- تعرض الطفل المغربي البشير لاعتداء جنسي من قبل 14 شخصاً خلال فعالية “موسم مولاي عبد الله أمغار”، مما أثار غضباً شعبياً واسعاً وسلط الضوء على هشاشة سياسات حماية الطفولة في المغرب.
- دعت جمعيات حقوقية إلى إنزال أقصى العقوبات على المعتدين ووضع تدابير صارمة لحماية القاصرين، بالإضافة إلى إطلاق برامج لحماية أطفال الشوارع وتعزيز دور المجتمع والسلطات في مراقبة الفضاءات العامة.
- أكد ناشطون حقوقيون أن الجريمة ليست معزولة، بل نتيجة لغياب استراتيجية وطنية لحماية الأطفال، مطالبين بتشديد العقوبات الجنائية وإقرار برامج لحماية الأطفال اليتامى والمشردين.
“تنويه: الملخص تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي، يُفضل استخدامه توجيهياً، ويُنصح بالرجوع إلى النص الأصلي لضمان الدقة والتفاصيل.”
هذه الخدمة تجريبية
كان الطفل المغربي البشير (13 سنة)، ابن مدينة اليوسفية، في رحلة ترفيهية لحضور الفعاليات الشعبية “موسم مولاي عبد الله أمغار” بإقليم الجديدة، جنوب الدار البيضاء. لكن الرحلة تحولت إلى مأساة بعد تعرضه للاغتصاب من 14 شخصاً، ما خلّف آثاراً جسدية ونفسية عميقة لدى الطفل الذي يعيش ظروفاً اجتماعية هشة كونه يتيم الأب، ووالدته من ذوي الاحتياجات الخاصة، ويعاني من اضطرابات في الكلام.
وأثار الاعتداء الجنسي على الطفل موجة غضب شعبية واسعة، وأطلق ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملة تحت وسم #كلنا_بشير، ظهر فيها صدمة آلاف المغاربة إزاء ما تعرّض له. بينما تواصل السلطات الأمنية التحقيقات بعد اعتقال خمسة من المتهمين.
وارتفعت أصوات جمعيات حقوقية ومنظمات مهتمة بالطفولة، مطالبة بإنزال أقصى العقوبات على المعتدين، ووضع تدابير صارمة لحماية القاصرين، خاصّة مع تكرار جرائم مشابهة خلال الأسابيع الأخيرة، كان أبرزها في إبريل/ نيسان الماضي، حين قتلت طفلة في الخامسة من عمرها بعد اغتصابها من عمّها، قبل أن يرمي جثتها في حاوية نفايات ببلدة سيدي الطيبي بإقليم القنيطرة، شمال العاصمة الرباط.
ويعتبر رئيس منظمة بدائل للطفولة والشباب (غير حكومية) محمد النحيلي، أن اغتصاب الطفل البشير من 14 شخصاً خلال موسم مولاي عبد الله أمغار بالجديدة، هو “جريمة شنيعة جديدة، لكنّها ليست حادثاً معزولاً، بل يكشف هشاشة سياسات حماية الطفولة في سياق اجتماعي وثقافي يسمح بانتشار مثل هذه الجرائم، ويعيد إنتاج العنف والهيمنة الذكورية، حتّى يصبح جسد الطفل الحلقة الأضعف في سلسلة العلاقات الاجتماعية”.
ويقول النحيلي لـ”العربي الجديد”: “المواسم الدينية والثقافية، مثل موسم مولاي عبد الله أمغار، تشكل فضاءات انتقالية تتراجع فيها الرقابة الاجتماعية، ويزداد فيها تعرض الأطفال، خصوصاً غير المرافقين، للاستغلال والانتهاكات، ما يظهر الحاجة الملحة إلى سياسات وقائية فعّالة لحماية الأطفال، وتعزيز دور المجتمع والسلطات في مراقبة الفضاءات العمومية، لتجنّب تكرار مثل هذه الكوارث. مواجهة الاعتداء الجنسي على الأطفال يتطلب سياسات متكاملة، تعيد الاعتبار إلى الطفولة بوصفها قيمةً إنسانية، وتحمي المجتمع من إعادة إنتاج العنف والهيمنة، ونطالب بإطلاق برامج عاجلة لحماية أطفال الشوارع عبر الرعاية المباشرة والتأهيل الاجتماعي، وتأهيل الفضاءات العامة لتصبح بيئات آمنة للأطفال”.
بدوره، يقول رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان (غير حكومية)، إدريس السدراوي، لـ”العربي الجديد”، إنّ “ما تعرض له الطفل البشير يضع الدولة والمجتمع أمام مسؤولية تاريخية، فإمّا مواجهة هذا الواقع المرير بصرامة، أو الاستمرار في سياسة التجاهل التي تجعل من أطفالنا ضحايا للعنف والاغتصاب والاستغلال. تصدُّر وسم (كلنا البشير) منصات التواصل الاجتماعي يعكس حجم الغضب الشعبي، والصدمة الجماعية أمام جريمة اغتصاب بشعة، وهذه الصرخة الرقمية ليست مجرد تضامن رمزي، بل هي نداء صريح لمحاسبة الجناة، وإنقاذ ما تبقى من كرامة الطفولة”.
ويوضح السدراوي أن “جريمة الاغتصاب التي هزت البلاد ليست مجرد حادث، بل نتيجة طبيعية لغياب استراتيجية وطنية لحماية الأطفال، إذ يعيش مئات الأطفال في الشوارع من دون أي حماية أو رعاية، وهم يتجولون بين خيام المواسم، ويتعرضون لكل أشكال الاستغلال والاعتداء، في غياب أي تدخل من الجهات الرسمية. نؤكّد بوضوح أن المسؤولية لا تقع على الجناة فحسب، بل أيضاً على السلطات، وعلى الجهات المنظمة التي سمحت بتحوّل موسم يفترض أن يكون ثقافياً وتراثياً إلى بؤرة للجريمة”.
ويتابع: “لحماية أطفال المغرب، نطالب بتشديد العقوبات الجنائية على جرائم اغتصاب وهتك عرض الأطفال، ومن دون أي إمكانية للعفو أو التخفيف، وإقرار برامج عاجلة لحماية أطفال الشوارع واليتامى عبر الرعاية المباشرة والتأهيل الاجتماعي”.
وينص القانون الجنائي المغربي على معاقبة أفعال هتك العرض، أو محاولة هتكه في حق كل طفل أو طفلة، بعقوبة السجن بين سنتين إلى خمسة سنوات، وتتضاعف العقوبة في حالة اقتران هتك العرض بالعنف، فيحكم على الجاني بالسجن من عشر سنوات إلى عشرين سنة، أمّا الاغتصاب المرتكب بحقّ فتاة يقلّ سنّها عن 18 سنة، أو العاجزة أو المعوّقة أو الحامل، فيعاقب بالسجن من عشر سنوات إلى عشرين سنة، وتتضاعف العقوبة إذا كان الفاعل من أصول الضحية أو ممّن لهم وصاية عليها.
وكشفت دراسة مغربية سابقة، نشرت في يناير/ كانون الثاني 2023، أنّ حالات العنف تجاه الأطفال المصرح عنها من وزارة الصحة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” في المغرب، ارتفعت بين عامَي 2012 و2018، من 1814 حالة إلى 5069 حالة، وأكدت الدراسة أن نسبة الفتيان الذين تعرضوا للعنف الجنسي شكلت 39%، في حين شكلت الفتيات 61%.
عادل نجدي
العربي الجديد
