولي في قوانين المياه، من أن إعلان آبي أحمد ليس إلا محاولة لإضفاء شرعية على الخطوات الأحادية التي اتخذتها إثيوبيا منذ بدء مشروع السد عام 2011، محذرًا من أن السد بات يشكل تهديدًا مباشرًا لمصالح السودان المائية ولأمنه القومي.
وأشار المفتي إلى أن إثيوبيا ترفض التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل السد، رغم توقيعها على إعلان المبادئ في الخرطوم عام 2015، كما أنها ترفض فكرة الإدارة المشتركة، ما يؤكد سعيها للسيطرة المطلقة على مياه النيل الأزرق.
سد النهضة يهدد سد الروصيرص ويضاعف المخاطر على السودان
يبعد سد النهضة نحو 15 كيلومترًا فقط عن الحدود السودانية، ويقع على مسافة تقارب 100 كيلومتر من سد الروصيرص، ما يجعل الأخير عرضة لمخاطر كارثية في حال حدوث خلل فني أو فشل في التنسيق. وتبلغ السعة التخزينية الحالية للسد الإثيوبي بين 50 و60 مليار متر مكعب، مقابل 7 مليارات فقط لسد الروصيرص، ما يرفع احتمال الكوارث المائية في حال استمرار غياب الشفافية والتنسيق.
إثيوبيا ترفض اتفاقية 1959 والسودان يواجه التهميش
أكد المفتي أن إثيوبيا لا تعترف باتفاقية مياه النيل الموقعة عام 1959، والتي تمنح السودان 18.5 مليار متر مكعب سنويًا، ومصر 55.5 مليار، معتبراً هذا الرفض انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية التي تنظم إدارة الأنهار العابرة للحدود.
وأشار إلى أن أديس أبابا تجاهلت كافة مطالب السودان المتعلقة بتبادل البيانات الفنية، واكتفت عام 2021 بعرض إرسال مهندسين لمراقبة فتح بوابات السد، وهو عرض رفضته الخرطوم بسبب غياب اتفاق قانوني ينظم العملية بالكامل.
دعوات سودانية ومصرية لتنسيق مشترك ومواجهة التصعيد الإثيوبي
في ضوء هذه التطورات، دعا المفتي إلى تحرك عاجل من السودان، بالتعاون مع مصر، للتوجه نحو المحافل الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي، بهدف وقف ما وصفه بـ”التمادي الإثيوبي في فرض سياسة الأمر الواقع”، التي تهدد السلم والأمن الإقليمي في منطقة حوض النيل.
وشدد على أن انهيار السد، في ظل غياب التنسيق، قد يؤدي إلى كارثة إنسانية ومائية في السودان، مؤكدًا أن الوقت لم يعد يسمح بالمجاملات السياسية، بل يتطلب خطوات حاسمة لحماية الأمن المائي القومي.
سودافاكس
