أولاد الحكومة..!!

بقلم : عبدالباقي الظافر – الصيحة
وقف ترامب بين أنصاره مزهوا بنصر غير متوقع.. قال لهم “للتو استقبلت مكالمة من الوزيرة هيلاري كلنتون تهنئنا بالفوز”.. بعد ذلك قدم الشكر والتقدير للسيدة كلنتون والتي وصفها بالمثابرة التي قدمت خدمات جليلة للامريكان.. ترك ترامب الماضي ووجه خطابا للحاضر ” انا الان رئيساً لكل الامريكان.. حتى الذين لم يصوتوا لي احتاج لمساعدتهم”.. دعى الرئيس المنتخب ترامب الجمهوريين والديمقراطيين والمستقلين للعمل من اجل امريكا.
كنت احد الذين حضروا المؤتمر الصحفي للمهندس ابراهيم محمود نائب رئيس الحزب الحاكم من داخل قاعة الشهيد الزبير..حينما اتيحت لي فرصة سالت الرجل الثاني في الحزب عن تصريحات النائب على ابرسي الذي يمثل احد نواب المؤتمر الوطني..وكان ابرسي قد ناشد رئيس الجمهورية بقيادة انقلاب عسكري وتسريح نواب البرلمان بعد تحفيزهم.. المهندس محمود بنصف ابتسامة قال إن تلك التصريحات تندرج تحت إطار ممارسة النوّاب لحرية التعبير.
لكن ذات الرجل وفي ذات المؤتمر الصحفي توعَّد الصحافة الإلكترونية بالثبور وعظائم الأمور.. بلغة فيها كثير من الغلظة أكد مساعد رئيس الجمهورية أنهم لن يسمحوا لناشري تلك الصحف الإسفيرية بدخول السودان.. ثم ردد تعبير: “ح نقفلهم” المرادف للاعتقال.. واحدة من مبرِّرات الرجل الثاني في الحزب الحاكم لهذه الغلظة أن الصحف الاسفيرية لا تمنح منسوبي حزبه حرية التعبير.. ولكن أين المشكلة.. فحكومتنا لها صحفها ذات التمويل الجيد وجندها الذين يملأون البر والبحر والأسافير.
ذات اللغة الخشنة لازمت الحكومة حينما تصدت لحملة العصيان المدني.. اللسان الحكومي امتد بالنقد حتى لكرة التنس التي يعشقها الإمام الصادق المهدي.. خطاب التخوين والرمي بالعمالة والتهديد بحل الأحزاب طغا على فرحة الناس بيوم إعلان الاستقلال.. صحيح أن بعض مكوِّنات المعارضة تستخدم ذات الخطاب الإقصائي العنيف، خاصة عبر الواجهات الاسفيرية.. لكن مسؤولية الحكومة تتمدَّد باعتبارها الوالي الشرعي لجميع المواطنين.. تستوي في ذلك مسؤوليتها تجاه المؤيد والمعارض والذي بين المنزلتين.
في تقديري ترتكب الحكومة خطأً فادحاً إذا صنَّفت الناس على أساس الولاء.. تحاول الحكومة الآن تضييق الخناق على المعارضين من خارج الحدود فتتربص بهم وتضيِّق عليهم في المعايش.. أغلب هؤلاء المطاردين لا يحملون سلاحاً بل يمارسون معارضة ناعمة متخفيَّة من وراء جدران الـ( Social Media )..عبر هذا الأسلوب لن تقل ضراوة المعارضة الاسفيرية.. التصريحات المستفزّة ستكون بمثابة زيت على لهب.. كل من تحاول أن تصطاده الحكومة سيتحول إلى بطل وتفتح في وجهه أبواب اللجوء إلى بلاد تؤمن بالحريات.. في خاتمة السباق ستجد الحكومة نفسها تحاول تفنيد خطاب عنيف وارد من عظمة لسانها.. وذلك حينما تحاصرها التقارير الدولية في مجلس حقوق الإنسان بجنيف.
بصراحة.. كل يوم بت ازداد يقيناً أن أكبر مهدِّد لأمن الحكومة هم أولادها الذين يرمون مرماها عوضاً عن مرمى الخصم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.