كشف تحقيق صحفي لمجلة ميدل إيست آي عن تفاصيل خطيرة تتعلق بتورط مئات المرتزقة الكولومبيين في الحرب الدائرة في السودان، مشيراً إلى أن هؤلاء المقاتلين يتم استقطابهم عبر شركات أمنية خاصة تعمل بتمويل إماراتي، قبل أن يتم إرسالهم للقتال إلى جانب قوات الدعم السريع ضد الجيش السوداني.
بحسب التحقيق، يبدأ المسار المعتاد للمرتزقة من أبوظبي إلى بنغازي شمال ليبيا، حيث تتم مصادرة جوازات سفرهم لإجبارهم على الاستمرار في رحلتهم نحو دارفور. ومع تزايد المخاطر على هذا الطريق، اتجه آخرون إلى مسارات بديلة تشمل مدريد، إثيوبيا، الصومال، وتشاد، وصولاً إلى مدينة نيالا التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
استشهاد أمين عام حكومة ولاية شمال دارفور وزوجته إثر استهداف منزلهما بمسيرة استراتيجية من المليشيا
سقوط طائرة إماراتية تحمل مرتزقة
أفادت تقارير أن القوات الجوية السودانية أسقطت طائرة إماراتية في أغسطس الماضي، كانت تقل 40 مرتزقًا كولومبيًا إضافةً إلى شحنة أسلحة، أثناء محاولتها الهبوط في مطار بدارفور. وقد نفت الإمارات تورطها، فيما التزمت الحكومة الكولومبية الصمت.
الحكومة السودانية رفعت شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي، متهمة الإمارات بتمويل وتجنيد المرتزقة الكولومبيين، معتبرة الأمر تهديدًا مباشرًا للسلام والسيادة الوطنية. لكن أبوظبي نفت هذه المزاعم بشكل قاطع.
مرتزقة كولمبيين سلعة في سوق الحروب
أوضح خبراء أن كولومبيا تحولت إلى مصدر رئيسي للمرتزقة في النزاعات العالمية، بسبب خبرة جنودها السابقة في مكافحة العصابات والمخدرات، إضافة إلى تدني رواتبهم التقاعدية. وهو ما يجعلهم يقبلون العمل مقابل رواتب تتراوح بين 2600 و6000 دولار شهريًا.
أشارت التحقيقات إلى أن كثيرًا من الجنود الكولومبيين تم تضليلهم، حيث وُقعت عقود معهم للعمل في مهام حراسة أو تدريب، لكنهم وجدوا أنفسهم في جبهات القتال داخل السودان.
انتهاكات وجرائم حرب
الصراع في السودان أودى بحياة ما بين 20 ألفًا و150 ألف شخص، وأدى إلى نزوح أكثر من 14 مليون إنسان. وتشير تقارير أممية إلى وجود انتهاكات واسعة تشمل عمليات قتل جماعي وعنف جنسي قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
لم تكن هذه المرة الأولى، فقد سبق أن تورط مرتزقة كولومبيون في اغتيال الرئيس الهايتي عام 2021، كما شاركوا في حروب بأفغانستان والعراق وليبيا واليمن، إضافة إلى أوكرانيا.
موقف كولومبيا الرسمي
الرئيس غوستافو بيترو أدان الظاهرة ووصفها بأنها “متاجرة بالرجال”، متعهدًا بسن قانون يجرّم مشاركة الكولومبيين في النزاعات الخارجية. لكنه يواجه تحديات كبيرة في معالجة الأسباب الجذرية التي تدفع الجنود السابقين للعمل كمرتزقة.
يرى محللون أن استمرار تدفق المرتزقة إلى السودان يعقّد فرص التسوية السلمية، ويزيد من غموض المساءلة عن الجرائم، حيث يعمل هؤلاء خارج أي إطار قانوني محلي أو دولي.
