قال دبلوماسي أميركي رفيع المستوى إن السودان تعاون مع بلاده بشكل وثيق في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية المعروفة اختصاراً بـ (داعش)، كما تعاون معها في محاربة جماعات أخرى بأفريقيا.
القائم بالأعمال الأميركي يتوسط مدير المعونة والمستشار الاقتصادي للسفارة بالخرطوم..الاثنين 16 يناير 2017..صورة لـ(سودان تربيون)
وقال القائم بالإعمال الأميركي في السودان استيفن كوتسيس إن الحكومة السودانية قدمت مجهودات لمكافحة الإرهاب في جهات عدة، مضيفاً “السودان كان شريكاً في مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية وجماعات أفريقية.. السودان اجتهد لتأمين المداخل التي يستغلها الأرهابيون على الحدود السودانية الليبية”.
وعقد كوتسيس مؤتمراً صحفياً الإثنين في الخرطوم، للحديث عن قرار بلاده برفع العقوبات المفروضة على السودان منذ 21 عاماً، بعد حوار استمر لشهور بين واشنطن والخرطوم حول خمسة ملفات، بينها مكافحة الإرهاب.
وأظهر الدبلوماسي الأميركي ارتياحا لأن السودان بدأ مكافحة الإرهاب داخل اراضيه، وقال إنه يعمل جاهداً لمنع الإرهابين من ايجاد ملاذ آمن بالسودان مستشهداً بتوقيف الحكومة للقيادي بتنظيم داعش “معز الفزاني” الشهر الماضي وتسليمه لتونس.
وقال إن الخطوة أظهرت قدرة الحكومة السودانية على المراقبة والتحرك ضد الإرهابيين، لكن المسؤول الأميركي نفى بشدة أن يكون هناك تعاونا عسكريا مباشرا بين السودان وأميركا في ليبيا أو نيجيريا.
وتنشط في دول فريقية كالكميرون اولنيجر وتشاد المحاذية للسودان جماعة (بوكو حرام) المتشددة، بينما يتمدد في كل من مالي والصومال تنظيم القاعدة ذائع الصيت.
وأعلنت الولايات المتحدة الجمعة، رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان، وقضى القرار بفك تجميد الأموال السودانية المجمدة، وسمح للسودان باستئناف التجارة مع أميركا واستيراد السلع التي كان محروماً منها.
ولم يشمل القرار الأميركي قانون سلام دارفور الذي شرعه الكونغرس وهو ما يجعل السودان موضوعا على لائحة الدول الداعمة للارهاب وبموجب ذلك لن يتمكن من الاستفادة من أية قروض كما لا يمكنه الحديث عن إعفاء الديون.
وأوضح القائم بالأعمال أن قرار الرئيس اوباما برفع العقوبات سيكون فورياً وبعد مضي ستة شهور سيتم إلغاء العقوبات رسمياً اذا واصلت الحكومة السودانية التطور في الموضوعات الخمسة محل التفاوض.
وتابع “فليكن واضحاً للجميع أن رفع العقوبات سيكون فوراً وشاملاً”، مشيراً إلى أن السودان يمكنه الآن شراء قطع غيار القطارات والطائرات، وأكد أن الرخصة العامة تسمح باستئناف التجارة بين البلدين فوراً.
وأضاف “مع أن رفع العقوبات فوري لكن هناك فترة ستة شهور للتقييم والمراجعة، وللإدارة الجديدة الحق في إلغاء أمر رفع العقوبات”.
لكنه أشار إلى أن القرار في ذات الوقت يعطي الإدارة الجديدة فرصة التوسع أكثر في الأمر من خلال رفع العقوبات نهائياً، وزاد “لذلك يتوجب على الحكومة السودانية المواصلة في الطريق الذي بدأته مع أميركا، ومن ثم التوصل لإحلال السلام في السودان”.
واعتبر كوتسيس قرارات الثالث عشر من يناير “بداية لعملية السلام في السودان ودول الجوار”.
وأكد أن واشنطن ستواصل ضغوطها الدبلوماسية على الخرطوم، إذا تطلب الأمر، من أجل تعزيز التقدم في الملفات الخمسة الأساسية اضافة لتعزيز أوضاع حقوق الانسان والعدالة والمحاسبة والانفتاح السياسي ودعم التحول الديمقراطي وانهاء النزاع بدارفور والمنطقتين.
واعتبر القائم بالأعمال ما تم من خطوات نتاجا لعمل دبلوماسي كبير بدأ بزيارة وزير الخارجية السوداني ابراهيم غندور للولايات المتحدة في العام 2015.
وأضاف “تم ابلاغه رسميا أن المفتاح لرفع العقوبات يتعلق بالسلام الداخلي في السودان ومع دول الجوار وعلى رأسها دولة جنوب السودان”، وتابع “عندها تسأل غندور عن كيفية تحقيق ذلك.. ليتم تقديم مصفوفة لخمس قضايا رئيسية”.
