سودافاكس – برز الجوع كسلاح حرب في النزاعات الأخيرة، حيث دفعت الصراعات الدموية ملايين المدنيين نحو انعدام الأمن الغذائي الحاد نتيجة نقص المساعدات الإنسانية والحصار وانهيار البنية التحتية. ويبرز السودان كأكثر الدول تضررًا، إذ تسببت الحرب المشتعلة منذ أكثر من عامين في دفع نحو 20 مليون شخص إلى حافة المجاعة.
وفي كلمته خلال قمة الأمم المتحدة لنظم الأغذية بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا في يوليو الماضي، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش من تفاقم أزمة الجوع عالميًا، قائلاً: يجب ألا نقبل أبدًا استخدام الجوع كسلاح حرب
، مشيرًا إلى أن النزاعات من غزة إلى السودان تشعل الأزمات الإنسانية.
السودان.. من “سلة خبز” أفريقيا إلى بؤرة المجاعة
كان السودان يُعرف سابقًا بأنه سلة خبز شرق إفريقيا، لكنه اليوم يواجه أشد أزمة غذائية في القارة، مع تصاعد المواجهات بين القوات المسلحة السودانية وميليشيا الدعم السريع. المدنيون يتحملون العبء الأكبر للحرب، حيث أجبرت الغارات الجوية وسياسة الأرض المحروقة مئات الآلاف على النزوح المتكرر بحثًا عن ملاذ آمن.
20 مليون شخص يواجهون خطر الموت جوعًا
وفقًا لتقرير المعهد الدولي لبحوث سياسات الغذاء (IFPRI)، يواجه السودان أشد أزمة غذائية في العالم حاليًا، إذ يعاني أكثر من 20 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينما نزح أكثر من 10 ملايين شخص بسبب الحرب، في وقت تكافح فيه وكالات الإغاثة للوصول إلى المناطق المنكوبة.
الحصار يقطع شرايين الحياة
تؤكد جاستين بيكيمال، المديرة الإقليمية لإحدى المنظمات الإنسانية، أن الطرق التجارية الرئيسية إلى دارفور باتت شبه مغلقة، ولم يتبق سوى معبر حدودي واحد مع تشاد، مما يرفع تكاليف النقل ويؤخر وصول المساعدات لأسابيع. وتضيف أن عناصر الدعم السريع يفرضون حصارًا خانقًا على مدينة الفاشر منذ أكثر من عام، ما جعل وصول القوافل الإنسانية أمرًا شبه مستحيل.
ارتفاع الأسعار وتفاقم معاناة المدنيين
مع توقف الإمدادات، قفزت أسعار السلع الأساسية بشكل قياسي، إذ ارتفع سعر القمح بأكثر من 460% مقارنة بالأسعار الوطنية. وأفادت تقارير حقوقية بأن العديد من العائلات في المناطق المحاصرة تعتمد حاليًا على أعلاف الماشية للبقاء على قيد الحياة.
معدلات وفيات مرتفعة وتحذيرات من المجاعة
التقارير الميدانية تشير إلى تسجيل مستويات مجاعة في ولايات شمال وجنوب دارفور، غرب وجنوب كردفان، والجزيرة، والعاصمة الخرطوم. ووفق التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، فإن المرحلة الخامسة تعني أن 20% من الأسر بلا طعام كافٍ، و30% من الأطفال يعانون سوء تغذية حاد، مع وفاة 2 بالغين أو 4 أطفال من كل 10,000 شخص يوميًا.
الهجمات تعرقل وصول الإغاثة
في الثاني من يونيو، تعرضت قافلة إنسانية تضم 15 شاحنة تابعة لبرنامج الغذاء العالمي واليونيسف لهجوم من قوات الدعم السريع في الفاشر، أسفر عن مقتل خمسة عمال إغاثة وإحراق الشاحنات المحملة بالمساعدات الغذائية.
أزمة إنسانية متفاقمة
أوضح خبراء من المعهد الدولي لبحوث سياسات الغذاء أن تدمير البنية التحتية وصعوبة الوصول إلى المناطق المنكوبة يزيدان الوضع تعقيدًا، في وقت تعاني فيه الأسر من نقص حاد في المياه والوقود اللازم لطهي الطعام. وتشير بيانات اليونيسف إلى أن أكثر من 40 ألف طفل في شمال دارفور عولجوا من سوء التغذية الحاد خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025، وهو ضعف عدد الحالات المسجلة في الفترة نفسها من عام 2024.
جهود أممية لوقف إطلاق النار
في 27 يونيو، أعلن جوتيريش استمرار الجهود لإقناع الجيش السوداني والدعم السريع بهدنة إنسانية. بينما استجاب الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش، لهذه المبادرات، لم يصدر أي رد رسمي من قائد الدعم السريع، حميدتي، وسط تفاقم الكارثة الإنسانية خصوصًا في مدينة الفاشر.
سودافاكس
