ارتفاع متوالٍ لأسعار الأسمنت والطن يصل إلى “1640” جنيهاً

منذ نحو عام كانت أسعار الأسمنت مستقرة عند حدود “1200” جنيه للطن، ولكن ذلك السعر أصبح غير ثابت بحسب ما يقول تجار ويرتفع بمتوالية ثابتة في وقت كانت فيه أسواق الأسمنت عالميا مستقرة بنفس السعر، مما يجعل التجار والجمهور متسائلا عن أسباب هذه الزيادات المتوالية.

وفي السنوات الماضية في فترة سريان قرار الحظر الأمريكي المفروض على القطاع الصناعي بالسودان عانت صناعة الأسمنت من معوقات متعددة أسهمت مجتمعة في تدني إنتاجية القطاع وأصبح الإنتاج لا يكفي لتلبية سوى نسبة قليلة من حاجة السوق المحلي من الأسمنت كما ارتفعت أسعاره بشكل كبير بفعل الندرة وقلة كميات المنتج وارتفاع تكاليف الإنتاج وكان العام المنقضي أفضل من سابقيه فكميات الأسمنت المنتجة في العام الماضي زادت قليلاً رغم أنها ظلت لا تكفي سوى لتغطية أكثر من الوسط من حاجة السوق المحلي الذي يعتمد بصورة رئيسية على المنتج المستورد نظراً لتدني كميات المنتج المحلي التي بلغت في العام الماضي “3،5” مليون طن وتُعزي وزارة الصناعة أسباب انخفاض المنتج المحلي من الأسمنت إلى الشح المتواصل في مواد الطاقة اللازمة لتشغيل مصانع الأسمنت ومن بينها وقود “الفيرنس”وارتفاع أسعاره بالأسواق عالمياً ومحلياً بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الترحيل سواء لدول الجوار أو للأسواق المحلية مع ارتفاع وتعدد الرسوم المختلفة التي تفرض على صناعة الأسمنت مما أسهم في الإقعاد بالقطاع وعدم تحقيق خطة العام كما هي مرسومة.

وفي العام المنقضي أكدت وزارة الصناعة أن البلاد تنتج ما يكفيها ذاتياً من الأسمنت، وكرر وزير الصناعة، محمد يوسف على ذات القول خلال استضافته في منبر الحديث الأسبوعي بوزارة الإعلام، مؤكداً أن البلاد مكتفية ذاتياً من الأسمنت ولا توجد للاستيراد.

عقب القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الدولة قبل نحو ثلاثة أشهر، والتي قضت برفع الدعم عن المشتقات البترولية، بالإضافة إلى ارتفاع الجمارك بنسبة “130%” قلت بشكل كبير حجم الواردات، واكن الأسمنت بطبيعة من هذه الواردات، وكنتيجة لذلك بات المنتج المحلي فقط هو المتوافر بالأسواق.

لكن الإشكالية أن أسعار المنتج المحلي غير ثابتة، وتتزايد يوما بعد آخر، وهنا يقول متعاملون وتجار بسوق السجانة عن ارتفاع الأسمنت لمبالغ وصفوها بغير المشجعة على الشراء، وقال التاجر “يحيى أحمد” إن طن الأسمنت قفز إلى “1640” جنيهاً، وهو أعلى سعر يصل إليه الطن، مشيراً إلى ركود كبير يضرب السوق، عازياً أسباب انخفاض القوى الشرائية لارتفاع الأسعار، وقال إن هذا الأمر ليس في مصلحة التجار، مشيراً إلى انخفاض معدلات البيع بنحو 30% نتيجة لتباطؤ معدلات الشراء، وقال إن أقصى ارتفاع وصلته أسعار الأسمنت عقب الزيادات الأخيرة ووصل فيه سعر الطن لنحو 1600 جنيه قبل أن تنخفض قليلاً ليصبح “1580” جنيهاً، لافتاً إلى أن غياب الأسمنت المستورد من الأسواق أسهم في رفع أسعار المنتج المحلي لتغطية حجم الطلب، الذي قال إن الإنتاج المحلي لا يكفي لتغطية سوى 60% منه في أحسن الأحوال.

ويرى خبراء ومراقبون للقطاع الصناعي أنه وبالعودة لتبريرات التجار والمتعاملين بالسوق نجدها منطقية لحد كبير، مشيرين إلى أن استصحاب زيادة أسعار المشتقات البترولية، وزيادة أسعار كهرباء القطاع الصناعي، وزيادة أسعار النقل والترحيل التي زادت مرتين، مرة بزيادة أسعار الوقود، ومرة بقرار وزارة النقل القاضي بتخفيف الحمولات للشاحنات، بالإضافة لزيادة أجور العمالة، وكل تلك العوامل جديرة برفع سعر الطن لأكثر من “1640” جنيهاً كما يبرر تجار.

ويعزو صاحب مغلق بالكلاكلة جنوبي الخرطوم سبب إرتفاع طن الأسمنت للأسباب عالية الذكر مشيراً إلى أن المنتج المحلي لا يغطي حاجة الاستهلاك، وقال إن كميات الأسمنت الموجودة وعلى وفرتها فهي أقل من الحاجة الفعلية، منوهاً إلى تقليل شركات الإنشاءات لأعمال المباني بنسبة 30%، وتراجع المواطنين عن تشييد منازل جديدة في ظل ارتفاع تكاليف مواد البناء علاوة على تفضيل المغتربين شراء المنازل الجاهزة عوضاً عن البناء من جديد، وقال إن كل تلك العوامل أسهمت في تقليل حجم الطلب على الأسمنت، وقال إن غياب الأسمنت المستورد من الأسواق أسهم في رفع أسعار المنتج المحلي لمستويات وصفها بالكبيرة، شاكياً من تأثيرات الارتفاع سلباً على حركة السوق وتدني القوى الشرائية، وقال أحمد إن كل المؤشرات كانت تدل على حدوث ارتفاع في أسعار الأسمنت، عازيا الأمر لزيادة تكاليف الكهرباء بنسبة تقارب 30% للمصانع، وزيادة رسوم الجمارك بنسبة 130% للواردات ومدخلات الإنتاج، بالإضافة إلى رفع الدعم عن المشتقات البترولية الذي قال إن أثره السلبي ظهر من خلال زيادة تكاليف النقل والترحيل، وإنتقد خطوة حظر المنتج المستورد مشيراً إلى توقف الكميات الواردة من مصر وقال إن الخطوة غير موفقة لجهة عدم كفاية المنتج المحلي لحاجة الإستهلاك، مستبعداً أن تنخفض أسعاره في القريب العاجل، ورهن انخفاض الأسعار بمعالجة الأسباب الرئيسية التي تسببت فيه.
الصيحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.