وقال إن بلاده “سعيدة بما تحقق خلال الأشهر الستة الماضية، ألا أن هناك الكثير من العمل على الخرطوم أن تقوم بانجازه فيما يتعلق بدارفور والمنطقتين”.
وشدد الدبلوماسي على أن رفع العقوبات أمر معقد، وأن الستة أشهر القادمة ستكون لتقييم الحكومة السودانية ومراجعة أدائها عبر الادارة الأميركية الجديدة بقيادة دونالد ترامب.
وكشف كوتيسس أن عدد من الجهات ستكون مكلفة بمراقبة السودان خلال الفترة القادمة وقال: “سيكون هناك تقرير مشترك يعده كل من وزير الخزانة ووزير الخارجية ومدير المعونة ومدير الأمن القومي”، وأردف “يكون التقرير بناءً على معلومات من مصادر مختلفة تشمل منظمات المجتمع المدني المحلية.. من هنا يستطيع الرئيس الاميركي ان يحدد التطور الذي قامت به الحكومة السودانية”.
وأعلن المسؤول الاميركي، أن قرارات اوباما لا تؤثر على محكمة الجنايات الدولية والمتهمين لديها في جرائم حرب بدارفور، وأن العقوبات الصادرة من الأمم المتحدة تظل في مكانها.
وأضاف “بهذا يمكننا مواصلة الضغط الدبلوماسي والسياسي لدعم التطور في النقاط التي ذكرت لمخاطبة قضايا حقوق الإنسان والعدالة والمحاسبة وفتح الفضاء السياسي ودعم الديمقراطية ومناقشة جذور الصراع في دارفور”.
وأشار استيفن إلى أن القرار لا صلة له بحالة حقوق الإنسان في السودان، وزد “نحن مهتمين بالحريات الصحفية والسياسية في السودان، ونعلم السيرة السلبية للسودان في مجال حقوق الإنسان.. سنظل نضغط على الحكومة للتحسن في تلك المجالات.. نفعل هذا بإصدار النشرة السنوية لحقوق الإنسان”.
وفي إجابته على سؤال حول منع الحكومة السودانية لقيادات المعارضة بتحالف “نداء السودان” من السفر لباريس لحضور اجتماعات لتوحيد المعارضة، وما اذا كانت هنالك اتصالات لبلاده للسماح للقيادات بالذهاب إلى باريس وحضور الإجتماعات خصوصاً وانها تأتي برعاية أميركية، اكتفى المسؤول بالقول “ندرك أن بعض الاشخاص منعوا من السفر وقد عبرنا عن اهتمامنا بذلك للحكومة السودانية”.
وأكد أن المبعوث الأميركي للسودان وجنوب السودان دونالد بوث سيكون حضوراً في اجتماعات “نداء السودان” بباريس، مشيراً إلى أنه سيناقش موضوع المساعدات الإنسانية مع المجتمعين.
المساعدات الإنسانية للمنطقتين
وأعلن الدبلوماسي عن تواصل حكومته مع الحكومة السودانية في قضايا المنطقتين لدخول المساعدات الإنسانية للمتاثرين بالحرب، وتابع “لدينا مصالح في هذا، لأن أميركا هي أكبر الداعميين للمساعدات الإنسانية في السودان ومن اهتمامنا أن نتأكد من توزيع المساعدات بعدل لمستحقيها”.
وأعرب عن أمله في أن يتم التعاون مع مفوضية العون الإنساني خلال الستة شهور المقبلة لتوصيل المساعدات للمنطقتين.
من جهته كشف مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بالسودان، جفري آشلي، عن موافقة الحكومة السودانية على إدخال المساعدات للمنطقتين بواسطة المعونة الأميركية، بينما لا تزال الحركة الشعبية ـ شمال، ترفض ذلك.
وأوضح أن الحكومة ترفض دخول المساعدات من الخارج لخوفها من إدخال الحركة الشعبية السلاح ضمن المساعدات، فيما ترفض الحركة نقل الحكومة للمساعدات لتخوفها من عدم وصول المساعدات لمستحقيها خصوصاً أن المساعدات عبارة عن أدوية.
وقال “الولايات المتحدة ارادت أن تلعب دور الوسيط المضمون لإدخال المساعدات، وافقت الحكومة السودانية وسنتواصل مع الحركة الشعبية في ذلك”.
وتشير “سودان تربيون” الى ان واشنطن اقترحت على الخرطوم ان وكالة المعونة والاميركية والمنظمات الانسانية مستعدين لنقل الأدوية الى أي مطار سوداني داخلي لتتأكد السلطات السودانية من محتوى الشحنة من ثم نقلها للمتضررين في مناطق سيطرة الحركة بجنوب كردفان والنيل الازرق، وهو ما وافقت عليه االخرطوم.