على الرغم من خروجها عن سيطرة القوات الحكومية السورية منذ حوالي عامين، فإن كل متابع لما يجري في محافظة إدلب، سواء كان من معسكر الرئيس السوري بشار الأسد أو معارضيه، يرى أن الأمور هناك تأتي كما يشتهي الأسد.
في مارس 2015 أصبحت مدينة إدلب بيد “جيش الفتح” الذي يتألف من فصائل معارضة وأخرى إسلامية متشددة على رأسها “جبهة النصرة” التي تحمل الآن اسم “جبهة فتح الشام” بعد إعلانها فك ارتباطها بتنظيم القاعدة.
وخلال أشهر بعد ذلك التاريخ، تمكن “جيش الفتح” من فرض سيطرته على كامل محافظة إدلب بعد سيطرته على آخر القواعد العسكرية للنظام السوري في ريف المحافظة مثل معسكرات الحامدية ووادي الضيف والقرميد والمسطومة.
أصبحت إدلب بريفها ومركز مدينتها خارج سيطرة الأسد، ودخل الميدان السوري بعدئذ ساحة المصالحات التي تقضي بخروج حملة السلاح وذويهم من مدن وبلدات عدة في سوريا إلى محافظة إدلب تحديدا.
وجرت مثل تلك الاتفاقات في أحياء حمص القديمة، وحي الوعر بشكل جزئي، ثم في داريا ومعضمية الشام والتل بريف دمشق، وصولا إلى الأحياء الشرقية لمدينة حلب التي خرج أغلب من حمل السلاح فيها إلى أرياف محافظة إدلب. وكان السؤال عند كل مصالحة، لماذا إدلب تحديدا؟
ما يجري في إدلب اليوم قد يحمل الإجابة الأكثر إقناعا عن الهدف من اختيار الأسد وحلفائه إدلب لترحيل كافة مسلحي المعارضة إليها. فالمحافظة تشهد اقتتالا غير مسبوق بين الفصائل المسلحة على اختلاف أشكالها وإيديولوجياتها.
وهذا الاقتتال هو أقصى ما يحلم به الأسد وحلفاؤه لإنهاء تلك الفصائل دون حتى أن يكلف قواته أو الميليشيات الإيرانية الداعمة له خوض معارك جديدة على جبهة إدلب، مما يدعو إلى التفكير بأن الأسد وحلفاءه قد خططوا لهذا السيناريو بشكل مسبق.
معارك داخلية لا تنتهي
وقد اندلعت يوم السبت اشتباكات عنيفة بين حركة “أحرار الشام” الإسلامية وجماعة “جند الأقصى” في بلدة قميناس بريف إدلب، استخدم خلالها الطرفان أسلحة متوسطة وثقيلة، وأدت إلى سقوط ضحايا من المدنيين.
وشكلت فصائل سورية معارضة غرفة عمليات تقودها “ألوية صقور الشام” بهدف القضاء على تنظيم جند الأقصى، وتتكون غرفة العمليات من عدة فصائل أبرزها “أحرار الشام” و”جيش المجاهدين” و”صقور الشام” و”تجمُّع فاستقم كما أمرت” و”جيش الإسلام”.
وقبل ذلك دخل مكونان رئيسيان في “جيش الفتح” في معارك داخلية بينهما، حيث تبادلت “جبهة فتح الشام” الهجمات مع “حركة أحرار الشام” في ريف إدلب شمالي سوريا.
وبدأت المواجهات حين هاجمت “جبهة فتح الشام” حاجزين لـ”حركة أحرار الشام” في ريف إدلب، وأسرت عناصرهما، بحجة وجود أسير لها هناك، فيما ردت “حركة أحرار الشام” باعتقال عدد من عناصر الجبهة في ريف إدلب.